الحرب والتمويل: بدء العام الدراسي غير محسوم بالرسمي والخاص

مصير العام الدراسي المقبل، الذي يفترض أن ينطلق بعد نحو ثلاثة أسابيع في القطاع الخاص ونحو شهر في القطاع الرسمي وفي الجامعة اللبنانية، مرتبط بالظروف الأمنية والتطورات العسكرية من ناحية، وبمدى تحقيق وزارة التربية مطالب الأساتذة بزيادة بدلات الإنتاجية من ناحية ثانية.

مشاورات مع وزارة التربية
في القطاع الخاص، يفترض أن يبدأ العامُ الدراسي بعد أيام في المدارس التي تعتمد مناهج البكلوريا الدولية، وفي باقي المدارس في النصف الثاني من أيلول. لكن أهالي الطلاب في القطاع ما زالوا يتساءلون إذا كانت المدارس ستفتح أبوابها بموعدها المعتاد، أي لن يتأثر التعليم بالأوضاع العسكرية الحالية. وهنا أكد أمين عام المدارس الكاثوليكية ومنسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر لـ"المدن"، أن الرزنامة المدرسية في موعدها وعلى حالها، لكن هناك ترقباً لما سيتم التوافق عليه مع وزارة التربية. ولفت إلى أن ثمة مشاورات مع الوزارة، التي عليها أن تتخذ القرارات المناسبة، فلبنان في خطر ولا تستطيع المدارس تحمل مسؤولية التفرد بالقرار، بل تلتزم بالتشاور مع الوزارة.

لكن هل هذا يعني أن هناك احتمالاً لتأجيل موعد بدء التدريس؟ أوضح نصر أن الاستعدادات تتم مثل المعتاد لإطلاق العام الدراسي، إنما الظروف الأمنية تفرض نفسها، ووزارة التربية لديها شركاء عالميون، وتستطيع اتخاذ القرارات المناسبة في الظروف الحالية. لذا هناك مشاورات معها للوصول إلى اتخاذ الخيارات الفضلى في هذه الظروف العصيبة.

بما يتعلق بمدارس الجنوب، تنظم وزارة التربية لقاءً تشاورياً في منطقة صور لنقاش تطورات الأوضاع، بالتنسيق بين إدارات مدارس ولجان أهل ولجنة التربية النيابية، يوم الجمعة المقبل. وثمة طروحات تتراوح بين تأجيل انطلاق التدريس في الجنوب لنحو أسبوعين، في انتظار جلاء صورة الأوضاع الأمنية، أو السماح لمدارس الشريط الحدودي التعليم من بعد، وفق ما تؤكد مصادر "المدن". لكن الأب نصر لفت إلى أنه لن تصدر عن هذا اللقاء قرارات بل توصيات. وأوضح أن أهمية هذا اللقاء أنه يستطلع رأي أهل الجنوب، لأنهم يدركون معاناتهم. وبالتالي، سيتم استعراض الوقائع على أرض الواقع والحلول الممكنة لها. وفي حال كان الخيار التعليم من بعد فهذا ممكن. فـ"نحن نريد بقاء أهل الجنوب متعلقين بأرضهم ونرفض سلخهم عن قراهم ونرفض أن يصبح التهجير دائماَ. وإذا كان التعليم من بعد يحل المشكلة مؤقتاً، على أمل أن تكون هناك حلول مستدامة في أقرب وقت، فلا مانع لدينا"، كما قال نصر.

بازار بدلات الإنتاجية مع الحكومة
لا تغيير في الرزنامة التربوية في القطاع الخاص، إلا إذا تفاقمت الأوضاع الأمنية وصولاً إلى اندلاع الحرب. بينما الواقع في التعليم الرسمي وفي الجامعة اللبنانية مختلف، لأن مصيره معلق على المفاوضات التي تحصل بين روابط المعلمين والأساتذة مع وزارة التربية ومع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

يوم أمس الاثنين، صدرت مذكرة عن وزارة التربية حددت فيها بدء الأعمال التحضيرية في المدارس في منتصف أيلول المقبل، لكن لم تحدد الوزارة موعد بدء التدريس. وتقول مصادر متابعة أن وزير التربية عباس الحلبي بادر عن حسن نية في عدم تحديد موعد بدء التدريس، وذلك في انتظار انتهاء المفاوضات مع روابط المعلمين حول بدلات الإنتاجية. وقد التزمت الوزارة بتحديد دوام التدريس في القطاع الرسمي بأربعة أيام، وليس خمسة أيام، أي مثلما طالبت روابط المعلمين.

وتضيف المصادر أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رفض مضاعفة بدلات الإنتاجية (حالياً هي 300 دولار بالشهر) والذريعة أن الكلفة عالية جداً ومالية الدولة لا تستطيع تلبيتها. هذا رغم أن إيرادات الدولة تضاعفت في مقابل ارتفع نسبة تضخم الأسعار. لكن روابط المعلمين سهلت بدء الأعمال التحضيرية، وستبدأ أعمال تسجيل الطلاب بالموعد الذي حدده وزير التربية، إلا أنها أصرت على ربط موضوع بدء التدريس بمضاعفة بدلات الإنتاجية. ما يعني أن طابة انتظام العام الدراسي في ملعب رئيس الحكومة. علماً أن مدير عام التربية وأحد مستشاري وزير التربية حاولا جس نبض الروابط بالقبول بمبلغ يقل عن 600 دولار كبدل إنتاجية، لكن تم رفض الحديث بالموضوع. وجرت مؤخراً محاولات لجرّ الروابط إلى "بازار" التفاوض على زيادة بدلات الإنتاجية لأساتذة التعليم الأساسي إلى 450 دولاراً بالشهر وأساتذة التعليم الثانوي 650 دولاراً بالشهر. وتبين أنها لزرع الشقاق بين الأساتذة وتشتيت صفوفهم، وإفقادهم عنصر الضغط لمضاعفة بدلات الإنتاجية، كما أكدت المصادر.

في مقابل تشدد روابط المعلمين بمضاعفة بدلات الإنتاجية، ثمة عوامل أساسية قد تحسم الأمور ليس لصالح الأساتذة. فبقاء الوضع الأمني على حاله ينعكس في عدم قدرة الحكومة على تأمين الاعتمادات المالية المطلوبة. وتفعيل خطة الطوارئ الوطنية يستدعي إنفاق المزيد من الأموال على الطبابة والنزوح والإيواء. ما يعني أن محدودية إيرادات الدولة تنعكس بعدم إمكانية زيادة بدلات الإنتاجية كما تطالب روابط المعلمين، خصوصاً أن أي زيادة للأساتذة سيقابلها مطالب مماثلة من كل موظفي القطاع العام.