طهران تضبط نفسها الآن ولكن القضيّة الفلسطينيّة ستفجّر مواجهة روسيّة - إيرانيّة كبرى!

هل تأتي رياح التّصعيد العسكري الأخير بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين بما يُعاكس السُّفُن الإيرانيّة التي حاولت حصر كلّ شيء بـ "سَلْق" مسار فيينا النووي، والضّغط على الأميركيين فيه؟

الوقت لا يزال مبكراً للحصول على الحقيقة. ولكن ما حاولت إيران نَيْله من انخراطها العسكري غير المباشر ضدّ إسرائيل في غزة، تتلقّفه أكثر من جهة دولية، بما يُخرِج الأمور من إطار ترتيبات وقف التّصعيد حصراً. 

"مدريد" أو "أوسلو"؟

تشير بعض المعطيات الى أن المنطقة على أبواب وضع جديد، قد يكون عمليّة سلام إسرائيلية - فلسطينية، بدأت فصولها الأولى بإطلاق مسار تتشابك صورته حتى الساعة بين مواقف أميركية - روسية - صينيّة - أوروبيّة - عربيّة، متعدّدة، ولكنّها تشدّد كلّها على ضرورة إرساء حلّ سياسي، تمهيداً لمفاوضات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وحلّ دائم.

فهل نحن أمام "مؤتمر مدريد"، أو "اتّفاقيّة أوسلو"، من نوع جديد؟ ومن يُمسِك بالأوراق اللبنانيّة في هذا المسار الإقليمي الجديد، بعدما باتت سوريا عاجزة عن لعب الأدوار التي كانت تقوم بها خلال التسعينيات؟ 

معركة مباشرة

هل هي روسيا؟ أو فرنسا؟ أو إيران التي يبدو أنها بدأت حرباً في غزة تفدي "النووي" الإيراني بالدم الفلسطيني، فانتهى بها الحال بوضع ليس تحت سيطرتها تماماً، وذلك رغم اتّكالها على قواها العسكرية المنتشرة في المنطقة عموماً؟

فبحسب بعض المراقبين، قد يشكّل إطلاق عمليّة سلام إسرائيلية - فلسطينية بعد مدّة، إطلاق الرّصاصة الأولى في معركة المواجهة المباشرة بين روسيا وإيران في الشرق الأوسط. 

مناورات

فموسكو تتمتّع بعلاقات ممتازة مع تل أبيب، وتضع نفسها في صُلب أي عمليّة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فيما طهران ستحاول خلط الأوراق في هذا الإطار بما يناسبها، لكونها باتت أكثر تمدُّداً في المنطقة، ممّا كانت عليه خلال التسعينيات. وهو ما يعني أن تضارُباً كبيراً في المصالح بين روسيا وإيران سيأخذ مكانه، وسيُشعِل الغضب الروسي من طهران، لِكَوْن المناورات الإيرانيّة في الملف الفلسطيني، ستؤثّر على الحضور الروسي في المنطقة عموماً، وفي سوريا خصوصاً، وهذا ما لن يهضمه الروس بسهولة.   

"صفقة القرن"

شدّد مصدر واسع الإطّلاع على أن "التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية له أساس مدروس. فهو بدأ من وحي مفاوضات فيينا النووية، التي من الممكن أن تصل الى خاتمة مقبولة. فمن أجل التقدُّم أكثر في فيينا، كان لا بدّ من الدّخول في ملفات شرق أوسطيّة أخرى، من بينها القضية الفلسطينية، التي يجب إيجاد حلّ لها قبل الإتّفاق مع إيران حول الملفّ النووي".

ولفت حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "صفقة القرن" التي عارضها الجميع قبل سنوات، باتت على نار حامية الآن، من باب المليارات والحوافز المالية التي تقدّمها لأكثر من دولة في المنطقة. وبالتالي، هي موضوعة للبناء عليها، ومن خلالها، في العديد من المُقترحات مستقبلاً". 

مواجهة مباشرة

وأكد المصدر أن "روسيا على تفاهم كامل مع إسرائيل، وهي تحاول أن تقوم بدور إيجابي كبير جدّاً تجاه تل أبيب. ومن هذا المُنطَلَق، ستلعب موسكو دوراً كبيراً في ما يحضّر للمنطقة منذ مدّة طويلة، وهو مشروع كبير، أميركي - أوروبي - روسي. والتصعيد العسكري في غزة يأتي ضمن هذا الجوّ، لأن حركة "حماس" هي العنصر الأكثر تشدُّداً في الحلّ المرتبط بالقضيّة الفلسطينيّة".

وعن التنافُس الروسي - الإيراني في هذا الإطار، أجاب:"ستبدأ المواجهة المباشرة بين موسكو وطهران عند وضع القضيّة الفلسطينية على الطاولة، وذلك رغم أن إيران ستضبط نفسها نسبياً في البداية، لأن الروس يقفون الى جانبها في فيينا، لتحسين شروطها تجاه الضّغوط الأميركيّة. ولكن الصّمت الروسي عن الهجمات الإسرائيلية على إيران في سوريا، سيدفع طهران الى إزعاج موسكو في الملف الفلسطيني".

وختم:"الروس باتوا لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط، بقواهم العسكرية، وذلك طبعاً الى جانب واشنطن. أما التعويل الإيراني على الصين، فليس سهلاً، لأن بكين لن تكون لاعباً فعلياً في عمليّة السلام الإسرائيلي - الفلسطيني، لأنها ليست لاعباً عسكرياً أساسياً على الأرض في الشرق الأوسط. وبالتالي، أي تصعيد إيراني بالملف الفلسطيني في وجه الروس، سيكلّف طهران الكثير".