الأفق الرئاسي مقفل

رئاسياً، السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة تزايد الحراكات حول الملف الرئاسي في هذه الفترة: ماذا بعد أن دارت هذه الحراكات دورتها على الاطراف السياسية وانتهت الى النتيجة المعلومة سلفاً، اي الفشل في فتح الطريق الرئاسي؟ هل سيُكتفى بهذا القدر، أم أنّ حراكاً غير منظور سيبرز من مكان ما، ليجرّب حظّه ويدور الدورة ذاتها، ويسمع اسطوانة المواقف ذاتها، وتكرار العناوين والمفردات والاشتراطات ذاتها، والهرطقات ذاتها، والمزايدات ذاتها، قبل أن يلتحق في نهاية الأمر بنادي الفاشلين في فتح الطريق الى انتخابات رئاسة الجمهورية؟

مصدر سياسي مسؤول يوَصّف المشهد الرئاسي بـ«الساقط سياسياً»، ويقدم لـ«الجمهورية» ما بَدا انه «قراءة مقفلة» لهذا المشهد، حيث يقول: كلّ الحراكات استنفدت؛ الخارج أدى قسطه للعلى، واعترف بكل صراحة ووضوح ان ليس في إمكانه ان يفرض رئيساً على اللبنانيين، كما ليس في امكان احد أن ينوب عنهم في اختيار رئيسهم، ليوصي في نهاية حراكه بأنّه لا يرى رئيساً للبنان الّا ثمرة للتوافق بين الاطراف السياسية، وهو ما أكدت عليه اللجنة الخماسية، وكذلك فعلَ جان ايف لودريان في زيارته الاخيرة، من دون ان تلقى الخماسية او لودريان اي تجاوب حقيقي مع مسعاهم».

أما الداخل، يضيف المصدر المسؤول عينه، فيُصاب بين الحين والآخر بنوبات حراكية محدودة القدرة والمفعول، يدرك القائمون بها مسبقاً انّهم مهما اندفعوا وتحمّسوا وجاهدوا لفتح ثغرة في الجدار الرئاسي، لن يقدروا على ما لم تقدر عليه الدول في بناء مساحة مشتركة ضمن خريطة توازنات سياسية ونيابية قائمة تتحكّم ببعض زواياها نزعة التحكم والالغاء والاستعلاء، وكَسر كل ما يمكن أن يفتح سكة التلاقي والتوافق، حتى ولو كان هذا التوافق يشكل الوصفة الوحيدة لمعالجة ازمة الفراغ واستعادة هيبة رئاسة الجمهورية ومكانتها وموقعها.

ويخلص المصدر في قراءته الى القول: الأمل في انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور مقطوع نهائياً، صارت الحلبة الرئاسية أشبَه بمقبرة للحراكات والمبادرات والوساطات. علماً ان الطريق الاقرب الى انتخاب رئيس للجمهورية حَدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو سلوك طريق التوافق، عبر حوار او تشاور قصير الامد، لتوفير غطاء سياسي لنصاب جلسة الانتخاب، وكذلك للانتخاب، ومن دون ذلك تطويل في عمر الازمة والفراغ.