أكثر من 81% ممن في السجون ينتظرون المحاكمة.. المجرم الى جانب البريء و"على عينك يا قضاء"!

من المعلوم أن واقع السجون في لبنان غير إنساني والإحتياجات لا تعد ولا تحصى.. أما مشكلة السجون الأخطر أن نسبة الموقوفين وغير المحكومين تخطت 81%، الواقع الذي لم تشهده أي دولة في العالم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أن الكارثة أيضاً بغياب الفصل بين المحكومين بجنايات وجنح والموقوفين دون محاكمات وذلك نتيجة عدم توافر اللوجستيات وضيق سعة السجون. 

وواقع الحال الآن؛ القاتل ومروّج المخدرات جنباً الى جنب مع من سرق هاتفاً أو لم يسدد مبلغاً مالياً الى جنب من قد يكون بريئاً وينتظر حكم القاضي.. فهل باتت السجون مسرحاً لتخريج "المجرمين"؟

وبظل هذه المشهدية، تحثُّ رئيسة "جمعية نضال لأجل الإنسان"، ريما صليبا، المعنيين على "ضرورة الإسراع بمعالجة هذا الملف من خلال عودة القضاة الى تفعيل عملهم وتحكيم ضميرهم، عبر تسريع المحاكمات"، إذ "من الضروري أن يتحدد مصير هؤلاء الموقوفين وتتابع ملفاتهم والبت بأحكامهم"، وفق صليبا.

وبغياب التصنيف بين المحكومين بجنح وجنايات داخل السجون من جهة ومشاركة الموقوفين "زنزاناتهم" في ظل الجمود في المتابعة القضائية، يحتم ذلك دق ناقوس الخطر لما لذلك من تبعات إجتماعية ونفسية لاحقة. وهنا، تسأل صليباً: "ماذا يتعلم الموقوف وماذا يكتسب، خصوصاً أن من بين الموقوفين أبرياء وموجودين طوال هذه الفترة بين محكومين، أيضاً وكيف يُردّ إعتباره؟"

ومن جانب آخر، تؤكد صليبا أهمية التأهيل النفسي داخل السجون، إذ أنه "بظل الواقع الموجود من إكتظاظ وظروف صعبة يزداد الإحتقان النفسي وتتضاعف المشاكل والإضطربات النفسية، ما يدفع الى التخوّف مما سيرتكبه السجين عند خروجه من السجن"، مشددة على أن "السجون يجب ان تكون مراكز لإعادة التأهيل وليس مقابر للأحياء".

السجون والإنفجار 

ومن ناحية أخرى، إن أي إشكال فردي في لبنان بين إثنين من المساجين، أكان موقوفاً أو محكوماً، كفيل بأن يتوّسع ويتسبب بإصابات جسدية وإحداث بلبلة، إذ أن الإكتظاظ المترافق مع الظروف المعيشية والنفسية الصعبة يولّد الإنفجار بين الفينة والأخرى. ومع إشتعال الأزمة الاقتصادية يزداد عجز الدولة بتأمين الإحتياجات الضرورية للسجون، كما تتكبد فاتورة كبرى على المآكل والمشرب والطبابة، إذ يسهم تسريع المحاكمات في تذليل أرقام أصفار الفاتورة الإستشفائية وما يصرف على المآكل والمشرب وما الى ذلك.

وتدعو صليبا الى "ضرورة توفير الحد الأدنى من الظروف اللائقة وان تبادر الدولة لوضع ملف السجون بسلم أولوياتها لما يترتب على ذلك من تداعيات إجتماعية لاحقة وإعادة الإعتبار لكرامتهم بالدرجة الأولى وتوفير الحقوق البديهية من صحة وطبابة ومأكل ومشرب"، وتضيف: "للأسف في لبنان وبظروف ملف السجون، أضحت البديهيات لأبسط ظروف العيش هي الأولوية". 

في سياق متصل، تلفت صليبا الى أن "الخطورة تكمن في حالة الضغط والإحتقان التي تسيطر على الحياة داخل السجون، ما يعرّض حياة السجون جميعاً الى أخطار، لما قد ينتج عنها إشكالات كما التي شهدناها مؤخراً، والتي من الممكن أن تؤدي لما هو أبعد وأخطر"، معتبرةً أنه "يجب أن تُعالج هذه المسائل من جذورها وليس بإطار ترقيعي، تحسباً للأسوأ الآتي".

وتختم صليبا: "إن كل ما يعيشه السجناء اليوم من قهر وظلم يتحمل مسؤوليته الجسم القضائي في لبنان، الذي تخلى عن لعب أهم دور أقسم عليه ألا وهو العدالة واسترداد حقوق الناس".

قد يكون من بين الحلول المقترحة تخفيض السنة السجنية، إنما السؤال: بالورقة والقلم، ما هو تأثير تخفيض السنة السجنية للمحكومين على نسبة الإكتظاظ والفاتورة المالية والذين لا تتعدى نسبتهم 19% من ما يقارب 8500 سجين؟ 
لا شك أن الإجابة برسم القضاء أولاً قبل وزارة الداخلية والحكومة؟