"الصيفي" نفض عنه حقد تفجير 4 آب... عمل ومقاومة حتى استعادة الدولة وإحقاق العدالة

لا يشبه بيت الكتائب في الصيفي هذا العام، ما كان عليه منذ ثلاث سنوات في 4 آب، حيث نال حصة هائلة من الحقد الذي فجّر مرفأ بيروت، ودمّر العاصمة وقتل خيرة شبابها.

نفض الغبار عن المبنى المُدمّر، وأعيد إعمار ما تهدّم وإصلاح ما أمكن اصلاحه، وجرت بعض التغييرات على بعض تفاصيله، ومكاتبه عبر تحديثها وتجديدها لتواكب العصر الحالي، وعادت الحركة إليه كما كانت قبل وأكثر.

تجدّد البناء وأزيل الخراب، لكن الحسرة والحزن والألم لا تزال كما كانت وأكثر. لا يزال مكتب الأمين العام في مكانه وبتفاصيله كافة، لكن نزار نجاريان الذي ذهب في لحظة الانفجار لم يعد ولن يعود. عادت حركة الشباب إلى المصالح وأجهزة الحزب، لكن جو أندون وجو عقيقي وطوني برمكي ورندا رزق الله لم يعودوا إلى الصيفي ولم يعاودوا نشاطهم الحزبي ولن يفعلوا.

الحسرة لا تقف عند حدود الخسارة الكبيرة التي لا تعوّض، إنما تتجاوزها إلى غضب كبير تغذيه يومًا بعد يوم اللاعدالة التي تمارسها قوى الأمر الواقع، ومعها السلطة السياسية والقضاء ومؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات العالمية وكل من هو معني بمجزرة دمّرت مدينة كاملة وقتلت أكثر من 200 شخص وخلّفت آلاف الجرحى والمعوّقين.

في المقابل، هناك أيضًا في الصيفي من يقود السفينة، وعلى رغم الأسى والغضب لا يرضى بالظلم، ولن يهدأ قبل تحقيق العدالة وهو يقود المعركة تلو الأخرى، بما لا يسمح بإقفال هذا الملف، على الرغم من أنوف من يريدون طمس الحقيقة وقتل الملف ورميه مع أسلافه من ملفات الاغتيال والقتل.

وهو نفسه المتمرد الذي اختبر الموت مرات ومرات في أقرب الناس إليه إلى أبعدهم، ولم يخففوا من عزمه مرة واحدة، لا بل زادوه عزيمة، فهو لم يكتفِ بترميم المبنى كدليل إلى عودة الحياة، بل جعله  خلية نحل لا تهدأ ليل نهار. يخطّط، يرسم، ينسّق، حتى تحوّل هذا المبنى المصاب إلى مركز تلاقي وغرفة عمليات معارضة تشهد حركة متواصلة تجمع من هو رافض لقوى الأمر الواقع، ينسّق المواقف بينهم ويحاور على قاعدة في الاتحاد قوة، وهو نجح في أماكن كثيرة واستطاع في كثير من المحطات أن يجهض محاولات قوى الأمر الواقع في السيطرة الكاملة ولا يزال مستمرًا، وهو اليوم بالإضافة إلى معركته في الملف القضائي يقود معركة تكاد تكون الأعنف لمنع تغيير هوية لبنان.

يعلم سامي الجميّل أن معاركه صعبة، وهو يواجه ديناصورات السلاح، وثعابين الدولة العميقة الممسكة بجميع المؤسسات وعلى رأسها القضاء، لكنه لم يتوقف، فمن تشّرب حليب المقاومة لن يهادن ولن يساوم مهما اشتدت التضحيات، ولعله بهذا يكون يعطي نفحة عرفان بالجميل لرفاقه الشهداء القدماء والجدد بأنه لم يتخلَّ عن قضيتهم ومستمر في نضاله ونهج حزبه الذين استشهدوا من أجله.