القاضية غادة عون تستسلم لقرار عزلها

استكملت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون هجومها على المرجعيات القضائية خصوصا النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، على خلفية قرار الأخير «كف يدها» عن النظر في الملفات القضائية، وكتبت على حسابها في منصة «اكس»: «هذا البلد لا يستاهل عدالة، هذا البلد يستاهل نظاما مافيويا يمسك بكل مقدراته».

وأضافت «أمام هول ما حصل، وأمام التطاول الوقح على قاض يحاول رفع الظلم وتطبيق القانون، ما شفت إلا تويتات. نعم، مبروك عليكم هكذا نظام، محاربة الفساد لم يعد له معنى، أنا تاركة أقله ضميري مرتاح، مبروك عليكم سرقة 8 مليارات دولار وحماية كل الأجهزة للمرتكبين، مبروك عليكم رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان السابق)، مبروك عليكم حجب جنى عمركم من قبل المصارف».

وختمت عون تغريدتها بالقول«اذا كانت هذه هي ردة فعلكم وردة فعل قيادييكم أمام سرقة العصر فلا أمل، أقولها للأسف مبروك عليكم النظام الفاسد».

رسالة غادة عون بدت بمنزلة استسلام لقرار عزلها عن الملفات القضائية ومنع الضابطة العدلية من أخذ إشارتها، وتأتي بعد يومين من دخول قرار الحجار حيز التنفيذ وتوقف الأجهزة الأمنية عن مخابرتها بأي ملف جنائي يقع ضمن نطاق محافظة جبل لبنان، في وقت كشفت أوساط قضائية لـ «الأنباء» عن توجه لملاحقتها بجرم «التحريض على المؤسسات».

وعلقت الأوساط على استغراب عون بأن التضامن معها اقتصر على تغريدات متابعيها على منصة «أكس»، ورأت أن «هذا الأمر طبيعي لأن كل مزاعم هذه القاضية موجودة في تغريداتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وأكدت أن «ملفاتها المزعومة فضحها البيان الصادر عن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، حيث كانت تتوسل عبر هذه الملفات تأمين امتيازات لمحظيين، وهي اعترفت بذلك عندما قالت في إحدى تغريداتها إنها لا تستسهل الادعاء بل كانت تأتي بالمدعين وبعض المودعين وممثلي المصارف لتقريب وجهات النظر، وهذا يؤكد وجود عملية ابتزاز من خلال الملفات التي تفتحها».

وشددت على أن «عمل النيابة العامة هو ملاحقة الجرائم أما إعادة الحقوق الشخصية فهي مسؤولية محاكم الأساس، وبالتالي كانت غادة عون تمارس التهويل بالتوقيف والادعاء».

ولم تلق القاضية عون أي تأييد من زملائها القضاة، خصوصا «نادي القضاة» الذي ناشدته «التدخل ومناصرتها»، إلا أن أعضاء النادي تجاهلوها بعدما لمسوا أن تصرفاتها «تضرب أسس العمل القضائي ودور النيابة العامة التمييزية».

حيث نشرت قبل يومين تغريدة أثارت غضبا واسعا في قصور العدل قالت فيها: «شاء من شاء وأبى من أبى.. ستبقى القاضية غادة عون مميزة وممتازة وهي رفعت مستوى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، فبات موقع النيابة العامة التمييزية صغيرا لا بل معدوما، وستظل هي وحدها بجهودها الدؤوبة الإنذار السريع والمقلق على قلب كل واحد سيئ»، زاعمة أن هذا الوقف نقلته عن «أحد قضاة الضمير الحي».

وأشارت الأوساط القضائية إلى أن «الموقف أعلاه يؤكد صوابية قرار النائب العام التمييزي، لأن غادة عون لم تكن تمارس دورها كمدع عام، بل استغلت موقعها القضائي في السياسة وحاولت تنفيذ حالة انقلاب على المؤسسات القضائية مستظلة الشعبوية والشعارات الفارغة التي لم تعد تنطلي إلا على بعض المضللين أو الفريق السياسي الذي زرعها في هذا المنصب من أجل تصفية حساباته مع الخصوم».

ويبدو أن الأمور لن تقف عن كف يد «قاضية العهد»، بل ثمة إجراءات أخرى ستتخذ بحقها، وشددت الأوساط القضائية على أن «إجراءات النيابة العامة التمييزية سوف تتابع».

وكشفت عن «تحرك للنيابة العامة التمييزية بحق القاضية عون، وملاحقتها بجرائم تتعلق بخرق عن موجب التحفظ بما خص سرية الملفات القضائية والتحريض على المؤسسات، وامعانها بالإدلاء بمواقف وتصريحات عبر الفضاء الافتراضي الذي بات منبرها الوحيد».

وأضفت غادة عون طابع التسييس على قرار عزلها، إذ اتهمت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بـ «التدخل بالعمل القضائي وإعطاء أمر إلى الوزارات لتنفيذ تعميم النائب العام التمييزي»، إلا أن المكتب الإعلامي لميقاتي سارع إلى التوضيح قائلا: «إن دولة الرئيس (الحكومة) هو المخول دستوريا وقانونيا إصدار التعاميم وتعميمها على الوزارات والادارات كافة».

وتابع: «بحكم هذه الصلاحية، تلقى دولة الرئيس مراسلة خطية من حضرة النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار يطلب فيها تعميم الكتاب الذي أصدره على الادارات والوزارات في شقه الإداري غير المتعلق بالإشارات القضائية، وهذا إجراء إداري بحت لا لبس فيه، وبالتالي فإن دولة الرئيس لم يتدخل على الاطلاق في أي أمر يخص مضمون الكتاب والقرارات التي اتخذها النائب العام، لاسيما فيما يتعلق بالإشارات القضائية التي تعمم من قبل النيابة العامة التمييزية كونها نافذة بمجرد صدورها وإبلاغها من الجهات المعنية»، لافتا إلى أن «دور رئيس الحكومة اقتصر على تعميم مضمون طلب النائب العام التمييزي في شقه الإداري على النحو المذكور».