تهريب مراسيم سلف الخزينة وتسيير القطاع العام بالهبات

تستمر الحكومة بممارسة نهج «التسول» في قبول الهبات لتسيير مرافقها العامة، وفي كلّ جلسة حكومية يخصص جزء من الوقت لإقرار قبول هبات هزيلة من مصادر مختلفة، سواء منظمات دولية أو منظمات غير حكومية أو حتى أشخاص.
 
وفي الجلسة الأخيرة، قبلت الحكومة سيارة مستعملة من طراز عام 2020 من منظمة الفاو، وأعفتها من جميع الرسوم الجمركية والضرائب وسلّمتها لوزارة الزراعة، كما أقرّت قبول سيارة إطفاء يعود تاريخ صنعها إلى عام 1989 لمصلحة بلدية عين بعال، فضلاً عن مبلغ 10 آلاف دولار مقدّم من مركز الملك سلمان للهيئة العليا للإغاثة بغية تنفيذ مشاريع إنمائية، بحسب نص القرار الحكومي.
 
والجدير ذكره أيضاً أنّ التجهيزات المعلوماتية المستخدمة في وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام هي هبات أيضاً، إذ قدّمت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، اليونيفل، تجهيزات معلوماتية بقيمة 24590 دولاراً لمصلحة الأمن العام. واللافت للنظر قيام الحكومة باحتساب قيمة الهبة على أساس سعر 15 ألف ليرة لكل دولار، فقدّرت الهبة بـ369 مليون ليرة بدلاً من 2.2 مليار ليرة، ما يطرح المزيد من الأسئلة عن طريقة التعامل الرسمية مع الدولارات.

في موضوع آخر، وفي ظل تهرّب الحكومة من تصحيح سلسلة الرتب والرواتب وإعادة الاعتبار لراتب الموظف ومعاش المتقاعد، يستمر مجلس الوزراء في تهريب مراسيم سلف الخزينة لتمويل الصناديق الضامنة الحكومية، وآخرها مرسوم لإعطاء 500 مليار ليرة لمصلحة صندوق تعاضد القضاة لـ«تغطية النفقات الصحية والاجتماعية للمنتسبين إلى الصندوق»، ومرسوم آخر لإعطاء 150 مليار ليرة لصندوق تعاضد القضاة الشرعيين والمذهبيين لـ«تغطية الحاجات الملحة للمنتسبين العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم».

أما «الحاجات الملحة» التي تتكلّم عنها الحكومة، فهي إضافات شهرية على الرواتب، ومساعدات اجتماعية ومنح تعليمية، تصرفها بعض الصناديق الضامنة، مثل صندوق تعاضد القضاة، وصندوق تعاضد أساتذة الجامعة اللبنانية بغية تعديل قيمة رواتب هؤلاء الموظفين لإبعاد شبح الإضراب عن الجامعة اللبنانية وقصور العدل بعد التدهور الذي أصاب الليرة. لكن تبقى كلّ هذه الزيادات خارج أساس الراتب، ما يعني عدم استفادة الموظف المقبل على التقاعد منها من جهة، ومن جهة ثانية يمكن للحكومة أن تشطبها ساعة تشاء من دون العودة إلى مجلس النواب كونها مقرّة بمراسيم على سبيل المساعدات لا الحقوق المكرّسة بقوانين.