جريمة قتل الشابة زينب معتوق: عنف شديد ولا اغتصاب

في ذورة الغضب الشعبيّ إزاء الجرائم الجنسيّة (البيدوفيليا، عبر منصة "تيك توك") برعاية شبكات إجراميّة، الّتي ظهرت مؤخرًا، والمرتبطة بوقائع أرهبت اللبنانيين، وجعلتهم يتوجسون من هذا العنف المنفلت والمتنامي طرديًّا، الذي وصل بيوتهم وطال أطفالهم بكل القسوة والانحراف المُمكن.. حدثت قضية الشابة زينب عبدو معتوق (33 سنة، لبنانيّة)، الّتي تمّ العثور عليها في حالةٍ حرجة جراء عنفٍ جسديّ طالها، في مخزن فندق في منطقة الروشة، قبل أن تفارق الحياة في المستشفى، بينما تمّ التداول أن جريمة القتل الّتي راحت ضحيتها الشابة، جاءت كنتيجة لاعتداءٍ جنسيّ وجسديّ تعرضت له.

جريمة جنسيّة؟

هذا الخبر، أجج فورة الغضب والذعر الاجتماعيّ، ذلك لكون الجرائم الجنسيّة، تحظى بحساسية بالغة، تتخطى الطبيعة الجنائيّة للجرم، لتصير حدثًا وجرمًا مشينًا يؤرق المجتمع بتداعياته. واتجه البعض للوم السّلطات والقضاء اللّبنانيّ، الذي لم يُطبق يومًا أي إجراءات صارمة ورادعة بحقّ مرتكبي مثل هذه الجرائم، بحقّ النساء والأطفال.

وفي التفاصيل، فجر الأمس السبت 4 أيار الجاري، عثر عدد من العاملين في الفندق المذكور، على الشابة زينب معتوق حيث تعمل، في مخزن الفندق الجانبيّ، بعد سماع صوت إستغاثة منه. وبعد العثور عليها مُدماةً ومُعنفة، تمّ نقلها فورًا إلى مشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت، وهي بحالةٍ حرجة، وسرعان ما فارقت الحياة، متأثرةً بجراحها، وخصوصًا في منطقة الرأس، حيث وثّق تقرير الطبيب الشرعيّ أن الضربة الّتي لحقت رأسها كانت قويّة جدًا ومميتة.

 

وقبل معرفة تفاصيل تقرير الطبيب الشرعيّ وبدء التحقيقات، انتشر على وسائل الاجتماعيّ وبعض الصحف، أن دافع القتل كان الاغتصاب، ليتبين لاحقًا وحسب ما أشارت مصادر مقربة من عائلة الضحيّة، أن دافع القتل لم يُحدّد حتّى اللحظة ولم يكن بسبب اعتداء جنسيّ، حسب ما أظهر الكشف الطبي، واشتبهوا أن الجاني هو من التابعيّة السّوريّة وكان يعمل مع معتوق في الفندق، وقد عنّفها قبل إلقائها في المخزن، ولاذ بالفرار. بينما أكدّت المصادر الأمنيّة، أن شعبة المعلومات تتولى التحقيق في الجريمة لكشف ملابساتها.

ودارت تساؤلات عن ظروف الجريمة وكيفية تحققها في مكانٍ عام، مثل الفندق، مُفترض أن يكون مزدحمًا بالموظفين والحراس الأمنيين، وكذلك كاميرات المراقبة.

الجرائم الجنسيّة في لبنان

وهذه القضيّة، بغض النظر عن دوافعها، بالإضافة إلى قضية شبكة البيدوفيليا عبر "تيك توك"، بكل ملابساتهما الّتي كُشفت ويُحقق بها حتّى اللحظة، تحمل بعدًا آخر، عادةً ما يُغيب لصالح الفورة الاجتماعيّة المؤقتة، وهو غياب العنصر الرادع في تطبيق القوانين بما يتعلق تحديدًا بالجرائم الجنسيّة وجرائم البيدوفيليا وجرائم الكراهيّة بحقّ النساء، الّتي تغلب عليها عادةً وصمة اجتماعيّة تنعكس طرديًا على ضحايا هذه الجرائم بسبب أحكام القانون نفسه، بالنظر إلى التوتر الموجود بين القانون الجزائيّ العام وقانون الأحوال الشخصيّة الخاص، وبالتشريعات المخففة والتّي تقصي الجناة عن الجريمة بقواعد قانونية ملتويّة. وإن حصل حكم وعقاب يظلان جزئيين؛ وطبعًا فإن تطبيق عقوبة الإعدام أو الخصيّ كما يُتداول ليست الحلّ ولا الرادع لمثل هذه الجرائم، حيث لا تكون العقوبة مؤثرة غالبًا، لا على المجرمين ولا بالنطاق الاجتماعيّ الأوسع.

هذا وناهيك عن غياب كليّ لجهة أمنيّة متخصصة بالتعاطي مع هذه الجرائم ومتابعتها بصورة مستمرة ومكثفة. فالجهة المباشرة الوحيدة اليوم لتقديم شكاوى تختص بالجرائم الجنسيّة وتحديدًا التحرش والاغتصاب هي مكتب مكافحة الاتجار بالبشر وحماية الآداب (إلى جانب النيابة العامة)، ولا يوجد مكتب مُجهز لاستقبال مثل هذه الحالات بوجود أختصاصيين ومدربين للتعاطي معها. ما يُسهم بدوره في انخفاض نسبة التبليغ، وما يجرّ ذلك من غياب العقوبة للجناة.