زيارة بارولين للبنان مفصلية والرئاسة العنوان الأبرز

سلكت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان بييترو بارولين، مساراً طويلاً، إذ تأتي في ظروف مفصلية يجتازها لبنان، وخصوصاً الشغور الرئاسي الذي سيأخذ حيزاً أساسياً من زيارة الرجل الثاني في حاضرة الفاتيكان، المواكب كل المسارات الداخلية على الساحة اللبنانية، والعارف حق المعرفة ما يحيط بهذا البلد من أزمات، وتحديداً الدوافع والأسباب التي تعطل انتخاب رئيس للجمهورية، ناهيك باطلاعه على كل ما جرى في الفترة الماضية من محطات يعوّل عليها الفاتيكان، كي تتم قراءتها من بعض القيادات المسيحية، وفق قراءة أوساط متابعة للزيارة.

في السياق، يقول النائب السابق فارس سعيد لـــ"النهار": "على البعض أن يقرأ هذه المحطات في تاريخ الكنيسة، وخصوصاً اعترافها بالديانة الإسلامية بداية، إلى تطور هذا المسار في محطات لافتة شهدها لبنان، من زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لبنان وبعده البابا بينيديكتوس السادس عشر، إضافة إلى لقاء قداسة البابا فرنسيس مفتي الأزهر في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم آية الله السيستاني في العراق. هذه عناوين أساسية يجب ألا يغفلها البعض في لبنان، لما تنطوي عليه من أهمية قصوى على صعيد العيش المشترك الإسلامي- المسيحي الذي سيأخذ جانباً بارزاً من زيارة أمين سر دولة الفاتيكان. ولا يخلو بيان من التشديد على هذه الصيغة، من قداسة البابا فرنسيس إلى الزائر الرسولي. وعلى هذه الخلفية، فاللاءات ستتم إثارتها ليسمعها بعض من يغفلون هذه المحطات ولا يدركون أهميتها. والواقع أن الفاتيكان كان له دور أساسي في الوصول إلى اتفاق الطائف ودعمه، إضافة إلى حوار الأديان الذي يعتبر ثمرة جهود الملك سلمان بن عبد العزيز، وقبله الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والعلاقة الوطيدة بين الرياض والفاتيكان. ومن يتجاوز هذه العناوين فهو مخطئ، ربطاً بما يجري من بعض القيادات المسيحية والمعارضة من مواقف، أي أولئك الذين يثيرون الفيديرالية من دون أن يدركوا عواقبها الوخيمة أو يطلعوا على هذه العناوين التاريخية والمستقبلية التي أشرت إليها. بمعنى أوضح، اتفاق الطائف ثمرة اتفاق دولي إقليمي وجهد فاتيكاني، ورغبة واضحة من البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير الذي اضطلع بدور أساسي في الوصول إلى هذا الاتفاق الذي تتمسك به بكركي اليوم من خلال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وأي طروحات أخرى هي انتحار سياسي في هذه المرحلة".

 

توازياً، يبقى وفق المتابعين والمواكبين لزيارة أمين سر دولة الفاتيكان للبنان، أن الزيارة جاءت بعد قمة النورماندي بين الرئيسين الأميركي والفرنسي جو بايدن وإيمانويل ماكرون، وكان الأخير أرسل موفده إلى لبنان جان إيف لودريان إلى حاضرة الفاتيكان والتقى بارولين المتابع للملف اللبناني، وخصوصاً أن دولة الفاتيكان تمارس ضغوطها على واشنطن وباريس وكل الدول المعنية من أجل الدفع الى انتخاب رئيس للجمهورية، لما لهذا الموقع من دلالة وأهمية في لبنان، وخصوصاً أنه في الدول العربية قاطبة، باستثناء لبنان، لا يتولى أي مسيحي رئاسة البلاد، ولهذا دلالاته المسيحية والوطنية والعربية. وتأسيسا على ذلك، الشغور الرئاسي له محاذيره ومخاطره في مثل هذه المرحلة التي تشهد تحولات ومتغيرات كبيرة في المنطقة، ما يعني أن أمين سر دولة الفاتيكان ستكون له مواقف واضحة خلال لقاءاته بالمرجعيات المسيحية وأحزابها، وسيتناول موضوع الرئاسة من زاوية توافق الجميع على مرشح، وانتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن، لأن الفراغ ستكون له تداعيات سلبية مسيحياً ولبنانياً. وبناء عليه، فقد عقد اجتماع مثمراً وتفصيلياً مع لودريان، وتم عرض الواقع الرئاسي من جوانبه كافة وبتفاصيله الدقيقة.