الرئيس البلغاري يزور بعبدا وعين التينة: للبنان الحق في تقرير عودة النازحين

لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الإمكانات المتعددة التي تحملها العلاقات اللبنانية-البلغارية، وتطلعه بشكل خاص "الى اهمية فتح اسواق بلغاريا ابوابها امام الصادرات اللبنانية، والى امكانية استثمارها في قطاع النفط والغاز التي لها فيه انجازات اساسية". وشدد رئيس الجمهورية في خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره البلغاري رومان راديف Rumen Radev عقب المحادثات الرسمية التي أجراها معه قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، على ان مواجهة اعباء النزوح السوري هي مسؤولية دولية مشتركة، لفت الى وجوب العمل سريعاً على وضع حد لمعاناة النازحين، وتأمين عودة آمنة لهم الى بلادهم،  مؤكداً ضرورة تبلور حلول سلمية، توقف دوامة العنف والحروب والارهاب التي اشتعلت في العديد من الدول العربية.

وأبدى عون خشيته من انه اذا بقي الحال على ما هو عليه لجهة بقاء النازحين وفي ظل الوضع الضاغط الذي يعيشه اللبنانيون، ان ينتقلوا باتجاه اوروبا. ولذلك، فإن مساعدتنا تساهم في حل الكثير من المشاكل بالنسبة الى اوروبا، ولبنان يعيش وضعاً اقتصادياً سيئاً قد يؤدي الى صدامات محلية، فكلما ضاقت وسائل العيش، زادت المشاكل."

الرئيس البلغاري اشار من جهته إلى أن نداء بلغاريا على صعيد الاتحاد الاوروبي "هو ايجاد حل سريع للازمة السورية الداخلية كي يتمكن الملايين من الناس الذين غادروا ديارهم الى انحاء العالم  من العودة اليها ، ونحن معنيون بضمان الحالة السياسية التي تسمح بذلك."

وأكد أنه "من الحقوق السيادية للبنان ان يقرر متى في امكان النازحين الموجودين على ارضه ان يعودوا الى بلدهم، وانا اعلم ان لبنان يعمل على ذلك باتجاهين: عن طريق العلاقة المباشرة مع سوريا، والثاني عبر الامم المتحدة، وهو من يقرر اي اتجاه هو الانسب". واعتبر ان بلغاريا تخسر في التأخير بافتتاح خط جوي مباشر مع لبنان، متعهدا افتتاحه في وقت قريب.

وكان الرئيس البلغاري وصل وقرينته السيدة ديسيسلافا راديفا إلى القصر الجمهوري عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، يرافقهما رئيس بعثة الشرف وزير المهجرين غسان عطالله، وكان في استقبالهما رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون. واقيمت للرئيس الضيف مراسم الاستقبال الرسمي التي بدأت بعزف النشيدين الوطنيين البلغاري واللبناني، ثم استعرض الرئيسان عون وراديف ثلة من حرس الشرف.

بعد ذلك، صافح الرئيس البلغاري أعضاء الوفد اللبناني وهم: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الوزير عطالله، سفير لبنان في بلغاريا توفيق جابر، مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدبلوماسية السفير شربل وهبة، رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، والمستشاران رولا نصار، وأسامة خشاب.

ثم صافح الرئيس عون أعضاء الوفد الرسمي البلغاري الذي ضم: سفير بلغاريا في لبنان بويان نيديالكوف بيليف، مدير مكتب رئيس الجمهورية ايفو هريستوف ، وسكرتير رئيس الجمهورية لشؤون السياسة الخارجية نيكولاي ميلكوف، وسكرتيرة رئيس الجمهورية لشؤون الاقتصاد والابتكار يوليانا ديميتروفا، وسكرتيرة رئيس الجمهورية لشؤون التطوير الاقليمي دزفيتا تيميفا، ونائبة وزير الصحة سفتلانا يوردانوفا، ونائب وزير الاقتصاد الكسندر مانوليف، ومدير عام ادارة العلاقات الثنائية في وزارة الخارجية البلغارية بتكو دويكوف، ومسؤول قسم العلاقات العامة في رئاسة الجمهورية البلغارية كيريل اتاناسوف.

