القضاء الأعلى على قوس التعطيل وتصريف الأعمال لا يسقط الضرورة

كان ينقص الجسم القضائي دخول مجلس القضاء الأعلى مدار التعطيل بعد المجلس الدستوري لتتحول مطرقة العدل إلى "منزل مهجور" في قصور الخلافات السياسية، ويسقط سيف الحق المفترض أن يكون مصوّبا على العدل لا الباطل.  وإذا سلمنا مبدئيا بالأسباب الظاهرية التي حالت في الأمس وتحول اليوم دون تعيين بدلاء عن الأعضاء المنتهية ولايتهم في مجلس القضاء الأعلى والمتوفين في المجلس الدستوري ومنها الخلافات السياسية المتراكمة، وعدم وجود حكومة اصيلة، إلا أن كلام وزيرة العدل ماري كلود نجم في الأمس كشف المستور والقصة أكبر من رمانة حكومة تصريف أعمال.

مع إشراقة شمس يوم غد يدخل مجلس القضاء الأعلى مدار التعطيل على رغم التشكيلة التي رفعتها وزيرة العدل ماري كلود نجم إلى السلطة التنفيذية وجاء الجواب برفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب التوقيع عليها لانه يعتبرها مخالفة للدستور. فهل من ضرورة قصوى أكبر من إدخال البلاد في مدار تعطيل مجلس القضاء الأعلى القيّم على حسن سير العمل في العدلية؟ وهل هي قصة رمانة دستورية أم قلوب مليانة؟

القاضي شكري صادر أوضح لـ"المركزية" أن  مسألة التعيين لا تدخل في صلاحيات حكومة تصريف الأعمال إلا إذا اقتضت الضرورة". ويضيف، "من جهة ثانية، صحيح أن السلطة التنفيذية تتولى تعيين 4 أو 5 قضاة من أصل الأعضاء العشرة الذين يؤلفون مجلس القضاء الأعلى،  إنما جرت العادة أن يكون هناك توافق بين الأعضاء الحكميين وهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز، والنائب العام لدى محكمة التمييز، ورئيس هيئة التفتيش القضائي ورئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير(ة) العدل حتى يكون هناك نوع من الإنسجام بين الأعضاء الذين سيتولون العمل على حسن سير القضاء. والأهم من ذلك يفترض أن يكون الأعضاء  مشروع توافق وليس إشكالات ونفور على مدى 3 سنوات".

هل حصل هذا التوافق؟ "الجواب في عهدة الوزيرة نجم. إلا أن ما أوحت به في حديثها المتلفز مساء أمس اظهر وكأنها تحمّل مجلس القضاء الأعلى بعض المسؤوليات في ما يتعلق بتعيين أو انتخاب رئيس محكمة التمييز علما أن التشكيلات القضائية التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى مجمدة من دون سبب دستوري وقانوني. فلماذا لا تصر الوزيرة نجم على إصدار التشكيلات القضائية وفي ذلك مخالفة للدستور؟".

هل حصل توافق على الأسماء الأربعة التي طرحتها الوزيرة أو عدم ممانعة؟ هل تم عرضها على الأعضاء الحكميين وتمت استشارة رئيس مجلس القضاء الأعلى علما أن ذلك لا يدخل في مسار الإلزامية إنما لحسن سير العمل في السلطة القضائية ؟. "لا أتصور أن هذا التعاون حصل. وكان يفترض على الوزيرة نجم أن تأخذ برأي الأعضاء الحكميين ورئيس مجلس القضاء الأعلى وتفعل بعدها ما تريد، لأن لا السلطة التنفيذية ولا رئيس الجمهورية ولا مطلق وزير أدرى بأهل البيت، ولا أحد ملم بدرجة النضوج التي يتمتع بها القضاة المعينون من قبل وزيرة العدل أكثر من زملائهم سيما وأنهم مسؤولون عن التشكيلات القضائية مستقبلا". 

محاولات إسقاط سيف العدل ليست طارئة على الطبقة السياسية، يؤكد صادر "فمحاولات التصويب على السلطة القضائية مستمرة منذ 30 عاما لأنهم لا يريدون العدل ولا يريدون تشكيلات قضائية كما أنجزها مجلس القضاء الأعلى منذ  حوالى العام وهي الأكثر نزاهة وبعدا عن الفساد والمحسوبيات". ويختم "الواضح أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وجد في تفسير "تصريف الأعمال " ذريعة لعدم التوقيع علما أن الدستور يجيز التوقيع في حالات الضرورة. والضرورة هنا وطنية وتبرر التوسع في مجال تصريف الأعمال تماما كما حال إعلان الحرب، ولو كنت في موقع رئيس حكومة تصريف أعمال لوقعت المرسوم لضرورة تسيير السلطة القضائية ".

مختصر الكلام، تعددت الحجج والعلّة واحدة.. الأسماء المطروحة والتمسك بالشخصانية. الحق على مين؟ مدار التعطيل الذي سيدخل فيه مجلس القضاء الأعلى إبتداء من يوم غد يحسم كل الإعتبارات.