"النافعة" المعطّلة عطّلت البلد.. والسائق هو الضحية

من الطبيعي سقوط جرحى وضحايا بسبب بعض الحالات الناتجة من حوادث السير في لبنان، ولكن من غير المقبول ارتفاع ضحايا حوادث السير بنسبة 21% عن العام الماضي.

لربّما السبب الأساسي وراء ذلك، انهيار قيمة العملة اللبنانية أمام الدّولار وتدهور حالة المواطنين اللبنانيين والبلديات والفوضى العارمة في الوزارات.

مدفوعات السيارة بات يحسب لها حساب... والسائق هو الضحية

لا شكّ أنّ السيارة اليوم بات يحتسب لها مئة ألف حسابٍ، منذ الساعة الاولى من شرائها، أكان لناحية أكسسواراتها المدولرة وصيانتها أو شرائها أو حتى بعد رفع الدّعم عن المحروقات وارتفاع صفيحة البنزين إذ قارب سعر الصفيحة الواحدة مليوني ليرة.

يقول الميكانيكيّ أسعد للدّيار، أن عمله خفّ عن العام الماضي لأنّه اليد العاملة باتت بالدولار ولأنّ تكاليف السيارة باتت كلّها بالدولار، مثل زيت المحرك بـ 20 دولارا وزيت "الفتيس" يتراوح ما بين 20 و20 دولارا، "قشاط التايمنغ" بـ 10 دولار وغيرها من الزينة والأكسسوارات والدواسات و"الدهانة" والبويا والدواليب...الخ

وعلى حدّ تعبيره، في السنة الواحدة على صاحب السيارة، أن يقوم بمراجعة سيارته مرتين في العام الواحد وكل هذه الأمور باتت مكلفة اليوم. ولأنّ المواطن يؤجّل موعد مراجعتها، تزداد مدفوعات السيارة وتتراكم ما يؤدي إلى حوادث سير مفاجئة.

 

"الدولية للمعلومات": إرتفاع نسبة الضحايا

ويشير تقرير "الدولية للمعلومات" الى ارتفاع نسبة ضحايا حوادث السير 21% عن العام الماضي، اذ خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 2023، سجّل عدد قتلى حوادث السير ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بالفترة نفسها عام 2022.

واستنادًا الى التقرير، بلغ عدد الضحايا 151 خلال شهري آب وأيلول 2023، أما عام 2022 وفي الفترة نفسها، فكان العدد 73.

وبالنسبة إلى الجرحى، كانت نسبة الارتفاع 13,1%، فهذا العام بلغ 2086، أما العام الماضي فكان 1844.

وارتفعت نسبة الحوادث بين العامين الماضي والحالي، بنسبة 7,9%، ووصل العدد الى 1777 هذا العام، بينما كان في العام الماضي 1646.

حال الطرقات ليست بأفضل حالٍ

لا يمكن نسيان حال الطرقات السيئة وعدم الإنارة والحفر بسبب الشتاء والأنفاق المظلمة وكل ما إلى ذلك، أدّى إلى ارتفاع نسب الضحايا بسبب حوادث السير. ولأنّ البلد معطّل، والفوضى عارمة بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية السيئة، ارتفعت نسبة الحوادث.

أما  البنيّة التّحتيّة للنقل، وخصوصًا في بيروت، فتعاني من التّدهور والإهمال الطويل الأمدّ، وغياب الصيانة الدوريّة للجسور والطرق تزيد من حالة الازدحام المروريّ المزمنة، وبالتالي حوادث السّير طبعًا. والبلديات ووزارة الأشغال ترميان المسؤوليّة على بعضهما بعضًا ولا من أحدٍ يتحرّك.

يشير أحد خبراء السلامة المرورية إلى أنّ الظروف اختلفت هذا العام عن الأعوام الماضية، خصوصًا من ناحية انخفاض نسب حوادث السير في عامي 2021-2022 بعد الالتزام الكامل بالحجر المنزلي والمفرد والمجوز والخروج من المنازل عند الضرورة.

ورغم أنّ وباء كورونا ساهم في ارتفاع عدد القتلى بسبب الوباء والأمراض، إلّا أنّه في الوقت ذاته خفّف من نسب حوادث السير ما يعني أنّه أمّن السلامة العامّة بطريقة أو بأخرى. ما أدّى ذلك إلى انتشار موجة "الأونلاين" والعمل من المنازل إلى العام الحالي.

 

"النافعة" المعطّلة عطّلت البلد

وما زاد الطّين بلّة، واقع "النافعة" المرير الذي عطّل الأعمال اللوجستية والتدابير القانونية خصوصًا عند شراء وبيع الماكينات وتسليم وتسلم البطاقات مثل رخص السير ودفاتر السير، وما إلى هنالك.

ولأنّ الفوضى موجودة أينما كانت، كثرٌ من السائقين الجدد لا يحملون أي بطاقات تعرف عنهم أو عن "السيارة الإنقاض" وكثرٌ من الجيل الجديد (18 عامًا) يقودون السيارات من دون تعلّم القيادة حتّى كلّ ذلك لأنّ النافعة قد أغلقت أبوابها، وهذا ما زاد من نسب حوادث السير وعدم الالتزام بالقوانين المنصوص عليها في الدستور.

وبصرف النظر عن العامل البشريّ المؤدي الى حالة الفوضى المروريّة، فإن أخلاقيات سائقي لبنان بشكلٍ عامٍ، تدّل على مستوى الانحدار المستمر في مدى احترام الأفراد لقانون السّير مهما كانت أوضاع البلد.