السفارة الأميركية بين الفيزا والبيتزا

ما أفاد به بيان الجيش اللبناني أمس، هو أنّ مهاجم السفارة الأميركية «يحمل الجنسية السورية». وعلى ما يبدو أنّ هذا الشخص لم يكن يحمل أوراقاً أخرى ذات أهمية مثل مستندات طلب فيزا لدخول الولايات المتحدة الأميركية. ما يعني أنّ لديه أسباباً أخرى للقيام بهذا العمل الذي أدى إلى مقتله. حتى لا يقال إنّ المهاجم مات ومعه أسرار الهجوم، أكد مسؤول أمني لـ»أسوشييتدبرس» أنّ 4 مهاجمين شاركوا في الهجوم على السفارة وأنّ «أحد المهاجمين قُتل وفرّ ثان وأصيب الثالث واعتقله عناصر الجيش». أما الرابع، فهو الشخص الذي نقل المهاجمين إلى المكان وعاد أدراجه إلى المجهول.

ما يفيد التحقيق، أنّ هناك معتقلاً من بين مجموعة المهاجمين. ما يعني أنّ هناك نافذة مفتوحة لمعرفة بعض أسرار هذا الهجوم الذي قض مضجع لبنان الغارق في اضطراب لا مثيل له. ما يثير القلق، أنّ هجوم الأمس لم يكن الأول من نوعه. ففي 21 أيلول 2023 قام مسلح برشاش كلاشنيكوف بأطلاق 15 طلقة باتجاه المدخل الرئيسي للسفارة الأميركية في عوكر. وأفادت الانباء في حينه أنّ توقيت ذلك الهجوم، جاء بعد ساعات قليلة فقط من احياء السفارة الذكرى الـ39 لتفجير السفارة الأميركية في عوكر في 20 أيلول 1984 مودياً بأكثر من 24 قتيلاً معظمهم لبنانيون بعد سنة فقط من التفجير الأكبر الذي دمر السفارة الأميركية في عين المريسة.

كيف انتهى أمر الهجوم العام الماضي؟

بعد 7 أيام من وقوعه، أي يوم الخميس 28 أيلول 2023 ، صدر عن المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي ـ شعبة العلاقات العامّة بلاغ طويل يمكن للراغبين الاطلاع عليه العودة إليه كاملاً. وما يهم اليوم، هو أنّ البلاغ أفاد أنّ الشعبة على مدى خمسة أيام متواصلة، «تمكنت من تحديد هوية الفاعل وتوقيفه بعملية نوعية خاطفة في الضاحية الجنوبية لبيروت- منطقة الكفاءات، ويُدعى: م. م. خ. وأنّ أسباب الهجوم تعود إلى طلبية طعام بصفته سائقاً لدى إحدى شركات التوصيل، وبوصوله إلى مدخل السفارة المذكورة تعرض للإهانة من قبل أحد عناصر الأمن، فقام بتسليم الطلبية وغادر وقرر الانتقام من هذه الإهانة».

لم يذكر البلاغ نوعية «الطلبية» التي حملها المهاجم إلى عوكر. لكن معلومات أشارت إلى أنّها بيتزا. السؤال هو التالي: ما هو البلاغ الجديد الذي سيميط اللثام عن هجوم الأمس؟ ربما جاء النفي المشار اليه أعلاه أنّ «الفيزا» ليست سبباً من قبيل استباق التحقيق. وعليه، لا بد من التريث لمعرفة الأسباب الكاملة على غرار بلاغ العام الماضي. ولربما سترد معلومة «الفيزا».

ما يستحق التنويه، هو التحرك العاجل لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي استدعى على عجل وزير الدفاع موريس سليم إلى السراي لتتبع مجريات الهجوم. ورب ضارة نافعة. فالهجوم على السفارة وضع جانباً العلاقات غير المريحة بين ميقاتي وسليم والتي حفلت منذ شهور عدة بالخلافات التي خرجت إلى العلن مراراً. لكن هذه «الضارة التي صارت نافعة»، أتت ولسوء الأقدار، في وقت واحد مع زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمستوطنة كريات شمونة حيث أعلن أنّ «الأرض احترقت هنا، ونحن مستعدون لعملية قوية جداً في الشمال»، بحسب تعبيره.

اجتمع ميقاتي وسليم وهما المعنيان مباشرة بالجحيم المفتوح في الجنوب ولم تصدر عنهما كلمة على هذا الصعيد. لنبقَ في الفيزا والبيزا، ولا داعي لوجع القلب.