بعد ذلك توجه الرئيسان عون وراديف إلى "صالون السفراء" حيث عقدا جلسة محادثات ثنائية أعقبتها محادثات موسعة بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والبلغاري. وتم عرض العلاقات اللبنانية-البلغارية وسبل تطويرها، لا سيما في المجالات الثقافية والاقتصادية وأهمية إقامة خط طيران مباشر بين بيروت وصوفيا، وانضمام بلغاريا إلى الدول القريبة من لبنان لا سيما قبرص واليونان في برامج الرحلات السياحية المتنوعة لا سيما منها السياحة الدينية والثقافية. وكان تأكيد على اهمية تعاون رجال الأعمال اللبنانيين والبلغار في تحقيق استثمارات مشتركة تتناول مختلف المجالات. وشدد الرئيسان على التعاون في المجال الثقافي حيث اطلع الرئيس عون ضيفه على مشروع انشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" فاعتبر الرئيس البلغاري أن لبنان هو نموذج للحوار بين الدول والشعوب. وتطرق الجانبان اللبناني والبلغاري إلى إمكانية جعل بلغاريا نقطة عبور للبضائع اللبنانية إلى أوروبا، مع الحاجة إلى تنظيم مسألة سمات الدخول بين البلدين. واتفق الجانبان على رفع نسبة التبادل التجاري الذي يميل الميزان فيه لمصلحة بلغاريا.

وفي الشأن السياسي أكد الرئيس البلغاري وضع امكانات بلاده كعضو في الاتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان لمساعدته على مواجهة التحديات الراهنة، ومنها مسألة النازحين السوريين والاعتداءات الاسرائيلية.

المؤتمر الصحافي: وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وراديف مؤتمرا صحافيا مشتركاً، استهله الرئيس عون بكلمة جاء فيها: " فخامة الرئيس،

سررت اليوم باللقاء بكم، في مستهل الزيارة الرسمية التي تقومون بها الى لبنان وتشارككم فيها السيدة عقيلتكم. وقد أجرينا محادثات ثنائية وموسعة جيدة وبناءة، منسجمة مع علاقات الصداقة التي تربط بلدينا لا سيما منذ مطلع القرن الماضي، في المجال الثقافي والتربوي، حيث لا يمكنني ان اتغاضى عن ذكر المدرسة اللبنانية في صوفيا والتي تحمل اسم "جبران خليل جبران"، وهي تتبع المنهج اللبناني.

لقد شكّل اللقاء مع فخامة الرئيس راديف، مناسبة للبحث في الإمكانات المتعددة التي تحملها العلاقات الثنائية بين بلدينا، وسبل تطويرها وتعزيزها، لا سيما على الصعد الاقتصادية والمالية. ونحن نتطلع بشكل خاص الى اهمية فتح اسواق بلغاريا ابوابها امام الصادرات اللبنانية، والى امكانية الاستثمار في قطاع النفط والغاز التي لها فيه انجازات اساسية. وتطرقنا في خلال المحادثات كذلك الى ضرورة تشكيل لجنة من اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية تنسق ّمع اتحاد غرف التجارة والصناعة البلغارية، ما يشكّل جسر تواصل دائم بين مختلف شرائح بلدينا، خصوصا اذا ما تم الغاء تأشيرات دخول اللبنانيين الى بلغاريا، وتسيير خط طيران مشترك بين البلدين الصديقين. واغتنمت فرصة هذا اللقاء لأطلع فخامته على المبادرة التي اطلقتها من على منبر الامم المتحدة بانشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" في لبنان، طالبا دعم بلاده لتحقيق هذا الهدف.

اما على صعيد التطورات الإقليمية، كان تركيز على ضرورة تبلور حلول سلمية، توقف دوامة العنف والحروب والارهاب التي اشتعلت في العديد من الدول العربية. واستعرضنا معاً ملف النازحين السوريين الشائك، فأطلعت فخامة الرئيس على الأعباء التي يتحملها لبنان نتيجة وجود اكثر من مليون و800 الف نازح على أراضيه منذ اندلاع الحرب في سوريا، والتي تضاف الى ملف اللجوء الفلسطيني المزمن. واكدت امام فخامة الرئيس ان مواجهة اعباء النزوح السوري، هي مسؤولية دولية مشتركة، ويجب العمل سريعاً على وضع حد لمعاناة النازحين، وتأمين عودة آمنة لهم الى بلادهم.

