شورى الدولة يكرس قراره الاول بوقف تنفيذ تراخيص بوشيكيان

هي قرارات الترخيص الصناعي التي سبق واصدرها وزير الصناعة جورج بوشيكيان متخطيا صلاحيات المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، لا تزال مسار اخذ ورد بين الطرفين، والتي كانت محور مراجعات طعن وابطال امام شورى الدولة.

فبعد الطعن الذي قدمه جدعون امام شورى الدولة، معتبرا ان "قرارات بوشيكيان مخالفة للقانون"، وبعد القرار القضائي – الاداري الذي جاء لمصلحة جدعون، عاد بوشيكيان وقدم مراجعة طلب امام شورى الدولة يطلب فيها الرجوع او العودة عن القرار القاضي بوقف تنفيذ 35 قرار ترخيص صناعي.

"النهار" كانت نشرت في عددها الصادر في 15 تموز الفائت، قرار شورى الدولة الذي طالب بوقف التراخيص المعطاة من بوشيكيان، والذي صدر في 22 حزيران الفائت، واليوم تنشر نتيجة القرار الذي اصدره شورى الدولة بعد مراجعة بوشيكيان امامه. فماذ جاء في طلب قرار العودة عن وقف التنفيذ؟.

المراجعة الاخيرة

"النهار" حصلت على نص قرار شورى الدولة الصادر في 29 آب الماضي، والذي طلب بالاجماع " رد طلب الرجوع عن القرار الاعدادي تاريخ 22 – 6 – 2023".

لا شك ان قضية بوشيكيان – جدعون اخذت الكثير من اشكال النزاعات القضائية وامتدت على مراحل. ولا يبدو انها انتهت، لاسيما بعدما اقرت حكومة تصريف الاعمال مرسوم إحالة المدير العام للصناعة على الهيئة العليا للتأديب ووقفه عن العمل.

هكذا، سلك الطرفان مسار شورى الدولة. فماذا حملت المراجعة الاخيرة؟

"النهار" اطلعت على المراجعة الاخيرة التي اصدرها شورى الدولة، فأتت النتيجة لتؤكد على ما سبق وتوصل اليه شورى الدولة في قراره الاول لجهة عدم قانونية قرارات بوشيكيان، وتعليلها " بالضرر الناتج عنها"، وفقا لاحكام المادة 77 من نظام شورى الدولة.

واستند قرار شورى الدولة، في نص قراره، على مواد دستورية، وتحديدا المادة 66 التي تنص على ان " يتولى الوزراء ادارة مصالح الدولة، ويناط بهم تطبيق الانظمة والقوانين"، وبالتالي ربط الدستور بين مخالفة القوانين والتعرض لمصالح الدولة، حيث ان كل ما هو مخالف للقانون يأتي حكما ضد مصلحة الدولة.

وعلّل شورى الدولة رد طلب يوشيكيان بالاتي: " بما ان القرار الاعدادي بوقف التنفيذ او برده، ولئن كان يشكل قرارا تمهيديا لا يتمتع بقوة القضية المحكمة المطلقة، غير انه يتعين على مجلس شورى الدولة وعلى الافرقاء في النزاع ايضا التقيد به، ما لم يطرأ ظرف قانوني او واقعي جديد او غير معلوم او يكتشف مجلس شورى الدولة امورا يتحتم معها تعديل القرار الاعدادي او الرجوع عنه. وبما ان المراجعة لا تتضمن اي عناصر او معطيات قانونية جديدة، والاهم انها لا تتضمن اي اسباب قانونية جديدة تبرر الرجوع عن القرار الاعدادي، الامر الذي يستوجب بالتالي رد طلب الرجوع عن القرار الاعدادي".

هكذا تقرر وبالاجماع رد طلب الوزير.

الاحالة على التأديب؟!

يبقى وضع جدعون الذي احيل على التأديب. من المعلوم، انه بعد مرور 3 اشهر على صدور القرار، قد يعود الموظف تلقائيا الى منصبه في حال لم يصدر حكم ضده. وفي حالة جدعون، لم تنقض المهلة بعد، علما ان جدعون نفسه طعن أيضا بقرار الإحالة امام شورى الدولة في انتظار نتيجة الطعن، قريبا.

... وبعد، وبعدما قال القضاء – الاداري كلمته اكثر من مرة. لا بد من سؤال "دستوري" واضح، وهو اين مسؤولية الحكومة ورئيسها من كل ما حصل، ومن تكريس امر المخالفات الوزارية بوضوح؟

وفق المادة 64 من الدستور والمتعلقة بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء، فان رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، فيما تحدثت الفقرة 7 من المادة نفسها عن ان رئيس الوزراء يتابع اعمال الإدارات والمؤسسات العامة، معنى ذلك، ما دام رئيس الوزراء يعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسات العامة التي تتضمن حكما القرارات واعلانها مكافحة الفساد وتطبيق القوانين. وما دام القضاء الإداري أي قرار شورى الدولة اثبت ان وزير الصناعة خالف القوانين والأنظمة، وبالتالي السياسة العامة للحكومة، فلا بد من السؤال عن الإجراءات التي يمكن ان يتخذها رئيس الحكومة بحق الوزير تطبيقا للقوانين وواجبات الحكومة مكافحة الفساد، كما أعلنت هي في بيانها الوزاري.

باختصار، بعد شورى الدولة، ثمة مسؤولية على الحكومة ورئيسها ، اقله تطبيقا لتعميم سبق وأصدره رئيس الحكومة بنفسه، حين تحولت حكومته حكومة تصريف اعمال، وانسجاما مع احكام المواد 64 و65 و66 من الدستور، لاسيما بعدما ضربت مفاصل الدولة ونهشت نهشا بالفساد والمحسوبيات والصفقات.... ؟!