تعليق السنة الدراسية وخطط بديلة للتعويض؟

عُلّق التدريس في المدارس الرسمية والخاصة والجامعات حتى 7 تشرين الأول الجاري، ودعا وزير التربية خلال اجتماع لجنة الطوارئ التربوية إلى ضرورة جمع الداتا المتعلقة بالمتعلمين والمعلمين والمؤسسات التربوية والتعرّف عن كثب الى واقع النزوح من أجل وضع الخطط المناسبة للتلامذة لضمان استمرار انخراطهم في العملية التعليمية. التزمت المؤسسات التعليمية الخاصة بتعليق الدروس باستثناء خروق حدثت لبعضها قررت التعليم عن بعد. وحتى الآن لم يُتخذ قرار بتمديد التعليق، إلا أن تطور الأوضاع وتوسّع الحرب الإسرائيلية، سيدفع وزارة التربية إلى إعلان تمديد تعليق العام الدراسي إلى حين استتباب الوضع الأمني واستكشاف الوضع العام في لبنان.

الواقع على مستوى التعليم الرسمي أن عدد مدارسه التي تؤوي نازحين تجاوز الـ500، فيما النزوح بلغ مليوناً وقد يزداد أكثر الى مناطق بعيدة ما يستدعي فتح مدارس ومراكز إيواء جديدة. هذا يعني أن قسماً كبيراً من تلامذة لبنان في الخاص والرسمي تشردوا، فيما الباقون الذين يعيشون في مناطق آمنة لم يتمكنوا من الذهاب الى مدارسهم بفعل تحوّلها مراكز إيواء.

قرار وقف الدراسة أو تعليق العام الدراسي في شكل طارئ، بات يُدرس على نحو سريع، بالتوازي مع وضع خطط بديلة للتعليم إذا ما اشتدت وتيرة الحرب وطالت مناطق أوسع، ما يجعل إمكان التعليم الحضوري شبه مستحيل إلا في مناطق محدودة من لبنان. وعلى الرغم من الجدل والخلاف بين المؤسسات التربوية الخاصة نفسها حول الوجهة التي ينبغي اتخاذها، تلوّح الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بفتح مؤسساتها في السابع من الشهر الجاري، فيما هناك أخطار كبرى على التلامذة خصوصاً في التنقل أي وصول التلامذة الى صفوفهم.

يتبين من خلال المشاورات التي يجريها وزير التربية حول العام الدراسي أن الوصاية على المدارس الخاصة محدودة، وإن تمكن الوزير الحلبي من إلزامها بوقف التعليم أسبوعاً، لكن تبرز ضغوط من مرجعيات لفتح المدارس في ما يُعدّ مناطق آمنة، أو اتخاذ مسار التعليم عن بعد لدى بعض المدارس الأخرى، ما يعني أن هناك مدارس تريد تسجيل أنها تعلّم وإن كانت هذه التجربة لم تنجح سابقاً في ظل عدم الجاهزية للتعليم في وقت الأزمات، علماً بأن وزارة التربية عممت بعدم اعتماد التعليم عن بعد قبل صدور قرار عن الوزارة.

ليس سهلاً اليوم اتخاذ القرار في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة من التعليم في ضوء التطورات الحربية وتفاقم أزمة النزوح، إذ إن لتعليق العام الدراسي آثاراً سلبية وأيضاً إذا تقرر استئناف التعليم الحضوري في المناطق الآمنة، وكذلك في ما يتعلق بالتعليم عن بعد. لكن المهم أن تكون لدى المعنيين في التربية خطة بديلة انطلاقاً من أن استمرار التعليم هو جزء من المواجهة وبالتالي يصب في عملية الإنقاذ.

تحديد مسار التعليم للمرحلة المقبلة، لا يقتصر على المسؤولين في التربية وقطاعاتها، وما يحدثه الوضع من إرباك أمام جسامة التحديات، بل أيضاً على الأهالي المنقسمين والخائفين على أولادهم، فضلاً عن الخلافات داخل الجسم التربوي الخاص تحديداً، وهو انقسام لبناني عام.

ولذا لم يعد الأمر متعلقاً فقط بالتربية بل بالحكومة التي عليها أن تحسم الوجهة بما يتناسب مع المصلحة العامة، فإما أن تقرر تعليقاً استثنائياً للسنة الدراسية أقله لمدة شهر، وإما أن تتحمل مسؤولياتها في دعم خطط بديلة للتعليم وفق ظروف الحرب وامتداداتها، إضافة الى تصور عن المرحلة المقبلة في ما إن كان يمكن تمديد العام الدراسي وتكثيفه بعد استتباب الأوضاع.

الواقع يعكس اليوم أزمة عميقة وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم لتدارك تداعياتها الكارثية على البلاد.