الأسد أطلق غراباً فوق المياه اللّبنانية...عقد إيجار يمنح الجولان لإسرائيل لمدّة 100 عام؟!

تماماً مثل الغربان التي تتجمّع حول الجِيَف، هكذا بدا حديث الرئيس السوري بشار الأسد عن احتمالات أي مفاوضات سورية - إسرائيلية، معتبراً أن الشرط الرئيسي لعقدها هو استرجاع الأراضي السورية كاملة، وهو ما يعني أنه رفع ورقة الجولان من جديد، بُعَيْد إعلان لبنان عن اتفاق إطار لبدء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل حول ترسيم الحدود البرية والبحرية جنوباً، بوساطة أميركية ورعاية دولية.

فما هو الهدف من إعادة إقحام المسار "السلامي" السوري - الإسرائيلي، ولو من باب الأفكار، في المشهد الإقليمي العام، عشيّة بدء تحريك مصير الحدود الجنوبية للبنان، رغم علم الأسد نفسه قبل سواه بأن مكانة سوريا في تعويم أي سلام عربي - إسرائيلي تراجعت، وربما سُحِبَت من التداوُل، بسبب اختياره التموضُع الى جانب إيران أكثر من العرب، منذ وقت طويل؟

وهل ان إيران التي أفلتت الحدود اللبنانية الجنوبية من يدها جزئياً، تعود الى الإمساك بها، والى إنهاء المفاوضات في شأنها قبل أن تبدأ، من بوابة الجولان، لا سيّما أن الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلّة يربط كثيرون مصيرها النهائي، بذاك الذي سيحكم مستقبل الجولان، إذ تتعامل إسرائيل معها على أساس أنها سورية وليست لبنانية؟

 

أول دولة

رأى مصدر مُطَّلِع أن "مواقف الأسد لن تنعكس بالضّرورة على مفاوضات الترسيم اللبنانية جنوباً، بقدر ما انها ترتبط بجوّ مسار السلام القائم بين الدول العربية وإسرائيل، خصوصاً أن كلامه في هذا الإطار أتى خلال مقابلة صحافية، وليس في خطاب رسمي".

واعتبر في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "حديثه ينسجم مع واقع أن سوريا كانت أول دولة أقامت سلاماً أمنياً حقيقياً مع إسرائيل، منذ عام 1974، وذلك بعد "حرب تشرين" (عام 1973). فالجولان كان أكثر جبهة عربية محتلّة آمنة، بينما استعاضت دمشق عنه (الجولان) بلبنان وجنوبه لمواجهة تل أبيب".

 

"وديعة رابين"

وشدّد المصدر على أن "التحاق سوريا بمسار السلام مع إسرائيل هو قرار سابق، يعود الى أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد، عندما حصلت مفاوضات سورية - إسرائيلية مباشرة، برعاية أميركية، كان قائدها وزير خارجية سوريا آنذاك فاروق الشرع، لمدّة، فيما قادها لفترة أخرى رئيس هيئة أركان الجيش السوري (آنذاك)، حكمت الشهابي. وتمّ التوصُّل الى ما سُمِّيَ "وديعة رابين" في ذلك الوقت (وهي نوع من التزام من قِبَل رئيس الحكومة الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، تحدّث عن الإنسحاب من الجولان، مقابل معاهدة سلام سورية - إسرائيلية).

وأكد أن "شكوكاً كثيرة تُحيط بأي سلام سوري - إسرائيلي دون تسوية حول الجولان، ولو من ضمن طروحات كان تحدّث عنها البعض بالفعل سابقاً، ومن بينها أن يكون (الجولان) ملكاً لسوريا، وأن تُبرِم دمشق "عقد إيجار" مع تل أبيب حوله، مدّته 100 عام، يُعطى خلالها لإسرائيل بموجب هذا العقد. ولكن ذلك يحتاج الى تفاهم على صيغة معينة حول الملكية والإدارة، وهو يرتبط بالسلام العام في المنطقة".

 

انتهى

وأوضح المصدر:"إعادة الجولان الى سوريا بموجب "وديعة رابين" هو خيار سابق انتهى، خصوصاً أن تل أبيب كان قرّرت ضمّه الى أراضيها في أيام رئيس الحكومة الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن. وأعادت تأكيد هذا المسار مع رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، الذي حصل على تثبيت أميركي لملكية إسرائيل على الجولان. وبالتالي، إعادته (الجولان) الى سوريا من ضمن شروط تفاوُض تقليدية بات من سابع المستحيلات، بحسب المعطيات القائمة حالياً".

وختم:"أي اتّفاق حول الجولان يرتبط بتقييم إسرائيل لمردود هذا الأمر على مصلحتها وأمنها. فعلى سبيل المثال، قرّرت تل أبيب بموجب "صفقة القرن" ضمّ غور الأردن الى أراضيها، ولكنها وجدت في وقت لاحق أن مصلحتها تقوم على وقف هذه العملية مقابل السلام مع الإمارات والبحرين".