الجامعة أسيرة التعاقد.. في انتظار التفرغ!

تواجه الجامعة اللبنانية معضلة تتعلق بأساتذتها المتعاقدين الذين تبلغ نسبتهم بين الكادر التعليمي 70 في المئة تقريباً، وبينهم من بلغ عدد سنوات تعاقده 10 أو 12 سنة، فيما دخل إلى الجامعة متعاقدون جدد في احتصاصات مختلفة بسبب النقص الذي أحدثته إحالات التقاعد، وهجرة آخرين أو ترك الجامعة. في الوقت الراهن لا يمكن للجامعة أن تستمر من دون حل مشكلة المتعاقدين على الرغم من أن التعاقد ليس جديداً، لكنه كان في مراحل عدة ملفاً سياسياً بامتياز وحتى طائفياً، بفعل التدخلات في شؤون الجامعة والتي حملت في طياتها الكثير من التوظيف والتنفيعات.

يُعتبر المتعاقدون بالساعة عصباً أساسياً في الجامعة، وبينهم الكثير من الكفاءات، إذ أن التفرغ يجب أن يسبقه التعاقد وفق ما هو معمول به، ولذا كل القرارات التي تتخذها رئاسة الجامعة حول الكادر التعليمي تمر عبر التعاقد، فإذا تقرر اليوم حجب بدل الانتاجية عنهم وحصرها بالملاك والتفرغ، سيؤدي ذلك إلى أزمة لا يمكن حلها من دون إجراءات مقابلة أو قرارات تتعلق بالمتعاقدين، علماً أن عدد أساتذة الجامعة اللبنانية بين متفرغين ومتعاقدين وملاك ومدربين، يبلغ 6700، وعدم انصاف 3350 متعاقد قد يُدخل الجامعة في مأزق هي بغنى عنه.

بدل الانتاجية لم يكن يُمنح في السابق لكل المتعاقدين، وبالتحديد أولئك الذين ليس لديهم نصاب 200 ساعة، وهو أحد الاسباب التي دفعت إلى الغاء الانتاجية وحصرها بالمتفرغين والملاك الذين سيمنحون حوافز مالية وبدلات إضافية من صندوق التعاضد ترفع راتب الاستاذ إلى 1700 دولار من دون أن ينسحب على تعويضات نهاية الحدمة.

وأمام هذا الأمر تعجل رئاسة الجامعة في انجاز ملف التفرغ بعدما تبين ان عدد المحالين إلى التقاعد تجاوز الألف حلال السنوات الاربع الماضية، وبالتالي لا بد من ملء الفراغات. وبعد انتهاء الجامعة من تحديد الملاكات في الكليات والحاجات المطلوبة، يتوقع وفق الممعلومات أن يرفع ملف التفرغ قريباً إلى مجلس الوزراء عبر وزير التربية لإقراره في جلسة قد تعقد أواخر الشهر الجاري بعد تذليل العقبات المرتبطة بالملف وتأمين كل مقومات إقراره، ما يشكل استقراراً للجامعة، وإن كان سيقسم التفرغ إلى ثلاث سنوات مع حفظ الحقوق، علماً أن الدفعة الأولى ستكون موازية للحاجات بعد حصر الملاكات وعدد المحالين إلى التقاعد.

ينتظر المتعاقدون ملف التفرغ ويطالبون ببدل الإنتاجية وتوضيح عقود المشاهرة بدل عقود المصالحة السنوية، وأيضاً رفع أجر الساعة الذي سيبلغ ما بين 800 الف ليرة للأستاذ المعيد ومليون و200 ألف للأستاذ المساعد ومليون و400 الف للاستاذ، ويناقشون في خيارات تحرك تصعيدي من دون أن يعني التوجه إلى تعطيل الجامعة. فالإضراب في الوضع الراهن يضر بالتفرغ، فيما العقود الصادرة تمنحهم رواتبهم شهرية لكنها لا تتحطى الـ250 دولاراً شهرياً، وتعويضات نهاية حدمة بعد التقاعد، وهي أيضاً تبقى محدودة إذا كان المتعاقد الذي يبلغ عدد ساعات عقده 300 ساعة، فلا يحصل فعلياً على أكثر من 3 آلاف دولار سنوياً.

وإذا كانت رئاسة الجامعة ومعها رابطة المتفرغين، ركزا على ترتيب أوضاع اساتذة الملاك، في ما يتعلق بالانتاجية، فإن ذلك لا يعني ترك المتعاقدين لمصيرهم وفق ما تقول أوساط في إدارة الجامعة، فالهدف الاساسي هو ضبط العملية التعليمية والإدارية في الجامعة، وهو يشمل المتعاقدين بعد تفرغهم. وتفيد المصادر أن تعاميم رئاسة الجامعة حول منع السفر للاساتذة والزامية الحضور إلى الكليات، هي لتعزيز التعليم والانتاجية ومكافحة التهرب ومعالجة بعض حالات الفساد عبر الالتزام بقانون التفرغ، طالما أنه تقرر دعم الأسستاذ الجامعي ببدلات مالية مقبولة رغم انها لا تقارن بالرواتب قبل الأزمة المالية. ويبدو أن القاعدة التي تنطلق منها رئاسة الجامعة في غياب مجلسها، هي توفير مقومات صمودها واستمراريتها، وإن كانت تحتاج إلى نقاش في تصويب مسار الجامعة ككل.