الطفلة نسرين قضت ضحيّة تداعي الدولة والإهمال

لا تزال مأساة وفاة الطفلة نسرين عز الدين (١٣ عاماً) دهساً بعد انزلاقها من داخل باص يقلّ طلاب مدرسة في منطقة باب الرمل الشعبية في طرابلس تثير تداعيات واسعة ومدعاة تساؤل عن مدى الإهمال وعدم التقدير لعواقب قلة الاحتراز أو انعدام مسؤولية الكبار عن الصغار وتداعياتها التي أدّت الى إزهاق روح طفلة من مقعدها داخل أوتوكار خاص حمل طلاباً من المدرسة ليقلهم بأمان الى بيوتهم ليحدث ما يمكن أن يُعدّ مبالغةً مشهدية في الأفلام.


من الصور التي انتشرت عبر وسائل الإعلام الإلكترونية بدا أن أرضية الأوتوكار تحت مقعد الصغيرة الضحيّة التوى حديدها ليحدث فجوة تحت موطئ القدمين من الجهة اليمنى ومنه انزلقت من خلالها الطفلة النحيلة على ما يبدو لتقضي دهساً بفعل الإطار الخلفي للجهة نفسها من الباص الذي كان في طريق الإياب من المدرسة الى البيت. ويُفترض أن يكون الباص في مأمن من أيّ مخاطر. ومن باب أولى أن تكون أرضيته سليمة غير متآكلة الحديد وواهنة لا تتحمّل وزن طفلة حتى لو كانت في وضع القيام بالحركة المتواصلة. والالتواء الحاصل ينمّ عن حاجة أرضية الباص الى تصفيح حديدي تأميناً للسلامة العامة، والمصيبة أكبر أن هذه الفجوة كانت موجودة أصلاً ومغطاة بما يخفيها بطريقة غير آمنة. وفي الحالين فإن الإهمال تسبّب بوفاة الصغيرة نسرين، وما كانت عليه درجة سرعة السائق الذي يُفترض أن يكون على بيّنة من صلاح الآليّة قبل قيادتها تأميناً لسلامة ركابها، ومثلها مسؤولية مالكه الذي على عاتقه طائلة نقل طلاب والحرص على تأمين سلامتهم، الى انعدام الرقابة الرسمية على الآلية. هما موقوفان رهن التحقيق لدى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال لمسؤوليتهما المشتركة عن الحادث، ويخضعان للتحقيق الأولي لدى الضابطة العدلية بإشراف النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي زياد الشعراني ليُبنى على نتيجته المقتضى والتوصيف القانوني في ملف هذا الحادث.


الضحية قضت نتيجة إهمال تأتّى من اسباب عدة، بحسب ما ذكره المحامي أنطوان نصرالله لـ"النهار"، لأن الدولة لا تقوم بواجباتها. فثمة مواصفات يقتضي توافرها في آليّات النقل. ولو كان الباص الذي نقل الطفلة خاضعاً للكشف السنوي لما حصل الحادث من خلال كشف حقيقي وليس صورياً والاكتفاء بالكشف على هيكلها فحسب. وعندما غاب هذا الكشف باتت لدينا مشكلة حقيقية وتجلت اليوم بما حصل مع هذه الطفلة والذي يمكن أن يحصل مع أناس كثر لذا من المفروض استئناف الكشف على الآليات وهو عنصر أساسي وتشديده على الآليات ولا سيما وسائل النقل منها التي تستوعب أعداداً من الناس ومن شأن ذلك تحصين الضوابط المخوّلة لوضعها في السير الى مسؤولية مالك الآلية الذي أهمل تصفيح مدعسها، ويزداد حجمها إذا تبيّن أن الحفرة مغطاة عن سابق تصميم، الى مسؤولية السائق.


يبقى أن التداعي يتلاحق ويكفي شريط المضبوطات الأخيرة من ملف التيك توكرز الى طحين منتهي الصلاحية فنسكافيه مغشوش لتكتمل هذه المشهدية برحيل الطفلة نسرين بميتة مؤلمة. وماذا بعد؟