بعد وفاة الفنان فادي ابراهيم... ما هي مضاعفات السكري التي تُسبب الوفاة؟

بعد معاناة الفنان فادي ابراهيم مع مرض السكري الذي تمكّن من جسده وأثقله، وأرهق كليته وساقيه، نقف مجدداً أمام هذا المرض الصامت الذي قد يُسبب الوفاة في حال عدم معالجته بطريقة صحيحة أو نتيجة الإهمال. خسر فادي ابراهيم معركته مع مرض السكري، قضى عليه رويداً رويداً حتى لم يعد جسده قادراً على مقاومة مضاعفاته الخطيرة. رحل باكراً في عمر 67 عاماً، وبرحيله دق ناقوس الخطر للتوعية حول مرض السكري ومخاطره.

تشرح الاختصاصية بأمراض الغدد الصم والسكري الدكتورة كارول سعادة رياشي في حديثها لـ"النهار" عن نوعين من السكري؛ النوع الأول حيث يعاني البنكرياس من كسل في إنتاج الأنسولين ويُصيب عادة الأطفال، والنوع الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، ويكون هناك عجز عن استخدام السكر من قبل الخلايا.

وفي كلتا الحالتين، يؤدي ارتفاع مستوى السكر في الدم إلى مضاعفات، كما يؤدي الارتفاع إلى ظهور عوارض مختلفة منها التعب والإرهاق وخسارة الوزن وكثرة التبوّل والعطش.

وبالرغم من مضاعفات السكري التي قد تؤدي إلى الموت، من المهم أن نعرف أن هذا المرض يمكن التعايش معه شرط الالتزام بالإرشادات الوقائية والعلاجات والمتابعة المنتظمة.

وعليه، تشدد سعادة رياشي على أهمية مراقبة السكري الذي لا يجب أن يتخطى مستواه الـ100 ملغ/ ديسيلتر عند الصباح، ويتراوح المعدل بين 140-180ملغ/ ديسيلتر بعد تناول الطعام بساعتين. ولكن ما يجب التركيز عليه حقيقة هو مخزون السكري الذي يكشف تداعيات السكري ويؤدي إلى مضاعفات في حال إهماله أو عدم معالجته.

لذلك تكمن أهمية مراقبة مخزون السكري الذي يجب أن يكون أقل من 7 في المئة عند البالغين وأقل من 6.5 في المئة عند الأطفال. ونقصد بمخزون السكري عندما تزيد نسبة السكر في الدم، فتتسبب بزيادة تفاعل الكريات الحمراء مع السكر وبالتالي ارتفاع مخزون السكر.

أما الجديد اليوم، فهو العمل على إبقاء نسبة السكر في الدم ضمن نطاق معين، ونُطلق عليه تسمية Time in Range أي أن يتراوح المعدل بين 80 إلى 180ملغ/ ديسيلتر طوال الوقت وتفادي ارتفاعه بشكل كبير أو هبوطه الحاد.

وتشير سعادة رياشي إلى أن الدراسات العلمية أثبتت منذ عشرات السنين أن ارتفاع مخزون السكر في الدم يؤدي إلى مضاعفات مرض السكري مثل الذبحة القلبية، الجلطة الدماغية، العمى والقصور الكلوي. والعكس صحيح في حال كان مخزون السكر في الدم طبيعياً، عندها يصعب حدوث مضاعفات في مرض السكري.


وعن أبرز المضاعفات المزمنة الناتجة عن مرض السكري تتحدث سعادة رياشي عن:

* Neuropathy أو اعتلال الأعصاب السكري: عندما تتأثر أعصاب أطراف المريض في القدمين من مخزون السكر في الدم، يصبح عاجزاً عن الشعور بأطرافه.


يؤدي هذا المرض إلى حدوث تلف في عصب واحد أو تلف في الأعصاب كلها، ما يؤدي إلى الشعور بالتنميل وخدر في الأطراف. ومخاطر هذا الشعور أن المريض يمكن أن يحرق نفسه من دون أن يشعر، أو أن يجرح نفسه ويستغرق الجرح وقتاً حتى يلتئم ما قد يتسبب بالالتهاب.


* Nephropathy أو اعتلال كلوي: يؤدي مخزون السكري المرتفع إلى #قصور الكلى بدرجات مختلفة، وقد يؤدي إلى الخضوع لغسيل الكلى.

* الذبحة القلبية

* الجلطة الدماغية

* العمى أو إصابة شبكية العين

أما بالنسبة إلى المضاعفات الحادة نتيجة الارتفاع الشديد أو الهبوط الكبير في نسبة السكر في الدم فهي الغيبوبة، وتنقسم إلى 3 أنواع:

1- Hypoglycémie: ناتج عن الهبوط الحاد في نسبة السكر والعلاج يكون بإعطاء السكر.

2- Hyperglycémie: نتيجة ارتفاع شديد في نسبة السكر وهو خطير ويصيب عادة كبار السن.

3- acidocétosique: الغيبوبة عند مرضى السكري من النوع الأول: في هذه الحالة يرتفع السكر بشكل كبير كما يرتفع الحمض الكيتوني في الدم.


قد نشهد مضاعفات في السكري نتيجة عوامل وأسباب كثيرة، منها عدم التقيّد بنظام غذائي خاص أو عدم أخذ الأنسولين أو عدم تناول الأدوية بطريقة منتظمة.

وقد أدت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى تفاقم هذه المشكلة حيث عانى مرضى السكري من انقطاع في الأدوية أو من عدم تناول أدويتهم بشكل منتظم أو حتى توفر حقن غير صالحة بسبب التخزين السيئ أو انتهاء مدة صلاحيتها.

وهناك خوف من أن يعاني مريض السكري بصمت لعجزه عن تحمل تكاليف العلاج أو الفحوص الدورية، ونعرف أن إهمال السكري يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وحتى الموت.
صحيح أنه لا يمكن الاستهانة بمرض السكري، لكن المراقبة المنتظمة والوقاية يمكن أن تجعله مرضاً مزمناً يمكن التعايش معه دون مضاعفات.

والقاعدة الأساسية التي تشدد عليها سعادة رياشي، أن يواظب مريض السكري على فحص مستوى السكر في الدم، بالإضافة إلى إجراء فحص دوري لشبكة العين والكلى وشرايين القدم، والفحص الذاتي المنزلي المستمر للقدمين والتأكد من انتعال حذاء مناسب ومريح وجيد الإحكام، ويجب الحرص على ارتداء جوارب قطنية وسميكة لتفادي مرض الاعتلال العصبي.