دعوات دوليّة لمغادرة لبنان والإجلاءات لا تزال محدودة

إنها حركة إياب مستعجلة من لبنان في اتجاه أصقاع متنوّعة للأجانب أو اللبنانيين الحاملين أكثر من جنسية، فإذا بهم يبحثون عن سبيل لمغادرة الأراضي اللبنانية بعد المتغيرات الحربية الأقسى التي عرفها لبنان في الأسابيع الأخيرة. بحسب أجواء واكبتها "النهار" على مستوى سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت، إنّ الحضّ الذي كانت انتهجته السفارة ناصحةً رعاياها في لبنان بالمغادرة، لا يزال على حاله ما دامت الرحلات الجوية المعتادة متاحة انطلاقاً من السبل المتعارف عليها من خلال الرحلات التجارية وإمكان الحجز مباشرة مع شركة الطيران، فيما طلب وزارة الخارجية الأميركية من بعض موظّفي سفارتها في بيروت مغادرة لبنان مع تفاقم التوتر في الشرق الأوسط، هو بمثابة موضوع خاصّ بموظفين في السفارة، ولا تحبّذ التحدّث عنه إعلامياً، مع الاكتفاء بتأكيد أهمية متابعة ما يصدر عن وزارة الخارجية الأميركية في هذا المجال. وكان صدر بيان حديث عن الوزارة طلب من بعض الموظفين مغادرة لبنان، واشترط أن يحصل موظفو السفارة على إذن مسبق للسفر الشخصي، فيما يمكن أن تفرض قيود سفر إضافية على الموظفين الأميركيين تحت مسؤولية أمن رئيس البعثة. كذلك، وضعت الولايات المتحدة بعض قوّاتها في قبرص للمساعدة في حال اتخاذ أي قرار لإجلاء الأميركيين من لبنان، لكن قراراً كهذا لم يتخذ حتى الآن.

في الموازاة، حصلت "النهار" على معطيات تشير إلى أنّ السفارة الفرنسية في بيروت تنسق مع شركة طيران الشرق الأوسط لتأمين مقاعد للراغبين في المغادرة ممن يحملون الجنسية الفرنسية، في الطائرات التابعة لطيران الشرق الأوسط والتي تنظّم رحلات إلى باريس. كذلك تسعى لتنظيم رحلات تجارية جوية إضافية إلى باريس في هذه المرحلة بالتنسيق مع طيران الشرق الأوسط، على أن تتعاون السفارة الفرنسية مع شركة الطيران لتأمين مغادرة المواطنين الفرنسيين أيضاً، ولاسيما منهم المضطرين للانتقال إلى فرنسا. في غضون ذلك، أبحرت سفينة الإثنين المنصرم من تولون في فرنسا، وهي حاليّاً في البحر الأبيض المتوسط، لكن هذا الإجراء ليس بجديدٍ، ويأتي من ضمن رحلات السفن الفرنسية البحرية، إذ إن لفرنسا سفنها في البحر الأبيض المتوسط، وهو قبل أن يكون تدبيراً احترازياً، يُعدّ بمثابة إبحارٍ متعارف عليه للسفن الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط. وحتى اللحظة، لا حديث عن استعدادات تتخذ لإجلاء الرعايا الفرنسيين من لبنان، لكن مساعدة الراغبين في المغادرة تتم بالتنسيق مع شركة طيران الشرق الأوسط من خلال الرحلات التجارية.

ومن الدول المحورية على المستوى اللبنانيّ، المملكة العربية السعودية التي لا تتخذ بحسب ما استقت "النهار" تدابير خاصة بإجلاء رعايا سعوديين من لبنان، ذلك أنّ السفارة كانت بدأت تصدر تحذيرات لرعاياها في سنوات سابقة بعدم زيارة لبنان نتيجة الاضطرابات الأمنية والسياسية.

وعندما سألت "النهار" مصدراً رسمياً في وزارة الخارجية اللبنانية عن التحضيرات أو الإجراءات التي تتخذها بعض الدول لإجلاء رعاياها من لبنان، اكتفى بالقول إنه "مع تسارع الأحداث وتأزم الوضع تباعاً كانت تصدر تحذيرات من السفر إلى لبنان إلا عند الضرورة، على أن يغادر من ليس لديه حاجة للبقاء، لكن تغيّر الوضع على مستوى بعض الدول بعدما صارت الضربات الحربية أكثر احتداماً".

ويلاحَظ أن عمليات الإجلاء التي تتخذها بعض الدول لا تزال محدودة، ولكن التحضيرات قائمة في حال تفاقم الأوضاع الحربية. وتعمل وزارتا الخارجية والدفاع في ألمانيا على عمليات إجلاء من لبنان للموظفين غير الأساسيين وأسر العاملين في السفارة وبعض المواطنين الألمان. وتحضّر إسبانيا من جهتها لإرسال طائرتين عسكريتين لإجلاء ما يصل إلى 350 مواطناً. وستقلّص بولندا عدد الموظفين في سفارتها ببيروت وتنظّم عمليات لنقل رعاياها الراغبين في مغادرة لبنان. من ناحيتها، قلّصت إيطاليا عدد موظفيها الديبلوماسيين. وطلبت قبرص من اليونان توفير طائرة لإجلاء رعاياها الراغبين في المغادرة. وساعدت البرتغال في إجلاء عدد من البرتغاليين المقيمين في لبنان. وتحضّرت أوستراليا لإجلاء عدد من الرعايا بحراً. أما هولندا فتعتزم إرسال طائرة عسكرية لإعادة رعاياها من لبنان. وعملت الصين على إجلاء بعض مواطنيها. وستتعاون كندا مع أوستراليا في إجلاء رعاياها بحراً. واستأجرت الحكومة البريطانية رحلة جوية للمساعدة في تلبية أي طلب إضافي من البريطانيين الراغبين في المغادرة.