طبول الحرب تتفوق على المساعي الديبلوماسية في لبنان...الجنوب بعد رفح؟

 أي كلام عن صيف حار في لبنان لم يعد مجرد توقعات ولا رهناً بأي تطور ديبلوماسي. لكنه حتما لن يكون على غرار صيف تموز 2006.

عسكريا يتوقع ان لا تقتصر الرياح الحارة على الجنوب وحسب إنما على كل لبنان لإلزام حزب الله على التراجع 18 كيلومترا أي حتى حدود الليطاني مما يدفع الحزب الى تحريك صواريخه الدقيقة التي لم يستعملها حتى الآن على رغم سقوط اكثر من 400 من صفوف الحزب بين قياديين وعناصر. هذا ولم نأت بعد على عدد الضحايا من المدنيين إضافة إلى الخسائر الفادحة في البنى التحتية وتدمير منازل بشكل كلي واحتراق آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.

الإنذارات التي تؤشر لهذا الصيف الحار ليست إلا نتيجة تطورات بدأت مع تنفيذ عملية اجتياح رفح والمجزرة الإنسانية التي وقعت في الأمس بقصف إسرائيل مخيما للنازحين أدى إلى سقوط 45 ضحية بين نساء وأطفال ومسنين ، وهزت الرأي العام الدولي والعالم. في وقت اكتفى رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو ، بالقول في خطاب امام أعضاء الكنيست بأنها "خطأ كارثي ويجري التحقيق بها" وأردف "لست مستعدا لإنهاء الحرب قبل تحقيق النصر الكامل ولن أرفع علم الاستسلام، وسنواصل القتال.يجب توجيه الضغط على حماس ونحن نفعل ذلك ونقاتل بقوة".

حتى اللحظة يبدو أن المساعي الديبلوماسية لم تجد طريقها للحل، فالورقة الفرنسية المعدلة  لم تجد أي أصداء إيجابية، خصوصاً على المقلب الإسرائيلي من الصراع، في حين أن الجهود الأميركية التي كان يقوم بها مبعوث البيت الأبيض آموس هوكشتاين توقفت من دون أن تحقّق أي خرق فعلي.فما تريده إسرائيل هو إنهاء "تهديدات" حزب الله جنوباً وإبعاده عن حدودها وضرب إمكانياته الصاروخية وهذا ما تؤكده طبيعة الاغتيالات، في المقابل لن يتوقف الحزب عن القصف الا حينما تنتهي الحرب في غزة. وعلى رغم المساعي الدولية التي نجحت حتى الساعة في منع توسيع رقعة الحرب وتحويلها إلى اشتباك شامل بين الطرفين من دون قواعد، إلا أن هذه المساعي ليست مضمونة لأنها فشلت نسبياً في رفح ولم تتمكن من منع إسرائيل من تنفيذ عملية برّية في المدينة.

والسؤال الذي يتردد صداه، هل يكون لبنان وحزب الله بعد القضاء على حماس في رفح وغزة؟

العميد المتقاعد جورج نادر يؤكد بأن الضربة على لبنان آتية لا محالة بعد الإنتهاء من عملية رفح. "فإسرائيل لن ترتاح مع استمرار وجود حزب الله على حدودها الشمالية ولن تقف مكتوفة الأيدي في انتظار 7 تشرين جديدة، والمستوطنون لن يعودوا إلى بيوتهم في شمالي إسرائيل قبل إبعاد حزب الله إما بالطرق الديبلوماسية أو عسكريا".

ومن منظاره العسكري، يستبعد نادر حصول أي اجتياح بري "فهذه العملية ستكون مكلفة لإسرائيل كما لحزب الله الذي سيخسر كل ما لديه ويرجح أن تكون الحرب على لبنان جوا ومحددة على أهداف ومنشآت ومعاقل عسكرية وإعلامية ودينية من الجنوب وصولا إلى الضاحية الجنوبية . بالتوازي سيكثف حزب الله قصفه على العمق الإسرائيلي وصولا إلى  حيفا".

إذا السيناريو العسكري ليس مستبعدا ومن المتوقع أن يبدأ بعد الإنتهاء من رفح. وإذا كان نادر يرجح أن تكون الحرب جوا إلا أنه لا يستبعد أن تتحول برا أو برا وجوا على رغم الضغوطات الديبلوماسية وكثرة الموفدين الذين يؤكدون ضرورة التهدئة وعدم توسيع رقعة الحرب ويضعون على طاولة المفاوضات خرائط ترسيم الحدود والإنسحاب التكتي لحزب الله. لكن إسرائيل لن ترضى بأي حل إلا بإبعاد حزب الله حتى حدود الليطاني وستستكمل عملية رفح غير آبهة بالمواقف الدولية والقرارات الصادرة عن محكمة لاهاي".

ثمة من ينظر إلى إمكانية تراجع إسرائيل نتيجة اعترافات دول عديدة بدولة فلسطين."لكن هذا الأمر لن يغير في الأمر شيئا فإسرائيل تريد ضمان سلامة مستوطنيها على حدودها الشمالية وهذا لن يتحقق بوجود حزب الله . والأخير لن ينسحب بسهولة ولن يرضح لأي حل يقوم على إبعاده عن الحدود الجنوبية مما يؤكد أن الحل الديبلوماسي مستبعد والضربة التالية بعد رفح ستكون على لبنان صيفا بضرب الأهداف التي لم تستهدفها إسرائيل بعد تنتهي بإبعاد حزب الله عن حدود إسرائيل الشمالية ونشر قوات إما عربية أو دولية ".

كل التوقعات بعد انطلاق عملية رفح ترجح احتمال  "عملية واسعة على لبنان في الشهرين المقبلين لأن في هذه الفترة يفترض أن تكون إسرائيل قد انتهت من معركتها في رفح خصوصا أن العملية وصلت إلى منتصف المدينة وهناك حركة نزوح شديدة نحو مصر غير معلنة عدا عن المحاولات التي تحصل برا وبحرا.وإذا ما تفوقت العملية العسكرية على الجهود الديبلوماسية إلا أنها لن تكون شبيهة بحرب تموز 2006 لأن الضربات لن تطال البنى التحتية والجسور إنما منشآت محددة للحزب في كل لبنان" يختم نادر.

يبقى أن نجاح المساعي الديبلوماسية في حال أراد حزب الله تجنب سيناريو مشابه لغزة ورفح سيكون وفق تسوية ترتبط أولا بالحدود الجنوبية والسياسة الداخلية، وعلى حماوة هذه المساعي المرجحة صيفاً تأتي الحلول الرئاسية وستكون حتما على نار حامية.