وفي شأن مرتبط، أكدت لفخامة الرئيس الصديق، ضرورة وقوف بلاده الى جانب لبنان في وجه الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة عليه، وتأكيد حقه باستخراج النفط والغاز ضمن اراضيه ومياهه الاقليمية. وشددت على اهمية الالتزام بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته، والذي تمعن اسرائيل في خرقه، جوا وبرا وبحرا.

كذلك، فقد اطلعت فخامة الرئيس على موقف لبنان القائم على اعتبار أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة اسرائيل على مرتفعات الجولان، بعد اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل، نقض فاضح لأسس القانون الدولي وللاعراف القائمة بين الدول والشعوب وميثاق الامم المتحدة، والتي تنص على سيادة الدول على اراضيها. وهو امر لا يهدّد سيادة دولة شقيقة وشعب شقيق فحسب، بل أيضاً سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضٍ قضمتها إسرائيل تدريجياً، لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر.

فخامة الرئيس،

أجدد ترحيبي بكم وبالسيدة الاولى والوفد المرافق لكم في لبنان، البلد الصديق لبلغاريا. إن بلدكم المحب للسلام، عرف عبر تاريخه معاناة شبيهة بما عاناه لبنان، وخرج منها اقوى. وهو بذلك اليوم خير صديق لوطننا وشعبنا".

ثم ألقى الرئيس البلغاري كلمة جاء فيها: "باسمي وباسم الوفد البلغاري اود ان اشكركم فخامة الرئيس على الدعوة، والامكانية التي اتيحت لنا لزيارة بلدكم الجميل وعلى الحوار المثمر الذي جرى بيننا.

تقدِّر بلغاريا عاليا وتؤيد جهود لبنان وجهودكم الشخصية في سبيل اضفاء مزيد من التوازن والروح البناءة والبحث عن الحلول السلمية للمشاكل الاقليمية. وننظر الى لبنان بصفته شريكا من اهم شركائنا في منطقة الشرق الاوسط، بل بمثابته بوابة لنا الى هذه المنطقة التي لا تسمح دائما بالوصول اليها.

ونقدر عاليا النموذج اللبناني للتسامح الاتني والعرقي والطائفي. هناك مصير مشترك ومتشابه بين بلغاريا ولبنان، وهناك علاقات ثنائية اثبتت بانها قادرة على الاستمرار رغم المصاعب التي مرت بها. ويتذكر اللبنانيون ان البضائع البلغارية ظلت تصل الى  لبنان حتى في اصعب مراحل الحرب الاهلية، وحتى عندما كانت خطوط النار تعبر مدارج المطار، لم توقف شركة الطيران البلغاري رحلاتها الى بيروت.

هذه الحيثيات التاريخية الملائمة، قادتنا اليوم لنبحث عن الامكانيات الجديدة. وقد استعرضنا حالة العلاقات القائمة الآن، ونحن لا نرضى بأن يكون اجمالي قيمة التبادل التجاري بين البلدين 175 مليون دولار. لذا اصطحبنا ممثلين عن الحكومة البلغارية ورجال الاعمال، واتوقع ان نبحث اليوم خلال مؤتمر رجال الاعمال، ولقاءاتي في مجلس النواب اللبناني والحكومة اللبنانية، العديد من الاشكال الجديدة للتعاون، حيث لا يجوز الاستمرار في الاعتماد على التبادل التجاري  فقط، بل علينا ان نبحث عن طرق لتنظيم الانتاج المشترك.

 هناك شركات لبنانية تعمل في لبنان اثبتت جودة عملها. اما بلغاريا فبامكانها ان تفيدكم في انجاز العديد من مشاريع المرافق العامة التي ستتحقق في لبنان. فقد اثبتنا خبرتنا في مجال بناء السدود وانظمة الطاقة، وفي نفس الوقت بامكان بلغاريا ان تكون بوابة لبنان الى الاتحاد الاوروبي، كما ان لبنان بوابتنا الى الشرق الاوسط.

 علاقتنا في مجال التعليم والثقافة والسياحة جيدة تقليديا، ولا ننسى ان اكثر من 1500 لبناني نالوا تعليمهم الجامعي في بلغاريا، وخصوصا في اختصاصات الطب والهندسة، وعدد منهم استقر في بلدنا ويعمل فيه، فيما عاد الآخرون الى لبنان. وعلمت من فخامة الرئيس عون انهم يحتلون مراكز رفيعة في المجتمع اللبناني، وسيكون لي اليوم لقاء مع جمعية خريجي بلغاريا. وكلي ثقة فخامة الرئيس ان تعاوننا في مجال التعليم لن يعود فقط الى المستويات التي كانت عليها في الماضي انما سيتوسع أكثر.

