السياسيون صمّوا آذانهم عن التصنيفات الائتمانية السلبية وسماع صرخات الناس: همهم المحاصصة!

كتبت صحيفة الجمهورية: "إنّ التعمّق في صورة الواقع داخلياً ، يُظهر انّ الشعور السياسي بحجم الازمة الاقتصادية ومخاطرها التي تتزايد يبدو شبه معدوم، فالمكونات السياسية في حال انشطار واضح وافتراق حتى على الأساسيات والبديهيات، وكمائنها لبعضها البعض صمّت آذانها عن التصنيفات الائتمانية السلبية، وسماع صرخات الناس. فقط، هي تُهادن بعضها البعض لتمرير تعيينات، يجمّلونها بعنوان الكفاءة، إلّا انها في جوهرها لا تعدو سوى محاصصة، تتقدم على كل الاعتبارات، ويعطّل الاختلاف على هذه المحاصصة المطعّمة بإرادة الاستئثار، تعيينات أخرى مُلحّة في بعض المراكز الاساسية، وفي مقدمتها نواب حاكم مصرف لبنان، والهيئات الناظمة لقطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وغير ذلك. الى جانب انّ تعديل مجموعة من القوانين النافذة، وبعضها ذو بُعد إصلاحي، يساهم في نقل الاقتصاد من حال الانكماش الى الانتعاش.
وما يثير أكثر من علامة استفهام لدى الخبراء الاقتصاديين بالدرجة الأولى، انّ التعاطي السياسي مع الازمة الاقتصادية لا يرقى الى الحدود المطلوبة لمواجهتها. والمُستغرب في رأي الخبراء انه منذ «هجوم التصنيفات» على لبنان، من «ستاندرد اند بورز» والفرصة التي منحتها للبنان للامساك باقتصاده، الى «فيتش» وإسقاطها الرتبة الائتمانية للبنان الى المستوى CCC، لم تُظهر السلطة السياسية سوى بعض العراضات الاعلامية، وخصوصاً حيال مقررات اجتماع بعبدا السياسي الاقتصادي مطلع الشهر الجاري، والتي على أهميتها، ما زالت حبراً على ورق، ولم تتم مقاربتها بأي شكل من الاشكال، وهو أمر أثاره رئيس المجلس النيابي نبيه بري بانتقاده التباطؤ في وضع مقررات بعبدا موضع التنفيذ، علماً انّ هذه المقررات اتخذت آنذاك تحت عنوان إعلان حالة الطوارىء الاقتصادية، التي لم يظهر منها شيء حتى الآن.
وعلمت «الجمهورية» انّ هذا التباطؤ، الى جانب تجاهل مقررات اجتماع بعبدا السياسي الاقتصادي، كانا مثار تساؤل لدى الهيئات الاقتصادية وكذلك في أوساط المجلس الاقتصادي الاجتماعي.
وتقاطع موقف الاقتصاديين حول السؤال كيف انّ توافقاً حصلَ بين القوى السياسية الفاعلة على رزمة أمور بوَصفها وصفة للانعاش الاقتصادي، ومع ذلك لم يطبّق اي منها، كما لم يتم إيراد أيّ منها في متن موازنة 2020؟ وهذا ما أحدثَ صدمة لدى الاقتصاديين، علماً انّ من شأن تطبيق هذه الرزمة ان يقدّم شيئاً من الانتعاش للاقتصاد، وينقل لبنان فعلاً الى مدار «سيدر».

واذا كانت إحالة مشروع موازنة 2020 الى الحكومة وانطلاق مناقشاتها في مجلس الوزراء تعدّ الانجاز الاوحد الذي قدّمته السلطة السياسية، وترى في هذه الموازنة الخالية من أي ضرائب، على حد تأكيد وزير المال علي حسن خليل، فرصة لخفض إضافي للعجز ولوَضع لبنان فعلاً على طريق النمو، الّا انّ اللافت للانتباه هو التشكيك الذي تُحاط به هذه الموازنة من قبل خبراء الاقتصاد في لبنان، الذين يعتبرونها «دون المستوى المطلوب، وقاصرة عن تأمين أي نوع من الاصلاح والانتعاش الاقتصادي».

وكذلك من قبل جهات دولية، منها ما هو مرتبط بـ«سيدر» ومنها ما هو مرتبط بالولايات المتحدة الاميركية، إذ انّ التقويم الاميركي لموازنة 2020، الذي أورَده ديبلوماسيون أميركيون مساء الخميس الفائت أمام ما يزيد عن 20 شخصية لبنانية، جاء انتقادياً لهذه الموازنة، ونَقَله أحد المشاركين في اللقاء لـ»الجمهورية» بِما مَفاده: «لبنان، مع الأسف، يعاني أوضاعاً استثنائية، والموازنة التي تمّ إعدادها لا ترقى الى هذا الوضع الاستثنائي في لبنان».