تخفيف العقوبات يتزامن مع مساعي تقسيم سوريا.. ولبنان في الوسط!

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
في الوقت الذي يتعامل فيه بعض من في المنطقة مع المتغيّرات التي دخلت وتدخل الى الملفات الإقليمية، لا سيّما اللبنانية والسورية، خلال الأشهر الأخيرة، على أساس عودة العرب الى سوريا، وثبات صحّة ودقّة المواقف والخيارات الإيرانية، نجد أن التطوّرات تدلّنا الى ما هو مُختلف تماماً.

صناعة القرار
فبملابس رياضية، وبابتسامات عريضة تعلو الوجوه، ظهر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، متوسّطاً أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ومستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، في صورة التُقِطَت على أحد شواطئ البحر الأحمر مؤخّراً، وفي مشهد يُظهر التحوُّل عن السياسات التقليدية في منطقة الخليج العربي، مع مجموعة من الأمراء والقوّاد الشباب، بحسب بعض المراقبين، وهو ما ستكون له انعكاساته الكبيرة على صناعة القرار السياسي والإقتصادي والأمني والعسكري في المنطقة، مستقبلاً.

تحذيرات روسية
فضلاً عن أن الإنسحاب الأميركي من أفغانستان، يترك خلفه مجموعة من الخرائط التنسيقية، بين عدد من القوى الإقليمية، تحضيراً لمرحلة ما بعد بَدْء ظهور مفاعيل تحويل الإهتمام الأميركي من منطقتنا، الى مناطق أخرى حول العالم، خصوصاً منطقة المحيط الهادىء.
وفيما يعوّل البعض على "التفريج" الأميركي الإقتصادي عن سوريا، وعلى تخفيف الأُطُر العقابية الأميركية عن دمشق، لا بدّ من النّظر الى المستقبل السوري من بوّابة التحذيرات الروسية أيضاً.
نزعات إنفصالية
فبمعيّة الحركة التي شهدها الملف السوري خلال أيلول الفائت، من زيارات ومشاورات واجتماعات، برزت تحذيرات روسية من عمل أميركي على تكريس تقسيم سوريا.
فنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف تحدّث عن سيناريو أميركي لتقسيمها، مؤكِّداً معارضة موسكو لذلك، وعملها وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تؤكد وحدة الأراضي السورية.
فيما تحدّثت بعض الأوساط الروسية أيضاً، عن أن واشنطن تخطّط للحفاظ على وجود عسكري طويل الأمد في سوريا، وللسعي الى تشجيع النزعات الإنفصالية في عدد من المناطق السورية.

إعادة الإعمار
أكد مصدر خبير في الشؤون الدولية أن "الروس لا يتراجعون عن مطلب وحدة الأراضي السورية، في البيانات والمواقف المُعلَنَة التي تصدر عنهم. ولكن تحقيق ذلك يحتاج الى تحريك ملف إعادة إعمار سوريا".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "إعادة الإعمار يحتاج بدوره الى حلّ سياسي، والروس يضغطون على النّظام السوري والمعارضة معاً، في سبيل تحقيق ذلك، انطلاقاً من أن مصدر الأموال هو الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والعرب، فيما الشرط الأساسي لهؤلاء كلّهم، هو تحقيق الحلّ السياسي. ومن نتائج الضغط الروسي، الإتّفاق على لقاء للّجنة الدستورية السورية، سيُعقَد في جنيف، في 18 الجاري".

إقتصاد
وأشار المصدر الى أن "اللّقاء بين الرئيسَيْن الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيّب أردوغان، أعاد تأكيد كل الإلتزامات السابقة بين الجانبَيْن، في الملف السوري عموماً، وذلك بمعزل عن بعض التصريحات التركية التي توحي أحياناً بخلاف ذلك".
وشدّد على أن "لا قدرة على إرساء تعاون إقتصادي بين روسيا وتركيا في الأراضي السورية، يحسّن ظروف الشمال السوري على الأقلّ، على غرار ذاك الذي تقوم به الولايات المتحدة والأردن، في الملف السوري. ومن هنا، تبقى الأمور السورية الأساسية في اليد الروسية، ولكن دون القدرة على تحريكها، بشكل فعّال".

زيارات
وعن لبنان، اعتبر المصدر أن "المنظومة الدولية غرباً وشرقاً، تنظر الى الحكومة اللبنانية الجديدة من مُنطَلَق أن وجودها، هو أفضل بكثير من عَدَمه. ومن هذا المُنطَلَق، يأتي الترحيب الدولي بتشكيلها، دون دعم نهائي وكامل لها".
وختم:"لا بدّ من تفعيل مسار التحضير لزيارات لبنانية الى دول الخليج العربي، والى الولايات المتحدة، والدول الأوروبية عموماً، بما يفتح باب الدّعم المالي للبنان، وذلك بدلاً من التلهّي بشعارات سياسية تهدر المزيد من الوقت، وتؤخّر الخروج من النّفق الإقتصادي المُظلِم".