"تنفيسة".. مسرحية تحقن الشارع اللبناني

أثارت مسرحية حملت عنوان «تنفيسة» جدلاً واسعاً في لبنان إثر توقيف عرضها من قبل الأمن العام اللبناني لـ«عدم مرورها بالمسار القانوني»، وفق ما أعلن الأخير، فيما تقول مصادر من القيمين عليها إن المسرحية هي نتيجة «دورة تدريبية» لطلاب، وبالتالي لا تحتاج إلى إذن مسبق، وهو ما جرت العادة عليه في أعمال كهذه.
ومع انتشار مقاطع فيديو للمسرحية التي عمد ممثلوها إلى تأديتها في شارع الحمرا في بيروت، مرددين هتافات ضد المسؤولين، وأغنية حملت عنوان «هوي الحرامي»، حتى تحولت إلى قضية حريات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أجمعت الروايات على أن الأمن العام أوقفها لأسباب متعلقة بمضمونها الذي يتعرض للطبقة السياسية، على رأسهم رئيس الجمهورية، فاختار الممثلون عرضها في الشارع، وسط انتقادات واسعة ومواقف شاجبة لقمع حرية الرأي.

 

وقالت مصادر من القيمين على المسرحية لـ«الشرق الأوسط»، إن العمل هو ضمن محترف «مشكال» الذي ينظمه مسرح المدينة، وكانت المسرحية نتيجة تدريب للطلاب لأيام عدة يفترض أن تعرض في نهايتها، مؤكدة أنه «لم تجر العادة أن يتم الحصول على إذن من الأمن العام في أعمال كهذه أو تعرض للرقابة قبل عرضها، وهو ما اعتدنا عليه في كل المحترفات التي نشارك بها على خلاف الأعمال الفنية المحترفة في لبنان التي تحتاج إلى رقابة وإذن مسبق». وأشارت إلى أنه تم توقيف المسرحية التي تتضمن شعارات وهتافات ترددت خلال التظاهرات الأخيرة في لبنان ضد المسؤولين، تحت هذه الحجة. ولفتت إلى أن «مخرجها عوض عوض سيستوضح غداً (اليوم) من الأمن العام عن أسباب التوقيف والعمل على تصويب الأمر».
في المقابل، رفض الأمن العام اللبناني تصوير ما حصل على أنه تعد على الحريات العامة، وقال في بيان: «أقدم المخرج الفلسطيني عوض عوض، على عرض مسرحية داخل أحد مسارح بيروت دون المرور بالمسار القانوني للعرض من خلال مكتب الإعلام في المديرية العامة للأمن العام، حيث تم الاتصال بالمسرح المعني الذي عمل القيمون عليه مشكورين على وقف عرض المسرحية، بعدما تبين لهم مخالفة عرضها للأصول القانونية».
ولفت البيان إلى أنه «عمد بعدها بعض مدعي المعرفة الشاملة على تصوير الموضوع وكأنه تعد على الحريات العامة، بينما هو تأكيد على صونها وعدم السماح بالتلطي وراء الشعارات لإسقاط القوانين ومفاعيلها. وعليه، يهم المديرية العامة للأمن العام التأكيد على أنها ماضية في تنفيذ الصلاحيات التي أناطها به القانون، وإن محاولات التذاكي والخلط بين صلاحياتها وصلاحيات أخرى هدفه تعمية الرأي العام لتجاوز القوانين من خلال البطولات الوهمية، التي لن تمنع المديرية عن القيام بواجباتها حماية لحريات الجميع التي نص عليها القانون اللبناني حصراً».
وشهدت الفترة الأخيرة في لبنان، لا سيما بعد الانتفاضة الشعبية عام 2019، حملات وتوقيفات وادعاءات ضد ناشطين معارضين للسلطة على خلفية مواقفهم المنتقدة للمسؤولين اللبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، وإثر مشاركتهم في تظاهرات شعبية، حتى أن بعضهم كان يجبر على حذف كتاباته قبل تخلية سبيله.