سيطرة تركيا على طرابلس وعكار ستفتح أشرس معركة جوية فرنسية - تركية في سماء لبنان!

على وقع الزّهو الفرنسي الإحتفالي بالمئوية الأولى لإعلان دولة "لبنان الكبير"، أسئلة كثيرة تحوم حول دور إحدى أكبر الدّيبلوماسيات السريّة في منطقة الشرق الأوسط، وهي الدّيبلوماسية التركية، التي تحاول تفعيل دورها في لبنان أكثر، منذ صيف عام 2019.

يشكّل الملف الحكومي اللّبناني مساحة لتناقضات كبيرة. ففيما تتنافس أوروبا عموماً، وفرنسا خصوصاً، مع تركيا، حول المناطق الإقتصادية الخالصة، ومشاريع الطاقة في منطقة شرق المتوسّط، وحول الملف اللّيبي، نسأل عمّا إذا كانت باريس ستجلس مع أنقرة، جنباً الى جنب، على طاولة الحكومة اللّبنانية الجديدة.

 

نَفَس تركي؟

فالى أي مدى يُمكن القول إن الظروف التي أحاطت بتكليف مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة، خطوة بعيدة من أي نَفَس تركي، خصوصاً بعدما أبدت أنقرة رغبة واضحة في اقتحام المشهد اللّبناني، وبأشكال مختلفة غير محصورة بالشقّ الإنساني فقط، بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت؟ وهل ان لا دخل لأنقرة أبداً بكلّ ما يجري في لبنان حالياً، رغم انتشار نفوذها في المنطقة عموماً، برّاً وبحراً؟

والى أي مدى تتنافس تركيا مع العرب، وليس فقط مع الفرنسيين، في لبنان، على وقع التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي؟

 

مواضيع حسّاسة

رأى مصدر سياسي أن "التسوية لم تكتمل فصولها في لبنان بَعْد. فرغم التسهيل الحكومي، نجد أن لا إطار واضحاً لتسوية سياسية مبدئية يرضى عنها الشعب، وكل الأطراف السياسية في البلد. وهذا هو المدخل الأساسي لبدء عمل فعّال على تطبيق الإصلاحات المطلوبة من لبنان دولياً".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أن "الوضع العام في لبنان لا يمكن تحييده عن الوضع الإقليمي والدولي. فما يحصل في المنطقة والعالم حالياً يُعيدنا الى ما نسيه الجميع، وهو ما كانت تتحدّث عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، أي مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي تأتي "صفقة القرن" كبند من بنوده. فهذه الصّفقة لا تزال حيّة، رغم أنها لاقت اعتراضاً فلسطينياً وخليجياً وعربياً، ونرى بوضوح التطبيع الذي يحصل بين الإمارات وإسرائيل في الآونة الأخيرة".

ولفت الى أن "الوضع الإقليمي والدولي يشبك كل الأطراف الإقليمية والدولية فيه، من أميركيين وأوروبيين وفرنسيين ومصريين وأتراك وإيرانيّين وسوريين وسعوديين وخليجيين عموماً، فيما يبقى لبنان الحلقة الأضعف بينهم كلّهم".

وأوضح أن "تثبيت المسار التطبيعي بين الإمارات وإسرائيل سيُستتبَع بمسار أمني بين كلّ من أبو ظبي وتل أبيب، برعاية أمنية أميركية أيضاً. وهذا ما سيُدخل دور الإستخبارات الإماراتية والإسرائيلية، للتفاهُم على مواضيع حسّاسة، قد لا يتمّ التطرُّق إليها في اتّفاق التطبيع العلني بين الطرفَيْن".

 

تركيا

وردّاً على سؤال حول النَّفَس التركي الذي تُظهره بعض خلفيات تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة الجديدة، وانعكاس ذلك على جلوس باريس وأنقرة معاً على طاولة الحكومة اللّبنانية الجديدة، فيما تتصارعان على مستوى المنطقة، أجاب المصدر:"شكّلت كارثة انفجار مرفأ بيروت مادّة لاجتذاب كلّ الأطراف الدولية الى لبنان، على الصعيد الإنساني أولاً، وعلى الصّعيد السياسي ثانياً. ففرنسا مثلاً لم تتأخّر عن المبادرة الى إطلاق تفاهمات ومبادرات لتشكيل حكومة، وكل الدّول أرسلت وفودها الى لبنان".

وأضاف:"التصارُع الأوروبي - الفرنسي - التركي على مستوى البحر المتوسط وليبيا، من الطبيعي أن يصبّ في لبنان أيضاً، انطلاقاً من أن أمن أوروبا صار من أمن لبنان".

وشرح:"إذا اندلعت أي مواجهة أو حرب في لبنان، وأدّت الى انتقال نحو مليون ونصف سوري الى أوروبا، ستحلّ الكارثة على الأوروبيين في تلك الحالة. وإذا تدهورت الأوضاع الأمنية في لبنان، ودخل الأتراك على الخط للسيطرة على طرابلس وعكار بالكامل، تكون الكارثة حلّت على مستوى لبنان والمنطقة".

وختم:"إذا أضفنا الى تلك الإحتمالات، حسابات ترتبط أيضاً بامتلاك إيران صواريخ يُمكنها أن تطال جنوب أوروبا، نجد في تلك الحالة أن العمل الأوروبي - الفرنسي على حفظ وضمان استقرار لبنان، عبر القبول بأدوار لأطراف إقليمية موجودة في المنطقة، أكثر من طبيعي".