أموال أقلّ من 10 لبنانيّين تفوق حصّة لبنان من صفقة القرن!!!

ولكن أبعد من السؤال عن فضح ما إذا كانت تتعلّق بشخصيات، أو بأموال على مستوى مصرفي مؤسّساتي بالفعل، فإنه لا بدّ من الإشارة الى ضرورة التأكُّد من مصدرها الحقيقي، ولماذا تمّ تحويلها الى الخارج؟ وإذا كان الحديث عنها من قِبَل رئيس مجلس النواب نبيه بري أسبابه سياسية أو لا؟ لا سيّما أننا في بلد يحيا من "الشحادة" وعليها، ويقبّل الأيدي والأرجُل، ويحشّد لمؤتمرات دعم تفرض عليه شروط الدول المانحة! 

مصادر داخلية؟

ملياران و300 مليون دولار، حُوِّلَت الى الخارج، في زمن يشكّل فيه رؤية دولار واحد "هجنة"، وفي بلد ترجّح بعض التقديرات التي يتحدّث عنها خبراء المال والإقتصاد، أنه (لبنان) يحتاج الى 5 مليارات دولار للخروج من أزمته، حالياً!

فإذا كانت أموال شخصيات أو جهات لبنانية معدودة، والتي قد لا تكون "وسخة" المصدر والأهداف، (ونحن لا نُطلق اتّهامات بحقّ أي أحد أو أي جهة) تبلغ نسبتها نصف كميّة الأموال التي يحتاجها لبنان من أجل الخروج من أزمته في الوقت الرّاهن، فلماذا لا يتمّ تأمين المبلغ المتبقّي من مصادر داخلية، عبر القليل ممّا تمتلكه بعض الشخصيات اللبنانية صاحبة الثروات التي تتحدّث عنها قوائم "فوربس" وغيرها؟ ألا يُمكننا في تلك الحالة أن نساعد أنفسنا بأنفسنا، بنسبة كبيرة؟ 

توزيع عادل؟

ألا تشكّل كلّ تلك الأموال المتوفّرة للبنان من عدد من أبنائه الأثرياء، باباً للخروج من عنق الزّجاجة؟ وهنا نسأل أيضاً، ألا تشكّل كل تلك الأموال، أحد أسباب الأزمة التي وصل إليها البلد، انطلاقاً من أنها دخلت خزائن "الثراء الفاحش" لبعض الشخصيات (حتى ولو كان من الباب المشروع)، بدلاً من توزيعها في شكل عادل، على جميع اللبنانيين؟

وكيف تمكّنت بعض الشخصيات من الحصول على تلك الأموال؟ ألا يجدر بالقضاء اللبناني أن يعلم ذلك؟ وهل إن راتباً شهرياً (حتى ولو كان رقمه مرتفعاً) يمكّن صاحبه من امتلاك المليارات، بعد سنوات معدودة؟ 

"صفقة القرن"...

وحتى ولو كانت تلك الأموال تأتي من مصادر "حلال"، أو تمّ جنيها من أعمال ونشاطات مشروعة في الداخل أو الخارج، أفلا يجدر بأثرياء البلد تقديم ولو القليل ممّا يمتلكونه لبلدهم الذين استفادوا ويستفيدون منه الى اليوم، من أجل إخراجه من أزمته؟

وأكثر. نجد أن "صفقة القرن" التي يكافحها الجميع على "تويتر" وعلى وسائل التواصل الإجتماعي، ومن خلال إصدار بعض البيانات، رصدت للبنان ما نسبته 6 مليار و325 مليون دولار، تقريباً. أفلا يُمكن لأثرياء البلد، وللّذين يمتلكون أموالاً لا تأكلها النيران (غير مشروعة، أو حتى مشروعة، ولا نتّهم الجميع بالفساد والسرقة)، أن يضخّوا بالقليل منها، فيمكّنون بلدهم من الحصول على أكثر من 6 مليار دولار، ليُكافح ما يختصّ به من "صفقة القرن"، ولينجح أيضاً في أن "يزمط" من برامج "صندوق النّقد الدولي"، بدلاً من الصّراخ للحفاظ على السيادة، دون تقديم الآلية الممكّنة من ذلك؟ 

لماذا؟

شدّد الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة على "ضرورة توضيح ملابسات تحويل تلك الأموال، من حيث لماذا حصل ذلك؟ ومن قام به؟".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "بعض المعلومات المتداولة في شأنها تُظهر أنها ليست كلّها مهرّبَة، بل تمّ تحويلها الى الخارج لبضاعة اشتراها تجار، فيما قامت المصارف بتسديد الثّمن، وهو ما يعني أنها  Crédit documentaire. وبالتالي، فإن وضعها قانوني".

ورأى أنه "بناءً على ذلك، يظهر أن هذه الأموال شرعية، ولا تتعلّق بمبالغ منهوبة. وانطلاقاً من هنا، لا مشكلة تتعلّق بها. فالأموال غير المنهوبة يبقى صاحبها حرّ التصرُّف بها. ولكن التوضيح يبقى ضرورياً أيضاً". 

حرّ!؟

ورداً على سؤال حول إمكانية تعويم لبنان حالياً بأموال من أكبر المتموّلين فيه، أجاب حبيقة:"هذا غير ممكن لأن اقتصادنا هو اقتصاد حرّ. ففي ظلّ هذا النوع من الأنظمة الإقتصادية، تبقى الحريّة لكلّ شخص بالتصرُّف بأمواله كما يريد، ولا يُمكن إجباره على تقديم بعضها، ولا على تقييد حركة تحويلها الى الخارج أو الإبقاء عليها داخل البلد".

وأضاف:"لم تَكُن لدينا مشكلة أموال في لبنان، ولا مرّة. ولكن بعض ما يُبَثّ حالياً عن أوضاع المصارف والفوضى المنتظرة، لا تخرج عن إطار الشائعات. ولكنها ستزول، لا سيّما بعدما يتمّ تبيان أن الأمور ليست سيّئة الى الدّرجة التي يتمّ الحديث عنها".

وختم:"يتوجّب الحَذَر من أن يكون الكلام الذي يتناول الأوضاع المالية، سياسياً. ومن هنا، يجب توضيح كلّ الأمور بالطُّرُق الرسمية الصحيحة، في هذا الإطار".