الجامعة اللبنانية تقوم على أكتاف الأساتذة المتعاقدين: لماذا خائفون؟

أدى قرار رئاسة الجامعة اللبنانية بمنح أساتذة الملاك في الجامعة بدلات إنتاجية تصل إلى 650 دولاراً بالشهر، إلى امتعاض الأساتذة المتعاقدين، لأنهم حرموا من بدلات الإنتاجية لقاء رفع أجر ساعاتهم.


استياء الأساتذة
الجامعة اللبنانية تقوم على أكتاف الأساتذة المتعاقدين الذين يبلغ عددهم نحو 3300 متعاقد، لا سيما أن مجموع أساتذة الملاك لا يتجاوز 1600 أستاذ. وأتت بدلات الإنتاجية التي خصصها وزير التربية للأساتذة، بالتوافق مع رابطة الأساتذة المتفرغين ورئاسة الجامعة، لتصب الزيت على النار. فالمسألة لم تقتصر على حرمان الأساتذة المتعاقدين في الجامعة من بدلات الإنتاجية وتعزيز الشقاق بين المتفرغ والمتعاقد، بل إن بدلات الإنتاجية (300 دولار) شملت جميع الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي. ما كرس مقولة الشتاء والصيف تحت سقف واحد في كيفية تعامل وزارة التربية مع المتعاقدين.
ورغم أن أساتذة الملاك مستاؤون من قرار بدلات الإنتاجية على اعتبار أنها حولتهم إلى موظفين مياومين وملزمين بالحضور بشكل يومي إلى الجامعة، إلا أن الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية يعتبرون أن ظلماً كبيراً لحق بهم لعدم خصّهم بالإنتاجية. وتناقل أساتذة الملاك رسائل على الواتساب تعبر عن استيائهم من رئيس الجامعة، ليس لناحية قرار إلزامهم بالحضور اليومي فحسب (اعتبروا أن الأمر بمثابة سجن لهم)، ورسائل أخرى حول التسريبات بأن رئيس الجامعة بسام بدران طلب تقارير من مديرية الأمن العام لمعرفة حركة سفر الأساتذة خارج لبنان، معتبرين أنها أساليب بوليسية.

ظلم يلحق المتعاقدين
أما الأساتذة المتعاقدون فيشيرون إلى أن ظلماً كبيراً لحق بهم بحرمانهم من بدلات الإنتاجية، رغم أن قرار إعطاء أساتذة الملاك بدلات الإنتاجية، الآنفة الذكر، ترافق مع رفع أجر ساعة المتعاقد نحو أربع مرات. لكن الخوف منعهم من الاعتراض والمجاهرة بالظلم اللاحق بهم. فهم ينتظرون إقرار ملف التفرغ، ويخافون من الوشاية، ووصول أسمائهم إلى إدارة الجامعة، فتكون النتيجة حرمانهم من التفرغ الموعود. وبالتالي، يقتصر اعتراضهم على مجموعات الواتساب الصغيرة الموثوقة. وكانت النتيجة أن سكت الأساتذة عن الاعتراض بشكل علني عن ظلم وزارة التربية ورئاسة الجامعة لهم بعدم خصهم ببدلات الإنتاجية.
ويشرح الأساتذة أن إدارة الجامعة أغدقت عليهم وعوداً بأن تصبح عقود عملهم عقود مشاهرة، أي تلقي أتعابهم شهرياً، بعدما كانت عقود مصالحة لا يقبضون بدلات أتعابهم إلا مرة كل سنتين. لكنهم لا يثقون بتحقق هذا الأمر نظراً لتجارب السابقة بهذا الشأن.

عقود المصالحة لم تقبض بعد
ويلفت الأساتذة إلى أن عقود المصالحة لأستاذ برتبة أستاذ يعلّم نحو 250 ساعة بالسنة نحو 27 مليون ليرة. وثمة وعد بأن يتم ضرب المبلغ ثلاث مرات، عملاً بقرارات الحكومة برفع أجر ساعات المتعاقدين. ما يعني أن دخل الأستاذ طوال العام الدراسي الفائت لن يزيد عن ألف دولار في حال صدقت الوعود. أما بعد قرار رفع أجر الساعة، وحرمانهم من بدلات الإنتاجية، فلن يزيد مدخول الأستاذ السنوي عن أربعة الاف دولار، وفي حال صدقت الوعود بتلقي أتعابهم شهرياً. هذا فيما بات مدخول أستاذ الملاك الشهري أكثر من 1500 دولار، كما يقولون.
ويحتج الأساتذة على هذا القرار لأن أساتذة الملاك، الذين لديهم عدد ساعات تعليم أقل منهم، سيتلقون مساعدات من صندوق التعاضد وبدلات إنتاجية من وزارة التربية وسبعة رواتب كمساعدة اجتماعية. أما هم، ورغم أن الجامعة تقوم على أكتافهم، تكتفي رئاسة الجامعة بمضاعفة أجر ساعاتهم أربع مرات إضافية على مضاعفتها لثلاث مرات العام الفائت: كان أجر الأستاذ برتبة أستاذ نحو 110 آلاف ليرة قبل الأزمة وتضاعف ثلاث مرات العام الفائت، ووفق القرار الجديد سيضاعف أربع مرات إضافية. 

ويضيف الأساتذة أنهم لم يتلقوا أتعاب عقود السنتين الفائتتين إلى حد الساعة. وفي حال لم تصدق وعود جعل عقودهم مشاهرة، سيقبضون عقد العام الحالي بعد سنتين ولا ضمانة بأن تكون قيمته الشرائية ذات شأن يذكر.

القرار أفضل للمتعاقدين؟
المدافعون عن قرار رئاسة الجامعة حول رفع أجر الساعة عوضاً عن دفع بدلات إنتاجية يشيرون إلى أن القرار أتى لينصف كل المتعاقدين. فالأساتذة الذين لديهم عقود بأقل من مئتي ساعة لم يحصلوا على بدلات الإنتاجية العام الفائت. وفيما لو أقرت بدلات إنتاجية للعام الحالي كانت ستتبع القاعدة عينها ومن دون حصولهم على بدلات إنتاجية لمدة 11 شهراً مثل أساتذة الملاك. بل تكون محصورة بأشهر التعليم الفعلية.
وتضيف المصادر، هناك العديد من الأساتذة لديهم عقود بأقل من مئتي ساعة، والعديد من الأساتذة لديهم عقود في فصل واحد. ما يعني أن الأوائل لن يحصلوا على الإنتاجية فيما الآخرون يحصلون على إنتاجية لمدة ثلاثة أشهر. لكن مع رفع أجر الساعة يستفيد الجميع. إلى ذلك، يستطيع الأستاذ تعليم ساعاته في يوم واحد بالأسبوع، ما يمكنه من العمل خارج الجامعة والتعاقد مع مؤسسات خاصة.
ووفق المصادر، بعد إقرار عقود المشاهرة سيستحق المتعاقدون تعويضات نهاية الخدمة في حال التقاعد. ويحتسب التعويض وفق أجر الساعة الجديد. بينما في حال بدلات الإنتاجية وبقاء سعر الساعة القديم تكون تعويضاتهم ضحلة.
صحيح أن العديد من الأساتذة، الذين يدرسون في الفصلين الدراسيين سيظلمون من حرمانهم من بدلات الانتاجية، لكن القاعدة وضعت لمساعدة كل المتعاقدين سواسية.