خلفيات تراجع لبنان عن مطالبة "الجنائية الدولية" التحقيق بجرائم حرب... بوحبيب: لسنا عضواً في المحكمة

كان تراجع لبنان عن قراره السماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في جرائم حرب تحصل في الجنوب إثر القصف الإسرائيلي خطوة مستغرباً، وأثار استنكاراً واسعاً في صفوف المنظمات الحقوقية.

إذ وبعدما كلّفت الحكومة اللبنانية وزارة الخارجية بتقديم إعلان يمنح المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول، تراجع لبنان عن هذا القرار، ما فتح الباب حول العديد من الأسئلة، أبرزها سبب انكفاء لبنان بعد اتخاذ القرار بالتحقيق.

لبنان ليس عضواً في المحكمة الجنائية

من جهته، يقول وزير الخارجية عبد الله بوحبيب لـ"النهار": "من المعروف أنني لا أحضر جلسات مجلس الوزراء، وصلتني النتائج وأعدتها، لأن لبنان ليس عضواً في المحكمة الجنائية الدولية".

ولبنان وإسرائيل ليسا من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يتعيّن على كل منهما تقديم إقرار رسمي يمنحها السلطة القضائية لبدء تحقيقات في فترة زمنية معينة.

وصوتت حكومة تصريف الأعمال في لبنان في نيسان على توجيه وزارة الخارجية لتقديم إقرار يسمح للمحكمة بالتحقيق في مزاعم عن ارتكاب جرائم الحرب على الأراضي اللبنانية منذ السابع من تشرين الأول وإجراء محاكمات بهذا الخصوص.

 المحامي فاروق المغربي يعلّق على تبرير بوحبيب، ويُشير إلى أن "الحكومة اللبنانية كانت تتحضّر للإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وكان انضماماً جزئياً ضمن إطار زمني محدد وفقاً للمادة 12- الفقرة 3 من قانون روما، لكن وزارة الخارجية لم ترسل هذا الاعلان انطلاقاً من أنها الجهة الرسمية المخوّلة بالقيام بهذه الخطوة، وكان يُمكن للحكومة إرسال القرار باعتباره قراراً حكومياً بشكل مباشر إلى المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن الجهتين لم يتقدما على أي خطوة".

هل من علاقة لحزب الله بالقرار؟

وفي حديث لـ"النهار"، يقول مغربي "لا يمكن فصل هذا التأخير وقرار التراجع عن المستجدات المرافقة لهذا الملف"، وبرأيه، فإن ثمّة تحليلين خلف تراجع لبنان عن قراره:

- الأول: "تخوّف "حزب الله" من إصدار مذكرات توقيف بحق قياديي الحزب ما دفعه إلى التدخل حتى يتراجع لبنان عن هذا القرار. (لأن التحقيق في جرائم حرب سيكون على طرفي الصراع، وليس بالأفعال التي قامت بها إسرائيل وحدها، كما حصل في غزّة).

- الثاني: تدخل أميركي- أوروبي لدى الحكومة أو وزارة الخارجية لتفادي صدور مذكرة توقيف أخرى بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع غالانت والتي من شأنها أن تزيد الأمور تعقيداً".

وبحسب مغربي، "قد يكون هناك احتمال ثالث يجمع بين مصلحة كل الأطراف والتي قضت بالضغط لتراجع لبنان عن هذا القرار".

ونشرت الحكومة الثلثاء قراراً معدلاً مرتبطاً بالتحقيق في جرائم حرب لم يأت على ذكر المحكمة الجنائية الدولية، وجاء به أن لبنان سيتقدم بشكاوى إلى الأمم المتحدة بدلاً من ذلك.

وعلى إثر المستجدات، وبعدما شهد القرار الحكومي تعديلاً أبقى على أحقية أن تتخذ الحكومة اللبنانية الإجراءات أمام الهيئات والمحاكم الدولية، وحذف الصلاحية المعطاة للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة، فإن لا جدوى من القرار المعدل، وفق ما يلفت مغربي.

في المحصّلة، يرى ناشطون إن لبنان تخلّى عن حقٍ أساسي من حقوقه، وهو التحقيق بجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في الجنوب، وعن فرصة لمحاسبة إسرائيل على ممارساتها في لبنان، خصوصاً وأن تل أبيب لم تعتد على مبدأ المحاسبة منذ زمن، وما يحصل على مستوى المحكمة الجنائية سابقة تاريخية، اختار لبنان ألا يكون جزءاً منها!