 وناقشنا كذلك المشكلة الكبيرة بالنسبة الى لبنان وهي ازمة اللاجئين، حيث يشهد هذا البلد التركيز الاكبر للاجئين نسبة الى عدد السكان المحليين. لبلغاريا مشاركة فعالة على صعيد الاتحاد الاوروبي في سبيل  تقديم الدعم المالي للبنان، ونحن  سنستمر في تعاوننا في هذا المجال. وسنعمل ايضاً على توسيع سبل التواصل بين بلدينا من خلال النقل، وهذا ما سيفسح المجال امام مواطنينا ورجال اعمالنا لمزيد من التعاون.

مرة اخرى، اشكركم فخامة الرئيس على الدعوة والتبادل المثمر للآراء، وكلي ثقة بأن زيارتنا هذه ستأتي بدفع جديد لعلاقاتنا".

ثم رد كل من الرئيسين عون وراديف على اسئلة الصحافيين من البلدين وسئلا عن النازحين السوريين وتأثيرهم على بلغاريا وكيفية تقديمها المساعدة للبنان لمواجهة المشاكل الحادة.  فأجاب الرئيس عون: "ان المشاكل الحادة لم تنتقل بعد الى بلغاريا، ولكن اخشى انه اذا بقي الحال على ما هو عليه لجهة بقاء النازحين وفي ظل الوضع الضاغط الذي يعيشه اللبنانيون، ان ينتقلوا باتجاه اوروبا. لذلك، فإن مساعدتنا تساهم في حل الكثير من المشاكل بالنسبة الى اوروبا، ولبنان يعيش وضعاً اقتصادياً سيئاً قد يؤدي الى صدامات محلية، فكلما ضاقت وسائل العيش، زادت المشاكل."

اما الرئيس البلغاري فقال: " ابلغت الرئيس عون بمطالبة بلغاريا بتعهد الاتحاد الاوروبي بالمزيد من الجهود لدعم الدول التي تولّد موجات اللاجئين. صحيح ان الدعم المالي مهم لكنه غير كاف، ويجب على اوروبا الاهتمام بسيادة الامن في الدول التي ينزح منها اللاجئون. نحن نتعاون مع لبنان في مكافحة الارهاب والراديكالية والهجرة غير الشرعية والجريمة غير المنظمة، وسنستمر في تطوير هذا التعاون".

وتوجهت صحافية بلغارية بالسؤال الى الرئيس البلغاري عما اذا تم التطرق الى تحسين العلاقات بين البلدين كما طالب رجال الاعمال، وعن الموعد المتوقع لافتتاح خط مباشر بين بيروت وصوفيا فقال: "ذكرت لفخامة الرئيس، انني سأوجه الدعوة الى سفير لبنان في بلغاريا وممثلين عن شركة طيران رائدة في اقرب وقت لبحث هذا الموضوع، علماً ان هناك امكانات كبيرة لافتتاح خطوط طيران مباشرة بين لبنان وكل من اليونان وصربيا ورومانيا. ان بلغاريا تخسر في التأخير بافتتاح هذا الخط الجوي المباشر، لذلك نتعهد الافتتاح في وقت قريب."

وسئل الرئيس البلغاري عن كيفية المساعدة في قضية النازحين واي موقف ستلتزم صوفيا في هذا المجال: الموقف اللبناني ام موقف الاتحاد الاوروبي فقال: ان الدعم البلغاري يتعلق بايجاد القرارات الفاعلة والموحدة للاتحاد الاوروبي، ولكنكم تعلمون ان هناك لاعبين غير الاتحاد الاوروبي على الساحة السورية، مثل روسيا وايران، والاوضاع معقدة، انما نداء بلغاريا على صعيد الاتحاد الاوروبي هو ايجاد حل سريع للازمة السورية الداخلية كي يتمكن الملايين من الناس الذين غادروا ديارهم الى انحاء العالم ومنهم اكثر من مليون لجأوا الى لبنان وفي اوروبا، من العودة الى ديارهم، ونحن معنيون بضمان الحالة السياسية التي تسمح بذلك.

