بعد القرصنة الملتبسة تشويش غير طارئ على المطار: حركة الملاحة على حالها ولبنان يستنجد بمجلس الأمن

أثار وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال علي حمية قضية التشويش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومن ثم قدم لبنان شكوى للأمم المتحدة. فما تأثير ذلك التشويش على الملاحة الجوية وهل من "داعٍ للهلع"؟ ومتى بدأ ذلك التشويش؟

ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها لبنان بمرافقه الحيوية للاعتداءات الاسرائيلية. ولكن التشويش على حركة الملاحة في مطار رفيق الحريري الدولي يحمل الكثير من المحاذير ولا سيما إن صحّت التسريبات عن تغيير بعض الطائرات مساراتها وهبوطها في قبرص وتركيا.

بين التشويش وقرصنة الموقع الإلكتروني: المعتدي واحد!
محاولات خنق مطار لبنان ليست جديدة، وتتعدد الاساليب التي تعتمدها إسرائيل للاعتداء على المطار. وتبدأ من القصف المباشر في عام 1968 الى الاعتداءات على المدرجات وخزانات الكيروسين وتصل الى قرصنة الموقع الالكتروني مطلع العام الحالي. لكن اللافت اليوم هو التشويش على حركة الملاحة ما يعني أن سلامة الطائرات وركابها باتت على المحك إن صحّت التسريبات عن تغيير بعض الطائرات لمسارها واضطرارها للهبوط في قبرص وتركيا بسبب التشويش.

وإن كانت نتائج التحقيقات في الخرق الكبير الذي تعرض له الموقع الالكتروني للمطار في 7 كانون الثاني الفائت، لم تظهر بعد الى العلن ولم يُكشف عن المتسبب بذلك الخرق غير المسبوق، إلا أن أكثر من جهاز أمني يؤكد أن الخرق مصدره خارجي وأن الأيادي الإسرائيلية ليست بعيدة عن ذلك الخرق.

لكن ماذا عن التشويش الحالي، وهل هو يستهدف المطار مباشرة؟

حركة المطار عادية...
يعتقد مراقبون أنه لا يمكن القول إن المطار هو المستهدف فقط في هذا التشويش، بمعنى أن التشويش لا يستهدف أجهزة الملاحة الجوية بل الاقمار الصناعية، ما يعني أن كابتن الطائرة قد لا يستطيع الهبوط على المدرج إذا استمر باتباع جهاز GPS وعليه إطفاؤه والتقيد بتعليمات برج المراقبة وكذلك الاسترشاد بمنارتي شكا وبيروت.

لكن هل صحيح أن الطائرات لا تستطيع الهبوط في المطار منذ بدء التشويش الاسرائيلي على لبنان بما فيه المطار.

معلومات "النهار" تؤكد ان طائرة تركية فضل قائدها الهبوط في انطاليا وليس في بيروت وذلك بسبب عدم رغبته بالتخلي عن جهاز GPS وبالتالي اختار الهبوط في مطار انطاليا. اما الطائرة الثانية وهي قطرية فإن عدم الهبوط كان بسبب الاحوال الجوية وليس بسبب التشويش وبعد تعذر الهبوط في بيروت توجهت الطائرة الى قبرص حيث هبطت في مطارها ومن ثم بعد عودة الاستقرار الى الاحوال الجوية عادت وتوجهت الى المطار. لكن اللافت ان التشويش ليس وليد اللحظة او الاسابيع المنصرمة وانما بدأ من اشهر وبالتالي ليس له تداعيات سلبية حتى تاريخه وان حركة المطار عادية ولم تتأثر.

وباستثناء هاتين الحادثتين غير المرتبطتين لم يشهد المطار أي تغيير في مواعيد الرحلات الجوية ولا سيما أن فترة الاعياد تشهد زحمة في حركة الطائرات مع ارتفاع أعداد القادمين الى لبنان لقضاء الاعياد وتحديداً عيدي الفطر والفصح. عدا أن إدارة المطار اتخذت إجراءات عدة لتأمين سلامة الطيران في المطار.

