رفعت الأسد يمهد لعودته إلى سوريا؟

منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي ترك رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، البلاد مجبراً، وعاش في المنافي الأوروبية بين بريطانيا وإسبانيا وفرنسا، وأصبح منذ تلك اللحظة عدواً لـ"الدولة السورية"، على المستوى الشعبي الموالي للنظام على الأقل، لتجرئه على محاولة تنفيذ انقلاب عسكري من أجل الاستئثار بالسلطة حينها.

وغاب رفعت لعقود عن الإعلام الرسمي ولم يكن يذكر إلا نادراً حتى ضمن الخطاب الدبلوماسي، خصوصاً أن الرجل المسؤول عن جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في الثمانينيات ما أكسبه لقب "جزار حماة"، كان يعرف عن نفسه بأنه معارض لنظام بشار الأسد. وعاد اليوم ليظهر ضمن الخطاب الموالي للنظام بوصفه جزءاً من العائلة الحاكمة، بعد مشاركته في الانتخابات الرئاسية في سفارة النظام بباريس.

وكرر موالون في "فايسبوك" و"تويتر" نشر صورة رفعت وهو يدلي بصوته لابن أخيه بشار، الخميس. وبينما كتب المعارضون عبارات مثل "دكتاتور ينتخب دكتاتوراً" أو "مجرم يدلي بصوته لمجرم"، كان الموالون يكررون عبارة "القائد رفعت الأسد" مع القلوب الحمراء! وكرر آخرون التحية لرفعت بوصفه واحداً من مؤسسي الدولة السورية بشكلها الحالي، وهو لقب كان يحتكره حافظ الأسد طوال عقود.

وبالطبع فإن ذلك اللقب جدير بأن يلصق برفعت الذي كان أحد الأركان السابقين لنظام دمشق، وقائد "سرايا الدفاع" وهي قوات خاصة كان لها دور أساسي في الهجوم المدمر على مدينة حماة وسط سوريا، الذي أوقع حوالى 20 ألف قتيل عام 1982 رداً على تمرد مسلح نفذته جماعة الإخوان المسلمين، علماً أنه دعا في تصريحات صحافية سابقة إلى إجراء انتخابات عامة في سوريا وتعديل الدستور لمواجهة التحديات والمخاطر التي تنذر بتحويل سوريا إلى ما سماها ساحة جديدة للغزو والعدوان.

وأثار ظهور رفعت في السفارة السورية بباريس كثيراً من التساؤلات حول السبب الذي يدفع الرجل الملاحق بدعاوى قضائية في فرنسا إلى تقديم ظهور علني نادر يخاطب به السوريين. وكرر معلقون تقديراتهم بأن رفعت يمهد لعودته إلى دمشق في المستقبل تهرباً من الملاحقة القضائية في فرنسا، وهي نقطة لا يمكن التأكد من دقتها على الأقل في الوقت الحالي، حيث تنظر محكمة الاستنئناف بباريس حالياً باتهامات الاختلاس الموجهة بحقه.

وكان القضاء الفرنسي حكم على رفعت في حزيران/يونيو الماضي بالسجن أربع سنوات بعد إدانته بشراء عقارات بتسعين مليون يورو حصل عليها عبر غسيل الأموال والاختلاس من الخزينة السورية لكنه لم يسجن بسبب ظروفه الصحية. فيما تقول عائلته ومحاميه أنها أموال أغدقها عليه الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، حسبما أشارت وسائل إعلام فرنسية.

ورفعت الأسد الحاصل على وسام جوقة الشرف في فرنسا العام 1986 عن "خدمات مقدمة" مهدد بدعوى في إسبانيا في قضايا أكبر بكثير تتعلق بنحو 500 عقار. وهو ملاحق في سويسرا بتهمة ارتكاب جرائم حرب في ثمانينيات القرن الماضي.