وسئل الرئيس عون عن اقرار خطة الكهرباء امس وموعد تنفيذها ووصول التيار الكهربائي الى اللبنانيين 24/24 ساعة؟

واجاب الرئيس عون: " ان كل مرحلة انتاج تحتاج الى وقت، هناك مسافة زمنية تفصل بين المشروع وبين حصد النتائج. ولكننا اعتمدنا على خطتين متوازيتين: واحدة للانتاج الموقت واخرى للانتاج الثابت. الاولى تحتاج الى فترة نحو ستة اشهر لتحقيق زيادة تدريجية في ساعات التغذية لتصل في وقت لاحق الى 24/24 ساعة."

وسئل الرئيس راديف انه في ظل كلامه عن لاعبين كثر في سوريا، هل على لبنان انتظار الحل السياسي لعودة النازحين فيما هو يدعو الى اعادتهم الى المناطق الآمنة حالياً فقال: "ان العودة الى الدار هو حق مطلق لكل لاجىء، وفي الوقت نفسه من الحقوق السيادية للبنان ان يقرر متى في امكان النازحين المتواجدين على ارضه ان يعودوا الى بلدهم. وانا اعلم ان لبنان يعمل على ذلك باتجاهين: عن طريق العلاقة المباشرة مع سوريا، والثاني عبر الامم المتحدة، وهو من يقرر اي اتجاه هو الانسب. صحيح ان على النازحين ان يعودوا، ولكن يجب ان يتمتعوا بالحد الادنى من الضمانات لحياتهم وامنهم. اما مستقبل سوريا، فبلغاريا تتمتع بامكانات المشاركة في اعادة الاعمار في مجال المرافق العامة والنقل والطاقة، واعتقد ان لبنان يحظى بالموقع الافضل في هذه العملية، ويمكننا ان نتعاون على المشاركة في هذا المجال."

وسئل عون عما يقوله للبنانيين بعد الزيارة التي قام بها الى روسيا واللقاء الذي جرى قبلاً مع وزير الخارجية الاميركي، ومتى يترقب اللبنانيون بوادر عودة الاعداد الكبيرة للنازحين الى سوريا؟ فقال: "لقد زرت روسيا بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى لبنان، وهو تكلم امام الكونغرس عن وجوب عودة النازحين وعن ضرورة حصول هذا الامر. اما روسيا، فهي كانت موافقة على العودة قبل زيارتي الى موسكو، وكانت تقدمت بمبادرة في هذا الشأن. ما نريده هو المزاوجة بين الاقتراحين الروسي والاميركي وآمل ان نصل الى نتيجة في هذا السياق."

السجل الذهبي: وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، دوّن الرئيس البلغاري في السجل الذهبي للقصر الكلمة التالية:

" بالنيابة عن جمهورية بلغاريا وعن الشعب البلغاري، اود ان اعبّر عن تقديري الكبير لكم فخامة الرئيس، وللشعب اللبناني على حسن الاستقبال الذي لقيته من قبلكم وقرينتكم خلال هذه الزيارة المهمة.

اليوم، اود ان ابعث برسالة قوية تتعلق بالتطور المستقبلي وتعزيز العلاقات المثمرة بين بلدينا، في المجالات كافة لما فيه المصلحة المشتركة لبلغاريا ولبنان. ان بلدينا يتشاركان قيم السلام والتعاون والتعايش بين مختلف الاعراق والاديان والثقافات، وكلنا نعلم كلفة القمع والحروب.

السيد الرئيس، سأحمل معي الى بلادي ذكريات رائعة عن بلدكم الجميل وشعبه المضياف، اضافة الى احترامي الكبير وتقديري لحكمتكم واصراركم على تحقيق مهمتكم البالغة الاهمية. انا على ثقة ان التعاون بين بلدينا الصديقين سيستمر في التوسع لما فيه مصلحة كل من لبنان وبلغاريا".

الغداء: واقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس البلغاري وعقيلته، حضرها إلى أعضاء الوفدين اللبناني والبلغاري عدد من النواب وسفراء الدول الأوروبية ورجال الأعمال اللبنانيين والبلغار إضافة إلى كبار المسؤولين والمستشارين في رئاسة الجمهورية.

وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده وقال: " فخامة الرئيس  Rumen Radev السيدة Radeva

اسمحوا لي أن أعرب عن سعادتي وسعادة زوجتي ناديا، بالترحيب بكم في لبنان في زيارة ستسهم بلا شك في تعزيز أطر الصداقة بين بلدينا، وتتيح توسيع آفاق التواصل بين شعبينا.

لقد أجرينا اليوم محادثات بناءة وحيوية، استندت إلى عقود من العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل، لتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون بين بلدينا نتطلع إلى تحقيقها في مجالات تغذي مصالحنا المشتركة.

إن ما أفرزته هذه المحادثات من أطر للتفاهم والاتفاقات، ستكون موضع متابعة من قبلنا لبلورتها ووضعها موضع التنفيذ. وكلي ثقة بأن سبل التشاور في الاهتمامات المشتركة على مختلف مستويات الإدارة السياسية، ستسهم في الارتقاء بعلاقاتنا إلى أفضل مستوياتها، مستندة إلى القيم التي تجمعنا، ومبادىء الصداقة بين الدول.

أرفع كأسي في هذه المناسبة، لأشرب نخب فخامتكم والسيدة عقيلتكم، ونخب الشعب البلغاري الصديق من أجل المزيد من التقدم والازدهار والسلام، محييا الصداقة اللبنانية – البلغارية، ومتمنياً لكم دوام الصحة والتوفيق في مسؤولياتكم على رأس البلاد".

كما شرب الرئيس البلغاري نخب لبنان، وقال: "فخامة الرئيس، السيدة عون، سيداتي وسادتي

أود أن أعرب عن عظيم شكرنا على الفرصة التي اتاحت لنا أن نكون معاً في هذا اليوم. تعلمنا من تاريخنا الذي يمتد إلى آلاف السنين أنه إذا أراد شعبان أن يكونا صديقين، فليس هناك أهمية للمسافة بينهما على الاطلاق. وبالنسبة لنا، ان لبنان ليس مجرد شريك إنما بالنسبة للشعب البلغاري، الشعب اللبناني صديق. ثم ان موقع بلغاريا في قلب شبه جزيرة البلقان، هو كموقع لبنان في قلب منطقة الشرق الأوسط، لذا يلعب لبنان دوراً عظيماً في عملية استقرار المنطقة. ونحن نقدر عالياً الدور الشخصي لفخامة الرئيس عون وجهود الشعب اللبناني أجمع في سبيل حل الأزمات والمشاكل المنتشرة في هذه المنطقة، وإيجاد السلام والاستقرار والازدهار لشعوبها كافة. لنا في بلغاريا مثل مرادف للمثل العربي "الصديق وقت الضيق"، وبعد أن وقفت بلغاريا إلى جانبكم في سنوات الحرب الأهلية سنبقى واقفين معكم حالياً ومستقبلاً كذلك. وليست زيارتنا هذه إلا مجرد خطوة في اتجاه المزيد من تطوير علاقاتنا الثنائية. وأؤكد لكم أننا سنبذل قصارى جهدنا لتكون هذه العلاقات من مصلحة المستقبل الجيد والمشرق لشعبينا.

أرفع كأسي فخامة الرئيس لاشرب نخب صحتكم شخصياً وصحة أفراد عائلتكم، ونخب صحة وتوفيق وإزدهار الشعب اللبناني الصديق ومستقبل صداقتنا."

لقاء السيدتين عون وراديفا: واستقبلت اللبنانية الاولى السيدة راديفا Radeva في حضور قرينة وزير الخارجية والمغتربين السيدة شانتال عون باسيل وقرينة الوزير غسان عطالله السيدة سيلين ومديرة مكتب اللبنانية الاولى السيدة ميشال فنيانوس، إضافة الى السيدة رايا ايفانوفا من فرع المراسم، ونائب رئيس البعثة في السفارة البلغارية السيد اناتولي ديسهيف عن الجانب البلغاري.

في مستهل اللقاء، رحبت السيدة عون بضيفتها، متمنية لها وللوفد المرافق اقامة طيبة في لبنان، مشددة على اهمية هذه الزيارة لناحية توطيد العلاقات اللبنانية-البلغارية، والاطلاع عن كثب على بعض الجوانب الحياتية والاجتماعية والحضارية التي تتميز بها بلغاريا وشعبها.

