"جَمعة" لرؤساء الطوائف في بكركي غدًا على شرف بارولين... هل يحضر الخطيب ؟

قبل أيام من وصول أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان تلبية للدعوة التي وجهتها جمعية فرسان مالطا أسرَّ إلى أحد الأشخاص أنه آتٍ إلى لبنان في زيارة رعوية خاصة لإحياء قداس خاص للجمعية. لكن اللافت أن الأوساط السياسية والإعلامية حوّلتها إلى زيارة رسمية وجعلت منها قضية الساعة".

وما يؤكد أهداف هذه الزيارة كلام بارولين في مطار بيروت فور وصوله حيث كان في استقباله وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب  بحيث أجاب على سؤال حول ما إذا كان يحمل مبادرة ما وقال: " هناك برنامج محدد خلال هذه الزيارة، لنرى ما يمكننا فعله، وسنبذل قصارى جهدنا من دون التظاهر بفعل كل شيء".

يدرك الكاردينال بارولين أن الوضع السياسي المأزوم في لبنان في ظل الفراغ الرئاسي القائم إضافة إلى الوضع الأمني المتفجر في الجنوب والتهديدات الإسرائيلية بتوسعة الحرب في حال عدم استجابة حزب الله للمطالب والشروط التي تفرضها حكومة بنيامين نتنياهو لجهة تراجعه مسافة 18 كيلومترا إلى ما وراء الليطاني لضمان عودة سكان المستوطنات الشمالية، جعل من الزيارة الرعوية قضية الساعة وحولها إلى مهمة رسمية من دون أن تكون كذلك.  كذلك يدرك الرجل الثاني في الفاتيكان  أن تفريغ الزيارة من عنوانها الرئيسي وتحميلها أكثر مما هو عليه سيعطي مؤشرا بفشلها خصوصا أنه ليس موفدا من قبل البابا وليس بمهمة فاتيكانية وهذا ما يضاعف من شعور الإحباط لدى المسيحيين. وهنا مكمن خطورة تحوير مضمونها وأهدافها.

العناوين الوهمية لحقيقة أهداف زيارة بارولين استمرت حتى بعد وصوله إلى لبنان، إذ تحول اللقاء المقرر غدا الثلثاء في الصرح البطريركي في بكركي والذي يضم رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان من مجرد لقاء إلى قمة روحية.وترافق ذلك مع ما تردد عن اتجاه لدى الفريق الشيعي الى مقاطعة اللقاء احتجاجاً على ما ورد في عظة البطريرك الراعي أمس التي ورد فيها تعبير العمليات الإرهابية، إذ قال"إنّنا نفهم معنى عدم وجود رئيس للجمهوريّة: إنّه رئيس يفاوض بملء الصلاحيّات الدستوريّة، ويطالب مجلس الأمن تطبيق قراراته لا سيما القرار 1559 المختصّ بنزع السلاح، والقرار 1680 الخاص بترسيم الحدود مع سوريا، والقرار 1701 الذي يعني تحييد الجنوب. وبعد ذلك يُعنى هذا الرئيس بألّا يعود لبنان منطلقًا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، وبالتالي بدخول لبنان نظام الحياد، وتحويله من واقع سياسيّ وأمنيّ إلى واقع دستوريّ يعطيه صفة الثبات والديمومة من خلال رعاية دوليّة".

مصدر كنسي رفيع يؤكد عبر "المركزية" أن الإجتماع المقرر غدا الثلثاء في بكركي يأتي في سياق اللقاء وقد دعا إليه البطريرك الراعي على شرف الكاردينال بارولين.  إذا هو لقاء أو ما يعرف باللهجة اللبنانية "جمعة" روحية  وليس قمة روحية خصوصا أن الزيارة رعوية ومحددة الأهداف وهي ترؤس القداس السنوي لجمعية فرسان مالطا. هذا هو سقفها. لكن يبدو أن موقع الكاردينال بارولين والصفة التي يحتلها في حاضرة الفاتيكان عززت من مخيلة البعض وحولتها إلى زيارة رسمية. ولو كانت كذلك لكان أعطي صفة موفد من قبل البابا فرنسيس وهو يزور لبنان بمهمة فاتيكانية.

وعن اللقاء الذي يجمع رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية تضيف المصادر أن الغاية منه عدم تفويت أي مرجع روحي إسلامي أو مسيحي خصوصا أن الزيارة رعوية وقد لا يتمكن بارولين من زيارة كل رؤساء الطوائف. وعليه ارتأى الراعي أن يكون اللقاء الجامع في بكركي للتأكيد على دور لبنان الرسالة وعلى موقع بكركي الذي يجمع كل اللبنانيين بكافة أطيافهم.

من يلبي الدعوة ومن يرفض؟ حتى اللحظة يؤكد المصدر الكنسي أن الجميع سيحضر. ونفى علمه بما تردد من معلومات "عن اتجاه لدى الفريق الشيعي الى مقاطعة اللقاء في بكركي احتجاجاً على ما ورد في عظة البطريرك الراعي أمس التي ورد فيها تعبير العمليات الإرهابية. " فنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب أكد حضوره لكن ذلك كان قبل عظة الراعي صباح أمس الأحد. كما سيحضر اللقاء شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبو المنى أما مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان فمن المرجح أن يرسل من يمثله بسبب وجوده في الحج لإداء مناسك العمرة .

مسيحيا سيحضر بطاركة الكاثوليك وسيمثل المطران الياس عوده البطريرك يوحنا اليازجي. ويلفت المصدر إلى أن فحوى اللقاء سيركز على الوضع في الجنوب وسيستمع بارولين من رؤساء الطوائف إلى هواجسهم .

ونفيا لما يتردد عن وجود امتعاض لدى الطائفة الشيعية من مواقف الراعي التي يطالب فيها بضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وما ورد في عظته أمس حول " جعل لبنان منصة للعمليات الإرهابية" تؤكد المصادر ان التوضيح الذي صدر عن بكركي ينفي أن يكون الكلام موجها لحزب الله إذ من غير الوارد أن يصدر اتهام مماثل من بكركي ضد الحزب بعد إعادة فتح قنوات عبر موفدين من الطرفين وعقد لقاءات .فهل يمكن أن يكون الكلام موجها للجماعات التي يجلس معها موفدون من قبل بكركي؟".

حتى تنتهي زيارة الكاردينال بارولين سيبقى العنوان الرئيسي للزيارة رعويا على رغم تحميلها صفات ومهمات لا تمت إلى الواقع بصلة. وما اللقاء الذي سيعقده بارولين مع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلا من باب الإحاطة بكافة الظروف الإستثنائية في البلد لكن الأبرز يبقى في لقاء بكركي غدا الثلثاء لأنه يؤكد حقيقة الزيارة التي لا تحمل أي طابع سياسي وتعكس وجه لبنان الرسالة، كما قال عنه القديس يوحنا بولس الثاني لا أكثر ولا أقل.