استقالة بيفاني.... تعاطي الحكومة معها يعبر عن أسوأ حالات اهتراء السلطة وهزالة ادارة الدولة!

ناقش مجلس الوزراء بالامس موضوع البت باستقالة مدير عام المالية آلان بيفاني الذي حضر الجلسة، وعرض اسباب استقالته والتي تحدث عنها تفصيليا في مؤتمره الصحافي الذي اعلن فيه الاستقالة. وهو اصر عليها خلال الجلسة. وحمّل القوى السياسية الموجودة في الحكومة مسؤولية استقالته وعدم الدفاع عنه وقال: «ما حدا دافع عني وعن خطة الحكومة ولا عن الارقام المالية الحكومية للخسائر كما يجب».

وذكرت معلومات القصر الجمهوري والسرايا، أن دياب حاول أقناع بيفاني بالعودة عن استقالته وكان حتى مساء امس الاول على اتصال به لكن من دون جدوى. كما ان عددا من الوزراء طالبوه بالرجوع عن استقالته اضافة الى رئيس الجمهورية، نظرا لضرورة وجوده في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فيما طلب عدد قليل من الوزراء قبولها. واقترح وزير المال غازي وزنة التريث بقبول الاستقالة او رفضها.وبعد المداولات، جرى التصويت فقرر مجلس الوزراء التريث في قبول استقالة بيفاني باكثرية الثلثين (11 صوتاً).

وقال الرئيس دياب: بناءً على طلب الوزارة، دعونا المدير العام وعلم ان وزير الصحة سأل عن أسباب استقالته، أما بيفاني الذي كان قد اعد كلمة مكتوبة فقد تلاها وتتضمن أسباب الاستقالة شارحاً الصعوبات التي واجهته في موضوع تقرير التفاوض مع صندوق النقد الدولي وشكا من ان الحكومة لم تدافع عن خطتها بشكل قوي وسجل ملاحظات حول عمل مجلس النواب.

وقالت المصادر ان هناك أسئلة طرحت على بيفاني من الوزراء عماد حب الله وطارق المجذوب وماري كلود نجم ومنال عبد الصمد وزينة عكر وغادة شريم ورمزي مشرفية ودميانوس قطار، وقد أجاب بيفاني، وقال بعض الوزراء ان هناك دفاعاً عن الخطة، وبعد ذلك غادر بيفاني ودار نقاش في المجلس، هناك من الوزراء ممن طلب رفض الاستقالة، وأشار بعضهم إلى توقيت الاستقالة في الوقت الذي يخوض فيه لبنان مفاوضات مع صندوق النقد المالي في هذا الوضع المالي الصعب، وطلب بعض الوزراء استفسارات عمّا ذكر في الإعلام وضرورة التدقيق به خصوصاً انه تمّ الكشف عن معطيات مهمة، كما اعتبر وزراء ان انسحابه من مفاوضات صندوق النقد له تداعياته، وهذا أمر مقبول وبيفاني عضو في الوفد اللبناني، وله دوره الأساسي في اعداد الخطة.

وحدها وزيرة الإعلام طلبت البت بالاستقالة التي أصرّ عليها ودعت إلى احترام ارادته، وهي قالت للصحافيين انها تتفهم كيف ان موظفاً ادارياً كبيراً عمل لسنوات في الإدارات يشكو من التعب، وخلال النقاش، طرحت 3 أفكار، اما التريث بقبول الاستقالة، أو القبول بها أو رفضها.

ودرست هذه الخيارات، وكان نقاش حول ان إصرار بيفاني على استقالته قد يؤدي بعد شهرين على اعتبارها مقبولة حكماً. وتدخل وزير المال قائلاً أنا الوزير المعين واطلب التريث وليس رفض الاستقالة.

وكانت استفسارات أيضاً عمّا يترتب من التريث في قانون التوظيف، وبعد الاطلاع على مواد القانون من كبار الموظفين، تقرر التريث في بت الاستقالة بعد التصويت على هذا الخيار الذي يحتاج إلى الثلثين. وصوت 11 وزيراً مع هذا القرار.

ووصفت مصادر سياسية تعاطي مجلس الوزراء مع موضوع استقالة المدير العام لوزارة المال الان بيفاني على النحو الذي تم تداوله في وسائل الإعلام بأنه يعبر عن أسوأ حالات اهتراء السلطة وهزالة ادارة الدولة، لانه مهما كان شأن الموظف وموقعه الوظيفي لايمكن التعامل معه بهذا الأسلوب الوهن والمتراخي، بل يجب قبول استقالته على الفور بعد استنفاد محاولات ثنيه عن الاستقالة وضرورة توجيه تانيب وظيفي له لتصرفاته المسلكية المخالفة بالادلاء بتصاريح ومقابلات اعلامية بدون الاستحصال على اذن رسمي من وزير المال كونه مايزال موظفا ويخضع لموجبات القانون ما لم تقبل استقالته رسميا بعد.

ولفتت المصادر إلى ان التبريرات التي أعلنت للاستمرار بتعليق استقالة بيفاني من قبل مجلس الوزراء غير مقبولة، وهي تؤشر بوضوح إلى حالة العجز التي تحكم عمل مجلس الوزراء والمظلة السياسية التي تحمي المدير العام للمالية في ممارسة مهماته الوظيفية بابعادها السياسية لحساب البعض كما ظهر في أكثر من مناسبة، على حساب مصلحة الدولة العليا.