وقد شكرت السيدة راديفا للسيدة عون على حسن استقبالها وضيافتها، معربة عن سعادتها لزيارتها لبنان، ومتوقفة عند طبيعته الخلابة وما يتمتع به من ميزات فريدة لاسيما من الناحية الحضارية والثقافية، لاحظة اوجه التشابه في هذا المجال بين لبنان وبلغاريا. وتم خلال اللقاء التطرق الى الجالية اللبنانية واللبنانيين الذين يتابعون دراساتهم الجامعية في بلغاريا ودورهم في تعزيز التقارب والتواصل بين شعبي البلدين. كما تم البحث في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً تلك المتعلقة بالشأنين الاجتماعي والانساني وبحقوق المرأة ودورها حيث كان توافق على اهمية بذل الجهود لتحقيق المساواة في المجتمع وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، خصوصاً أن المرأة هي عامود الاسرة وركن اساسي في بناء مجتمع سليم. كما اطّلعت السيدة راديفا على اهم النشاطات التي تقوم بها السيدة عون إن لجهة  إيلائها الاهتمام بالاطفال المصابين بالتّوحد وبذوي الحاجات الخاصة، والجهود التي تبذلها لتحقيق الدمج الكامل لهم في المجتمع، او لجهة دعمها النشاطات المتعلقة بالمحافظة على البيئة لاسيما عبر رعايتها مشروع إعادة التحريج بهدف زرع 40 مليون شجرة في كافة المناطق اللبنانية.

كذلك أثنت البلغارية الأولى على هذه الأهداف والنشاطات التي تضطلع بها السيدة عون، مقدّرة تجربتها الغنية في المجال الانساني والاجتماعي، عارضة لتجربة بلادها في مجال دعم المرأة، وفي عملية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بحالات التوحد وذلك عبر برنامج يدعمه الاتحاد الاوروبي. ولفتت من جهة ثانية الى ظاهرة انتشار الاحباط في المجتمع وقد اصبحت ظاهرة عالمية، وهي شبيهة بحالة التوحد لجهة حاجة المصاب بالاحباط بدعم اسرته والاشخاص الاقرب اليه.

واكدت في هذا المجال السيدة شانتال باسيل على اهتمامها بهذا المرض، متحدثة عن الحملة التي دعمتها للاضاءة عليه وسبل مواجهته، مع التشديد على اهمية عدم الخجل من الاعتراف به وطلب المساعدة للقضاء عليه، لافتة الى ان احد اهم اسباب انتشاره هي الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات وتحديات العصر في ظل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الفرد.

عين التينة: وبعد الظهر زار الرئيس البلغاري والوفد المرافق رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة وتم عرض للعلاقات الثنائية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك بين لبنان وبلغاريا.

وبعدما ودّع ضيفه عند مدخل مقر عين التينة قال بري للصحافيين: كان بحث عام تناول الوضع في المنطقة والوضع اللبناني  سواء كان الوضع الاقتصادي، وموضوع الحدود البحرية والاعتداءات الاسرائيلية. كذلك تناولنا الازمة الناتجة عن قضية النازحين وتبادلنا الاراء حول التطورات الراهنة. وعرضنا الوضع في بلغاريا وعمل البرلمانين في  البلدين.

وعن زيارته للعراق وقطر ونتائجهما المهمة، قال: بقدر ما هي مهمة لا استطيع ان الخصها لكم الآن.

سئل عن جلسة تشريعية اكتفى قائلاً "بعدين، بعدين".

غرفة التجارة: ومن عين التينة انتقل الرئيس البلغاري والوفد المرافق الى غرفة الصناعة والتجارة والزراعة في بيروت وجبل لبنان لافتتاح منتدى الاعمال البلغاري – اللبناني.

 

كذلك أجرى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري محادثات مع الرئيس البلغاري رومن راديف تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

وكان الرئيس البلغاري وصل الي السرايا قرابة السادسة مساء، وكان الحريري في استقباله في الباحة الخارجية، حيث أدت له التحية ثلة من سرية الحرس الحكومي.

بعد ذلك عقدت المحادثات في حضور أعضاء الوفد المرافق للرئيس البلغاري ومستشار الرئيس الحريري الدكتور غطاس خوري، تخللها جولة أفق شملت مسار الأوضاع في المنطقة ولبنان تحديدا.