الغابات تستعيد 70% من أشجارها المحترقة.. ونمر ينبّه!

تواجه غابات لبنان أعلى نسبة من مخاطر اندلاع الحرائق، خصوصاً أننا دخلنا في الفصل الحَرِج من السنة حيث يرتفع معدّل  اليَباس ويصبح أكثر قابليّة للاحتراق المعرَّض للانتشار السريع مع هبوب الرياح، يُضاف إلى ندرة الأمطار وبالتالي فقدان الأرض للرطوبة الكافية. 
وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين يحذّر اليوم من خطورة اندلاع الحرائق في الأحراج، داعياً إلى تداركها والتحوّط لها عبر المزيد من التحلّي بالوعي.

هذه المخاوف من ارتفاع منسوب المخاطر تعود إلى تجارب مرّة سابقة مرّ بها لبنان لا سيما في السنوات الأخيرة حيث قضت الحرائق على نسبة كبيرة من الأحراج أفقدت لبنان جزءاً من ثروته الحرجيّة. ما يدفع إلى السؤال عما إذا بادرت الدولة إلى التعويض عن هذه الخسارة الكبيرة عبر زراعة أشجار أخرى بديلة؟ علماً أنه مرّت الفترة المطلوبة ما بعد الكارثة للمباشرة بزرع المساحات المحترقة، والمحدّدة بالسنتين أو الثلاث سنوات.

الأخصّائي في علم الحشرات وبيئة الغابات ومدير "المركز الأعلى للبحوث" في جامعة الروح القدس – الكسليك البروفسور نبيل نمر يكشف عبر "المركزية" عن "مبادرات عديدة أعادت تشجير بعض المساحات الحرجيّة المحترقة، لكن للأسف برزت مشكلة ندرة المياه لريّ تلك الأشجار خصوصاً في فترة الحَرّ. وفي البعض الآخر من تلك المساحات نبَتَت الأشجار بمفردها بنسبة تفاوتت بين 60 و75 في المئة بحسب موقعها الجغرافي... لذلك يجب ترك الطبيعة تأخذ مجراها لأنها تُداوي نفسها بنفسها، شرط ألا يتدخّل الإنسان سلباً في هذا الموضوع، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

- عدم التسرّع في تغيير وجهة استصلاح الأراضي الزراعيّة المحترقة وتحويلها إلى مناطق سكنيّة أو صناعيّة أو غيرها، بدل إبقائها مساحات حرجيّة. 

- عدم استيراد أشجار غير موجودة أصلاً وزرعها في بيئة غير بيئتها  ما يؤثّر سلباً على التربة الموجودة، ويؤثّر بالتالي على كل النظام الأيكولوجي. لذلك يجب زراعة أشجار كانت موجودة أصلاً في بيئتها وتربتها.

ويأسف في السياق "لغياب الرقابة الفاعلة خصوصاً على صعيد الحَجر الصحّي عند استيراد الأشجار، فنسمح بانتشار أمراض وحشرات "دَخيلة" تأتي من الخارج وتستوطن في غابات لبنان وتشكّل خطراً أكبر من خطر الحشرات الموجودة أصلاً في غاباتنا والتي نعلم دورة حياتها جيّداً!".        
 
وليس بعيداً، يشير نمر إلى أن "التغيّرات المناخيّة في العالم أحدثت تغييراً في النظام الأيكولوجي لغابات لبنان، وظهرت أمراضٌ غريبة وحشرات لم تكن موجودة سابقاً هي "دَخيلة" تسرّبت من خارج البلاد، أو حشرات موجودة أصبحت دورة حياتها أكثر سرعة وبالتالي أصبحت تتطوّر خلال شهر واحد بدل ثلاثة، وأخرى أصبحت تظهر سنوياً بعدما كانت تظهر كل ست أو سبع سنوات".  

ويقول: كل ذلك أدّى إلى استفحال بعض المكوّنات في النظام الأيكولوجي الذي أثّر سلباً على الأشجار، لأن هذه الحشرات في نهاية الأمر ستتغذّى من الثروة الحرجيّة التي تتآكلها أيضاً الأمراض الغريبة الآنفة الذكر. الأمر الذي شكّل ضغطاً ثقيلاً على الأشجار وأدّى إلى إضعافها وبدأ اليباس يفتك بها حتى بلغ أوجّه في السنوات الخمس الأخيرة.

في خلاصة الأمر، تبقى المبادرات في نطاقها الضيّق وضمن إمكاناتها المحدودة... لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الحكومة التي عليها أخذ "المبادرة الكبرى" على مساحات الوطن، حفاظاً على ما تبقى من ثروتنا الحرجيّة... إن أمكن.