طفح الكيل في القضاء... النائب العام التمييزي مصمّم على إجراءات جديدة بحقّ "المتمردة" غادة عون

طفح الكيل بين النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والنائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون ولا عودة الى الوراء وفق مصادر قضائية مطلعة، إذ قرر اتخاذ إجراءات إضافية بحقها تتصل بتمرد المرؤوس على رئيسه.

فبعد إحالته القاضية عون على التفتيش القضائي قبل ثلاثة أسابيع ورفضها المثول لكون رئيسة التفتيش القضائي القاضية سمر سواح أدنى درجة قضائية، فما السبيل الذي سيلجأ إليه القاضي الحجار المصمّم والعازم على سلوكه؟

تقول مصادره لـ"النهار" إنه سيقوم بما يتيحه القانون له، فهل سيسلك الطريق الجزائية؟

عندما تسلم النائب العام التمييزي مهماته في أواخر شباط الماضي عقد أكثر من اجتماع بينه وبين القاضية عون في مكتبه في قصر العدل ولكن التواصل بين القاضيين لم يكن يراعي صلاحية الرئيس بمرؤوسه، بحسب مصادر قضائية. وبان فتور هذه العلاقة جلياً عندما فُتح التحقيق في ملف "التيك توكرز" الذي أشرفت القاضية غادة عون على تحقيقاته الأولية في مرحلة أولى قبل سفرها الى الخارج ليتولى المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان هذه المهمة في فترة غيابها والتقى خلالها القاضي النائب العام التمييزي وأطلعه على اجواء الملف وجرى التنسيق بين الطرفين.

وسبق هذا الفتور توجيه القاضي الحجار كتابين الى القاضية عون بواسطة رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العميد نقولا سعد تسلمتهما منه، مع الإشارة الى أن هذا القسم يعمل مباشرة بإشراف النائب العام التمييزي ومكتب رئيسه في طبقة النيابة العامة التمييزية. وطلب في الكتاب الأول الاطلاع على ملفات مصارف قيد التحقيق لديها، بحسب المصادر القضائية، فأرسلت له ملفاً واحداً لا يزال لديه. أما الكتاب الثاني فيتصل بثماني دعاوى مخاصمة بوجهها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز من مصارف رفضت تبلغها لأن النيابة العامة في نظرها خصم في الدعوى. وعملياً يرفع القاضي المعنيّ يده عن الملف حين يعلم بوجود هذا النوع من الدعاوى.

وعاد النائب العام التمييزي ووجّه كتاباً ثانياً إلى النائبة العامة الاستئنافية في الجبل طلب فيه إيداعه من دون إبطاء جدولاً بكل الشكاوى المقدّمة ضد المصارف والمراحل التي وصل إليها التحقيق والإجراءات المتخذة في صددها، والتأكيد على كتابه الأول الذي طلب فيه منها التوقف عن السير في التحقيقات بكلّ الملفات التي فيها مداعاة مخاصمة الدولة عن أعمال قضاتها الى حين بتّها من الهيئة العامة لمحكمة التمييز. كما طلب منها بموجب هذا الكتاب الثاني إيداعه خلال مهلة يومين الملفات المتعلقة باثنين من الملفات ضد مصرفين للاطلاع عليها وإعطاء توجيهات خطية عند الاقتضاء عملاً بالمادة ١٣ في قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وجواباً على هذا الكتاب، تضيف هذه المصادر، طلبت القاضية عون من القاضي الحجار إيداعها الملف المصرفي الذي كانت أودعته إياه لجلسة قريبة محدّدة منها في شأنه. كما أبلغت النائب العام التمييزي أنها لن ترفع يدها عن الملفات المتعلقة بدعاوى المخاصمة المقدمة بوجهها لكون الرئيس الأول القاضي سهيل عبود رفض تبلغ دعوى المخاصمة المقدمة منها بوجهه أمام مجلس القضاء الأعلى في ملف استئنافها أمام الهيئة القضائية العليا للتأديب، قرار المجلس التأديبي للقضاة الذي قضى بصرفها من الخدمة. وتشير هذه المصادر الى أن القاضي يرفع يده عن الملف المعني حين يسمع بدعوى المخاصمة، وتضيف أن القاضي عبود أمّن النصاب لجلسة مجلس القضاء وعند طرح دعوى المخاصمة لم يشارك في بتّها وصدر القرار بعدم صلاحية مجلس القضاء بت هذه الدعوى. وقد تقدّمت القاضية عون بمراجعة في صددها أمام مجلس شورى الدولة.

والسؤال: ما طبيعة الإجراءات التي سيباشر بها النائب العام التمييزي؟ إن الإحالة على التفتيش القضائي ستراوح باعتبار أن القاضية عون أعلنت أنها لن تمثل أمام قاضٍ أدنى درجة منها. كما أن الشغور في هيئة التفتيش القضائي يحول دون إحالة أي ملف مسلكي على المجلس التأديبي، وكذلك توقف عمل الهيئة العليا للتأديب بفعل المراجعة التي تقدمت بها القاضية عون أمام الشورى. لقد طلب القاضي الحجار إيداعه ملفات الشكاوى المقدمة من مودعين ضد عدد من المصارف، وهذا ما لم يحصل حتى الساعة وهو مصمّم على طلبه، "وسأقوم بما يمليه عليّ القانون وسأباشر باتخاذ الإجراءات والقانون يخوّلني القيام بها. فهل هو بمثابة إنذار أخير ما قبل العاصفة لتلبّي النائبة العامة الاستئنافية في الجبل ما طلبه تأكيداً؟

تنفي مصادر القاضي الحجار أن تكون هناك أي أبعاد سياسية لتأكيده مضمون كتابيه الى القاضية عون. وتنقل عنه أنه مودع ضحية مثل الضحايا المودعين الكثر. وشقيقه تُوفّي ولديه وديعة "حرزانة" وعالقة في أحد المصارف. وفي المقابل تمكن مودعون من إخراج أموالهم من لبنان، وكذلك ثمة مودعون يحصلون على جزء من وديعتهم والجزء الباقي يذهب الى جيب الوسيط.