عتب سنّي على لودريان... وتراكمات سلبية تهدّد الجميع

على هامش المحطة الأخيرة للموفد الفرنسي جان - إيف لودريان ولقاءاته مع الكتل النيابية الكبرى كان من الملاحظ أنه لم يلتق إلا بعدد قليل من النواب السنة الـ27 الذين يتوزعون على مشارب سياسية عدة أفرزتها الانتخابات الاخيرة قبل سنتين، ولد أكثرها بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن خوضه الانتخابات النيابية فضلاً عن الرئيس نجيب ميقاتي الذي بقي في الواجهة من موقعه على رأس الحكومة وهما يلتقيان في "المونة" على عدد من نواب الطائفة الذين يشكلون فيصل السباق في أي جلسة انتخاب حاسمة وحقيقية لرئيس الجمهورية.

يسود شعور بالعتب الكبير عند نواب سنة على الإدارة الفرنسية لملف الرئاسة ويعبّرون عنه من دون ضجيج إعلامي من خلال تركيز الأخير على أقطاب الشيعة والموارنة والدروز والتغاضي عن الالتفات الى التمثيل السني النيابي في بيروت وطرابلس وصيدا. واكتفي لودريان بلقاء كتلة "الاعتدال" الشمالية وتواصله مع النائب فؤاد مخزومي مع ملاحظة أن "تيارالمستقبل" يرسل رسائله المشفرة بواسطة النائب أحمد الخير. ويقوم ميقاتي بالتمثيل السياسي للحريرية وغيرها من المكونات في الطائفة انطلاقاً من موقعه في رئاسة الحكومة.

ورداً على توزيع نواب هذا المكون يقول نواب سنة إنهم "ليسوا في جيب أي جهة، وإن لقاءات لودريان مطلوبة للمساعدة في انتخاب الرئيس لكن من غير المقبول ولا المنطقي أن لا يكترث لممثلي هذا المكوّن في البرلمان"، مع الإشارة الى أن أصواتاً في الطائفة لا تعير لقاءات لودريان الاهتمام المطلوب مع الاعتراف بأن التنوّع النيابي السني موزع على الخيارات عند من يمسك بالقرار لدى الرئيس نبيه بري و"حزب الله" والى حدّ ما عند "القوات اللبنانية" مع ملاحظة أن مجموع هؤلاء لا يلتقون مع النائب جبران باسيل فيما لا يخفي عدد لا بأس به أنهم لا يعارضون انتخاب سليمان فرنجية. ويغرق "المستقلون" و"التغييريون" من السنة مثل كل النواب في بحر من التراكمات السلبية التي لم تنتج رئيساً الى اليوم في ظل رفع الفيتوات والشروط المتبادلة التي دفعت سفيراً في "الخماسية" للقول إن ثمة جهات لبنانية لا تريد انتخاب رئيس لبلد يختلف أهله على إنشاء معمل لتوليد الطاقة الكهربائية.

وستكون للنواب السنة كلمتهم في "الخيار الثالث" في حال اتباع هذه المقاربة مع التوقف عند كلام فرنجية هنا أنه في حال التوجه الى هذه الصيغة يريد إخراجها مع حليفه الشيعي ومن يدور في هذ الفلك فضلاً عن "التيار الوطني الحر" ولن يكون من مفر هنا أمام قلة من النواب السنة المعارضين إلا التوجّه نحو خيار المعارضة علماً بأن عدداً كبيراً منهم لا يتلاقى معها.

وفي المناسبة يرفض نواب سنة مقولة أنهم سيلبّون في لحظة الجد لانتخابات الرئاسية وما تبلغه لهم السعودية انطلاقاً من علاقتها القديمة مع هذه الطائفة التي تبدي حساسية عالية حيال كل من ينادي بمشاريع الفيديرالية أو المسّ بمندرجات اتفاق الطائف.

ويعلق نواب سنة هنا أن اتهامهم بالدوران مع هذه الدولة أو تلك رغم كل تقديرهم لدور السعودية في لبنان "كلام ليس في محله" وأن مثل هذا الاتهام مرفوض مع حرصهم على علاقة طيبة مع المملكة وقطر العضوين في "الخماسية" مع ملاحظة أن الأخيرة أخذت تشكل حضوراً يتم التوقف عنده لدى البيئات السنية. ورغم أن البعض يريد تثبيت نظرية ارتباط السنة بالخارج وأنهم سيعملون في النهاية بما تقرره الرياض في انتخابات الرئاسة تخرج أصوات من لدنهم للقول إنه وفق هذه المقاربة غير الدقيقة، فإن الشيعة يلبّون مطلب إيران والمسيحيين يطبّقون سياسة أميركا وفرنسا. ولا بد من التوقف هنا عند قرار السعودية عدم عودتها الى لبنان ودعم حكومته المقبلة إن لم تلمس وتتحقق من تطبيق إصلاحات جدية في الوزارات وطيّ صفحة التجارب السابقة غير المشجعة. ولن تتأخر الدوحة بدورها في دعم المؤسسات حيث لم تتوقف في الأصل وخصوصاً حيال الجيش وآخر عروضها بناء معامل للكهرباء شرط أن تقدم الدولة مساحات الأرض المطلوبة.

في غضون ذلك تؤيّد بيئات سنية حصول انتخابات مبكرة إذا استمرّت الحال على هذا المنوال. وثمة من يرى هنا أن انقسام التمثيل النيابي السنّي يشكل عاملاً إيجابياً على أن تتبلور صورته في الانتخابات النيابية المقبلة، لأن وجوهاً عدة في الطائفة من الشمال الى بيروت والبقاع وصولاً الى شبعا تقول إنها لن تبقى متفرجة في الانتخابات المقبلة سواء انخرط فيها "المستقبل" أو بقي على عزوفه جراء جملة من المشكلات والأسباب التي ما زالت تحاصره علماً بأن الرئيس سعد الحريري لم يبدِ أي إشارة بعد تفيد أنه سيغادر مربع العزوف وسط حديث لدى فاعليات سنية ناشطة تتحدث عن استعداد شقيقه بهاء الحريري للحضور الى لبنان في الأسابيع المقبلة وهو يشيد دارة في صيدا على أن يقوم بسلسلة من اللقاءات في مختلف المناطق في إشارة الى بلورة مشروع سياسي جديد على أن تكون له كلمته في الاستحقاق النيابي المقبل الذي بات من اليوم يشغل كل الأفرقاء.