الكتائب لا تريد رئيسًا على طريقة "صدق صدق"

كتب رضوان عقيل في النهار:

في زحمة المبادرات والزيارات والاتصالات المفتوحة بين الكتل على مدار الاسبوعين الفائتين حط وفد من حزب الكتائب في زيارة الرئيس نبيه بري. واراد النائبان سليم الصايغ ونديم الجميّل الاستماع الى صاحب مبادرة الحوار مباشرة وهي ليست على مشكلة شخصية معه، ولا سيما ان كل الناشطين على هذا الخط من كتلة "الاعتدال الوطني" الشمالية الى "اللقاء الديموقراطي" وحركة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لم تؤد كل محاولاتها الى احداث خرق في جدار الشغور الرئاسي. ولم يكن اصحابها يتوقعون في الاصل ان موعد جلسة الانتخاب المنتظرة اصبح قريبا. ويقول الكل انهم يتلاقون مع رئيس المجلس على امكان التئام الطاولة التشاورية المنتظرة ما عدا "القوات اللبنانية" التي تشكل رأس الحربة الى نواب اخرين في المعارضة لا يرحبون "بكل هذا النوع من الطاولات" بغض النظر عن حملها صفة حوارية او تشاورية.
وبعد ان استمع حزب الكتائب الى كل ما تلقاه من الكتل توقفت قيادته عند ما يهدف اليه رئيس المجلس حيال الطرح الحواري الذي قدمه وليس من الضروري ان يتم التلاقي او تأييد رؤيته. وبعد ان اصبحت مبادرته معروفة وتقوم على نواة حوار او تشاور اي في جلوس الكتل الى طاولة واحدة وان تكون برئاسته ثم يتم طرح ثلاثة او اربعة اسماء من المرشحين وغربلتها والتوجه بها الى جلسة انتخاب مع تعهد المجتمعين بعدم فرط نصابها اي تأمين الثلثين: 86 نائبا وما فوق. وينقل عن بري بانه يتعهد على الاقل بعدم اقدام كتلته على فرط نصاب الجلسة المنتظرة على ان تكون على دورات متكررة حتى لو اخذت ثلاثة او اربعة ايام على ان يقوم في نهايتها برفع الجلسة وختم محضرها اذا لم تنتج انتخاب الرئيس العتيد. ويصر بري هنا على عدم استبعاد مرشحه سليمان فرنجية الذي يشكل حجرة عثرة عند قوى المعارضة المسيحية فضلا عن "التيار" الى تشكيلة لا بأس بها من "التغييريين" والمستقلين. ولن يتأخر باسيل في وضع كل امكاناته لاستبعاد فرنجية ( تلتقي معه القوات اللبنانية في هذه النقطة فقط) فضلا عن قائد الجيش العماد جوزف عون مع اعتراضه ايضا على المرشح النائب نعمت افرام.
ومن المعضلات التي ستواجه طاولة التشاور في حال انعقادها ان نوابا سيخرجون عن سرب الاتفاق على سلة الاسماء المطروحة وتقوم كتلة ما او نائب مستقل بتسمية اسم من غير الذين جرى التداول بهم " وهذا حق مشروع".
وتتوقف الكتائب وجهات نيابية اخرى عند كل هذه الاسئلة مع ادراك الجميع ان كل الجولات النيابية المكوكية لم تحقق الاهداف المطلوبة منها. ولم تقصد الكتائب في زيارتها الاخيرة الى عين التينة قطع الطريق او التشويش على حراك اكثر من فريق نيابي يقوم بجولاته على الكتل ولا تطويق اي جهة. ولم يكن هدف الكتائب من لقاء بري احراج اي جهة او استغلال تدهور علاقته مع " القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع ". ولا تخفي الكتائب قولها انها ترى في رئيس المجلس طرفا من خلال احتضانه لفرنجية وحمله لواء ترشيحه. وتدرك في خلفية موقفها ان حجة بري الحوارية قائمة وتبقى عاملا مطروحا لكنه يسمع ملاحظات من الكتائب وغيرها ان تمسكه بفرنجيه لا يشكل عنصرا مشجعا مع اشارته واصراره على رؤيته حيث يرى في رئيس " تيار المردة" المرشح الابرز. ويأتيه الرد هنا ان الوزير السابق جهاد ازعور هو مرشح بارز ايضا.
واذا تم اخذ حراك الحزب التقدمي الاشتراكي فهي لم تكن على شكل مبادرة بل جاءت على شكل محاولة لتقريب المسافات بين الافرقاء اذا تمكن من ذلك. وكان الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط قد وعد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمسؤولين في دولة قطر في القيام بهذه المهمة. ويدافع بري عن حق فرنجية بالترشح ولو ان مناوئيه لا يؤيدونه. واذا تم الاتفاق على اسماء من المرشحين ثمة مسألة "غير ديموقراطية" اذا تم اجبار النواب على خيارات الشخصيات المتفق عليها مع ملاحظة ان نوابا سيصوتون لاشخاص من خارج سلة التشاور في حال التئام طاولته مع ترجيح ان لا يقدم بري على الدعوة لها اذا بقيت " القوات" على معارضتها لها.
وبالعودة الى محطة الكتائب عند بري فقد تركت اجواء جيدة بين الطرفين ولو انهما لا يلتقيان على رؤية رئاسية واحدة لكن واقعية الكتائبيين تقول انه ليس المطلوب لا بل من الصعب الاتيان برئيس ضده مع التذكير ان فرنجية لا يمثل خيارهم حيث لا يريدون رئيسا ب "صناعة كاملة" من عند رئيس المجلس.
الكتائب في اختصار لا تريد تشاورا ولا حوارا ولا انتخاب رئيس على طريقة "صدق صدق".