اللبنانيون في قبرص بعد كلام "السيد"... قلق على المصالح واستغراب لعدم اللجوء إلى القنوات الديبلوماسية

سيمرّ وقت قبل أن تنسى قبرص وينسى اللبنانيون في الجزيرة الأوروبية الخطاب الأخير للأمين العام لـ ««حزب الله» السيد حسن نصر الله، والذي قال فيه حرفيا: «لدينا معلومات أن العدو (إسرائيل) يجري مناورات في مناطق ومطارات قبرصية، وهو يعتبر أنه في حال استهداف مطاراته سيستخدم المطارات والمرافق القبرصية. لذا يجب أن تعلم الحكومة القبرصية أنه حال فتح المطارات والقواعد القبرصية للحرب على لبنان، سنتعامل مع قبرص كأنها جزء من الحرب».

الأكيد أن هذا الكلام فاجأ اللبنانيين قبل أن يفاجئ القبارصة. ولعل هذا ما فسر محاولة بعض المحللين السياسيين الذين يدورون في فلك «حزب الله» التخفيف من وطأته أو ارتداداته، من خلال القول إن «السيد» أنذر قبرص ولم يهددها، وإن هناك فارقا بين الأمرين والخطاب جاء ردعيا وليس تهديديا.

ومعلوم أن للبنان علاقات تاريخية مع قبرص تعود إلى أكثر من ألف سنة، بحكم القرب الجغرافي والمصاهرة بين الشعبين التي ولدت روابط عائلية متينة، خصوصا أن الجزيرة الملاصقة للبنان كانت ملاذا آمنا للبنانيين في زمن الحروب اللبنانية المتتالية، حتى ان بعضهم تملك فيها واستقر، والبعض الآخر استثمر فيها وقام بمشاريع تجارية، وهذا ما جعل اللبنانيين من بين أول خمس جنسيات أجنبية مستثمرة فيها.

وبعد الأزمة الاقتصادية في لبنان في العام 2019، عمد العديد من رجال الأعمال اللبنانيين إلى بناء المشاريع السكنية في قبرص، التي شهدت ولاتزال إقبالا على شرائها من قبل اللبنانيين الميسورين، وسط تسهيلات قبرصية للاستثمار والتملك.

ووسط كل ذلك وفي عز الفورة السياحية في قبرص التي تزدحم حاليا بالسياح من مختلف الجنسيات وفي مقدمهم اللبنانيون الراغبون في الاسترخاء في جزيرة الأمن والأمان، نزل كلام السيد نصر الله كالصاعقة على اللبنانيين والقبارصة في آن.

وفي سؤال لـ«الأنباء» لبعض اللبنانيين الذين صدف وجودهم في قبرص للسياحة لدى صدور كلام «السيد»، كان الجواب أنهم فوجئوا بكلامه وشعروا بالإحراج حيال بلد، لطالما استضافهم وكان وسيط سلام وحوار، ولعب أخيرا دور الممر الإنساني البحري لإيصال المساعدات إلى غزة.

وقال صحافي لبناني بارز كان في إجازة راحة في قبرص مع عائلته لـ«الأنباء»، إنه «لمس عدم رضا على كلام السيد نصر الله من اللبنانيين في قبرص وهم من مختلف الطوائف والتوجهات السياسية. وكان رأيهم أنه كان بالإمكان إيصال القلق من احتمال فتح قبرص مطاراتها وقواعدها لإسرائيل في حال الحرب، عبر القنوات الديبلوماسية من خلال الخارجية اللبنانية، لاسيما أن لبنان واللبنانيين يحرصون على أفضل العلاقات مع الدول الصديقة، ويخشون أن تتأثر مصالحهم الحيوية بكلام من هذا القبيل».

كما تحدث لبنانيون عائدون في ختام إجازة في قبرص ومن بينهم مهندسون حزبيون انخرطوا في أعمال بناء هناك: «(تحذير) تهديد قبرص لم يفد لبنان بشيء ولو كان من باب الردع، بل على العكس أقلقنا كلبنانيين لنا مصالحنا التجارية مع قبرص».

بين 40 و60 ألفا هو عدد أفراد الجالية اللبنانية في قبرص، وفق ما يقول الباحث محمد شمس الدين. وهذا العدد يتفاوت تبعا للمواسم والوضع الاقتصادي في لبنان. وهؤلاء يتمنون أن يكون ما خلفه كلام الأمين العام لحزب الله «غيمة صيف ومرت».