"تملك الأجانب": عمليات مشبوهة.. ووزير العدل لم يتحرّك

مجدداً، عادت قضيّة تملك الأجانب الى الواجهة، وهذه المرة، من باب الالتفاف على قانون تملك الأجانب، لتصبح المسألة مرتبطة مباشرة بالإهمال اللبناني الرسمي، لئلا يقال بالتواطؤ الرسمي، تجاه أكبر قضية وطنية مصيرية. عندها، تصبح النتيجة أن "لبنان بات بلداً معرّضاً للبيع".

بهذه الخلاصة، يخرج رئيس "حركة الأرض اللبنانية" طلال الدويهي ليدق مرة جديدة، ناقوس الخطر تجاه موضوع تملّك الأجانب في لبنان.

يفنّد الدويهي القضية ويقول لـ"النهار": "الأرقام التي استطاعت حركة الأرض إحصاءها، تدل وحدها على خطورة المرحلة التي وصلنا إليها. فقط خلال عام 2023 وصولاً الى الأشهر الأولى من السنة الحالية 2024، سجلنا نحو 6 ملايين متر مربع أراضي بيعت نتيجة عقود بيع ممسوحة. وهذا رقم أكثر من خطير".

في الوقت الذي أقفلت فيه الدوائر العقارية في لبنان لنحو عامين، كانت "حركة الأرض" تسجّل عمليات بيع نتيجة ما يُسمّى "عقد البيع الممسوح" الذي يعطى من جانب كتّاب العدل، وكل هذه العقود كانت لأجانب.

من هنا، سارع الدويهي الى توجيه نداء الى وزير العدل هنري خوري يطلب فيه "إصدار تعميم لوقف كتّاب العدل عن إصدار عقود بيع ممسوحة، ما دامت الدوائر العقارية مقفلة، وفيها تخطٍّ فاضح للقانون".

... وأكثر، من ذلك، عاد الدويهي والتقى خوري للتحذير من خطورة القضية، فما الذي جرى؟

عمليات مشبوهة!

في الواقع، لا شيء. لم يلمس الدويهي أي تجاوب من جانب وزير العدل، ووفق الدويهي فإن العمليات لم تتوقف بعد.

بشكل علني وصريح، يعتبر الدويهي أن "عقود البيع هذه تُعتبر عميات بيع مشبوهة. لا أكثر ولا أقل. إنها جريمة بحق الوطن وأرضه وهويته، إذ وسط تزايد أعداد الأجانب في لبنان، بتنا نسجّل، وعلى خط متوازٍ، تزايداً في عمليات البيع للأجانب، في تجاوز فاضح لقانون تملّك الأجانب".

ويتدارك: "معظم عمليات البيع التي تمت نتيجة عقد بيع مسموح هي لسوريين ولفلسطينيين ولأردنيين فلسطينيين، وسط تزايد أعداد اللاجئين بطريقة غير منظمة".

وإذ يذكر الدويهي أن "قانون تملك الأجانب واضح في نصوصه لكون كل عملية بيع للأجانب فوق 3 آلاف متر، تحتاج الى مرسوم خاص من مجلس الوزراء"، يؤكد أن "حركة الأرض رصدت عملية بيع تخطت 30 ألف متر تمت بموجب عقد ممسوح. أين المسؤولية الوطنية؟ وأين السلطة الرسمية من كل ذلك؟".

40 مليون متر مربع

لدى "حركة الأرض" وثائق ومستندات ونسخ عن عقود البيع التي تعطى. كل شيء موثق. "النهار" اطلعت على بعض النسخ، التي تظهر فيها بوضوح أن عمليات البيع تتم في أغلب الحالات، الى سوريين وفلسطينيين.

يعلق الدويهي: "الأخطر من كل ذلك، أننا سجلنا أيضاً شراء عقارات صغيرة وبيوت صغيرة من جانب السوريين. فالبعض يفضل، بدل دفع إيجار لبيت صغير، اللجوء الى شراء البيت، وهذا الأمر بحد ذاته، يشكل خطورة على صعيد التغير الديموغرافي لصورة لبنان، على المدى المتوسط، لأنه إذا استمر عدم تنظيم اللجوء وعدم احترام القوانين، فإن هوية لبنان في خطر كبير".

عظيم، ولكن، ما دامت الدوائر العقارية لا تعمل بشكل طبيعي بعد، وما دامت هذه العقود تخالف قانون تملّك الأجانب، فكيف يقبل كتّاب العدل بالتوقيع عليها؟

يجيب الدويهي: "إنها الأموال التي تُدفع. كما لو أننا في قلب مافيا. والأغرب أن السلطة الرسمية ساكتة عن الموضوع. فهي لا تتحرك للتصدّي للأمر، وحتى إنها لم تحذر منه، كما لو أنها سلطة خرساء".

وأين تتركز معظم عمليات البيع؟ يرد الدويهي: "هي تتم على كل مساحة لبنان، وإن كنا سجّلنا الحركة الأكبر في محافظة البقاع، إلا أنها موجودة أيضاً في جبل لبنان وبيروت".

"بالتواتر"، وبمساعدة عدد من البلديات، تتمكن "حركة الأرض" من إجراء استطلاعاتها وتوثيق بعض الأرقام والمستندات. يلفت الدويهي الى أن "40 مليون متر مربع هي المساحة التي بيعت حتى آخر عام 2023، كمساحة مسجلة، أي إن هذا الرقم يشكل المساحة المسجلة في الدوائر العقارية، ولا تدخل فيها المساحات التي لم تسجل بعد والتي تتم وفق عقود البيع الممسوحة. هذه الأرقام أكثر من مخيفة وخطيرة. بالفعل، لبنان معرّض للبيع".

وإذا بقيت السلطة غائبة عن هذا الهم المصيري، فأي مصير سيكون للبنان وهويته وأرضه؟

يدرس الدويهي إمكان التوجّه الى القضاء، من خلال إيجاد نافذة قانونية للشكوى أو ما شابه. وحتى تستقيم الأمور، بوجود دولة وسلطة من الرأس الى الجسم، يخشى أن يكون لبنان قد بيع بالكامل!