بعلبكي لـ"النهار": هكذا يحدث التشويش
يكون التشويش من خلال إصدار موجات كهرومغناطيسية عالية ويمكن أن تبث من خلال الأقمار الاصطناعية، وطائرات التشويش الحربية والمسيّرة، وكذلك السفن والبوارج والمراكب البحرية المزودة بأجهزة تنصت وتشويش أو من مراكز ثابتة أو سيارات متنقلة مجهزة لهذه الغاية. وبحسب الخبير في تكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصال ربيع بعلبكي فإن "مخاطر التشويش على الملاحة الجوية تكمن يسبب تحديات في تحديد المواقع وتوجيه الرحلات بشكل دقيق، وكذلك صعوبة تنظيم حركة الهبوط والإقلاع في المطارات الكثيفة الرحلات".

ولكن الركون الى الشائعات أحياناً ينشر الذعر وينعكس سلباً على إنتاجية عمل المرفأ الجوي عدا عن تعريض الامن القومي للبلد ويعتبر من الانتهاكات المحرمة دولياً على المطارات المدنية.

ويعدّد بعلبكي لـ"النهار" أبرز التقنيات التي يجب أن يراعي جهاز الرادار التخفيف قدر الإمكان من أثر التشويش ومنها "تقييد القطاع الأفقي قدر الإمكان المؤثر من جهاز التشويش، وبذلك فإن تأثير المشوّش ينحصر في الحزمة الرئيسية لهوائي الرادار، وعندما لا يكون هوائي الرادار متجهاً مباشرة إلى المشوّش. ومن ثم إجبار اسرائيل على أن توزع استطاعة التشويش المتاحة لها قدر الإمكان على أكبر عرض مجال، ويمكن الوصول إلى ذلك باستخدام تباين ترددي للرادار مزدوج أو أكثر، والخطوة التالية أن نستخدم أكثر من مجال ترددي راداري، ويكون ذا فائدة كبيرة استخدام رادار مبين الارتفاع إن كان يعمل على تردد آخر غير ترددات الرادار".

في العرض التقني للتخفيف من آثار التشويش ما يمكن أن يُعتمد لا فقط في المطار بل في مرافق أخرى، ويلفت بعلبكي الى أنه "توجد طرق عدة يمكن للعدو أن يلجأ لها للتشويش على أجهزة الرادار، ولكن تكلف أموالاً وتشغل حيزاً قيّماً في الطائرة، ومن الصعب جداً أن نصنع جهاز رادار منيعاً ضد كافة أنواع التشويش، ولكن من الممكن أن يكون الرادار منيعاً لبعض أنواع التشويش البسيطة، وبالتالي يجبر اسرائيل على استخدام مشوشات أكثر تعقيداً وأكثر كلفة، والنتيجة الجديرة بالملاحظة أنه عندما يضع المهاجم أجهزة تشويش بوضعية العمل فهو يعلن عن وجوده، وتوجد عدة طرق لتحديد موضعه (...)".

بيد أن ذلك التشويش دفع في اتجاه استنجاد لبنان مرة جديدة بمجلس الامن الدولي من خلال شكوى قدمتها بعثة لبنان الدائمة في نيويورك للضغط على إسرائيل لوقف التشويش ووقف الاعتداءات المتواصلة على لبنان. الى ذلك فإن التشويش الاسرائيلي لا يطال فقط لبنان بل أيضاً دولاً مجاورة وبالتالي هناك حاجة لتدخل خارجي وخصوصاً أوروبي للضغط على تل أبيب لوقف التشويش. وفي سياق متصل كلف وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي جهاز أمن المطار بإعداد تقرير عن الواقع الحالي في المطار واقتراح الحلول لضمان سلامة الطيران المدني.