القراران القضائي والحكومي حاصراها.. غادة عون: "أنا تاركة" وضميري مرتاح

حاصر القراران القضائي والحكومي عمل النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون وضربا طوقاً حوله. وعملياً، التزمت الضابطة العدلية بكل أجنحتها تعميم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على الضابطة العدلية الامتناع عن إجابة أي إشارة صادرة عن النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ومراجعة المحامي العام الاستئنافي المناوب والعمل بتوجيهاته في حال ورود أي إشارة منها، ومراجعته في القضايا المهمة.

منهجية المناوبات تتبع عادة وروتينياً في النيابات العامة الاستئنافية حيث يوضع جدول شهري لتوزيعها طبقاً لعدد المحامين العامين العامين الاستئنافيين في كل محافظة. وفي جبل لبنان عشرة قضاة يتناوبون لمدة ٢٤ ساعة مدى عشرة أيام، تجري مراجعتهم في القضايا الروتينية وتلك الطارئة من خلال هذا الجدول، في أثناء الدوام أو خارجه، على ان يصار إلى مخابرة النائب العام الاستئنافي في الحوادث الدقيقة أثناء الدوام أو بعده، ومتابعتها معه من الضابطة العدلية التابعة لقوى الأمن الداخلي.

وبحسب قرار النائب العام التمييزي، فقد طلب مراجعته في هذه القضايا المهمة، طبقا للتعاميم السابقة الصادرة قبل توليه مهماته، والتي لا تزال سارية.

هذا القرار الذي أراد إعادة الانتظام الى عمل النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان وفق تعميمه، سبق اتخاذه تشاور بين القاضي الحجار ومجلس القضاء الأعلى، وهو ما شكل غطاءً لخطوته. وقد ضمّن بيانه "التخاطب غير اللائق وغير المألوف الذي طال رئيس مجلس القضاء الأعلى وزملاء لها" في رد القاضية عون على كتابه الذي طلب فيه إيداعه عددا من الملفات المصرفية. وأرفقه بكتاب آخر تضمن عدداً من طلبات دعاوى مخاصمة تقدم بها مصارف أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وذُكر ان عددها ثمانية. وهي تلزم القاضي رفع يده عن الملف ما إن تصل إلى علمه. ولم تلتزم القاضية عون، وأرسلت الى القاضي الحجار ملفاً واحداً ك"جس نبض"، بحسب ما أعلنته. وبقي هذا الملف مع النائب العام التمييزي وطلبت منه إعادته لجلسة تحقيق كانت محددة في صدده. وقد تطرق الحجار في بيانه إلى هذا الموضوع وذكر أن عون "تعمد الى توسل الشعبوية والخروج عن الرصانة والحيادية والتزام موجب التحفظ، ومحاولة إلباس هذه المخالفات ثوب حماية حقوق المودعين بوجه المصارف، في حين أنه قد أصبح واضحاً أن الإجراءات التي تقوم بها تهدف الى تأمين امتيازات لبعض المحظيين عبر صرف النفوذ الحاصل من خلال عملها الذي يهدف إلى تأمين امتيازات لقلة قليلة من الأشخاص على حساب أموال سائر المودعين".

وقوبلت خطوة القاضي الحجار بغطاء سياسي من خلال طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من "الوزارات والإدارات العامة كافة وجوب التقيد والتزام تعميم النائب العام التمييزي".

إلامَ استند الحجار؟

استند الحجار في تعميمه على الضابطة العدلية إلى الصلاحيات المعطاة له في المادة ١٣ من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تتناول سلطة النائب العام التمييزي "وتشمل جميع قضاة النيابة العامة بمن فيهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. وله أن يوجه إلى كل منهم تعليمات خطية أو شفهية في تسيير الحق العام".

والمادة ١٥ من القانون نفسه تخوله أن "يراقب موظفي الضابطة العدلية في نطاق الأعمال التي يقومون بها بوصفهم مساعدين للنيابة العامة"، وله أن يوجه إلى رؤسائهم ما يراه من ملاحظات في شأن أعمالهم الموصوفة آنفاً، وأن يطلب من النائب العام الاستئنافي أو المالي أو مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أن يدعي بحق من يرتكب جرماً جزائياً منهم خلال قيامه بوظيفته أو في معرض قيامه بها دون أن يطلب إذناً بملاحقته".

وتتناول المادة ١٦ التي ارتكز عليها أيضاً صفة الدعاوى المشمولة بقراره لجهة الشكاوى المباشرة التي تقدم لدى النيابة العامة الاستئنافية، سواء كانت دعوى حق شخصي أو حق عيني أو دعوى مختلطة تتناول هذين الحقين".

أما لجهة وزير العدل القاضي هنري الخوري، فإن النائب العام التمييزي على تواصل معه منذ تسلمه مهماته. وتشير مصادر قضائية الى أن عدم اتخاذ وزير العدل موقفا ولاسيما انه يعود له تقرير وقف قاض عن العمل، مردّه الى أن هذا النوع من القرارات يصدر بناء على اقتراح هيئة التفتيش القضائي غير المتوافر فيها راهناً النصاب لهذا الاقتراح بسبب الشغور في المراكز القضائية الأساسية، ومنها هيئة التفتيش القضائي التي يتطلب التئامها، إضافة الى رئيسها، وجود مفتشين عامين إثنين، فيما ليس هناك إلا مفتش عام واحد. وتعيين الثاني يحتاج إلى مرسوم.

القراران القضائي والحكومي كفا يد القاضية عون عن النظر في أي ملف، فيما هي اعتبرت في مدوّناتها على منصة x ان القاضي الحجار منحاز ضدها، ورئيس الحكومة يخرق في كتابه الى الوزارات والادارات العامة "مبدأ فصل السلطات"، و"لن أرتكب جرم الاستنكاف عن إحقاق الحق".

وفي تدوينة لها أمس كتبت: "هيدا البلد ما بيستاهل عدالة. هيدا البلد نظام مافيوي يمسك بكل مقدراته. أمام هول ما حصل التطاول الوقح على قاض يحاول رفع الظلم وتطبيق القانون ما شفت إلا تويتات. مبروك عليكم هيك نظام. محاربة الفساد ما عاد لها معنى. انا تاركة أقله ضميري مرتاح فمبروك عليكن".