عرسال... عندما يتحوّل المأوى إلى كابوس صحي

في قلب سفوح جبال لبنان الشرقية، تعاني بلدة عرسال من أزمة صحية حرجة، تهدّد سلامة أكثر من 100,000 ساكن فيها، من لبنانيين ونازحين سوريين. فأزمة مياه الصرف الصحي في مخيمات النازحين أثقلت كاهل المشهد في الأحياء السكنية، حيث بدأ ظهور مخاطر صحية وإصابات بالحساسية بين الأطفال، ناهيك بالروائح الكريهة التي لا يُمكن تحمّلها.

مشهد سواقي الصرف الصحي والمستنقعات، التي تغطّي عدداً من أحياء البلدة، يتزايد يوماً بعد يوم، بعد تقليص منظمة اليونيسف عملية شفط مياه الصرف الصحي من 75 في المئة إلى 40 في المئة منذ أسابيع قليلة، جراء تخفيض الأموال من الدول المانحة، بالإضافة إلى خفض كمية المياه النظيفة الموزّعة من 20 ليتراً إلى 12 ليتراً لكلّ فرد، ممّا يُثير قلق السكّان ومخاوفهم من تفشّي الأمراض المُعدية كالكوليرا والجَرَب.

انتشار مياه الصّرف الصحيّ التي بدأت تفيض من المخيمات في شوارع بلدة عرسال، التي تحتضن أكبر تجمعِ مخيماتٍ للنازحين السوريين، بل التي تتوزّع في داخل أحيائها السكنية، حيث يبلغ عدد النازحين فيها ثلاثة أضعاف عدد سكّانها، يخلق نوعاً من الذّعر والخوف لدى السكّان من الأوبئة والأمراض التي قد تولّدها هذه المياه في الشوارع، والتي تشكّل قلقاً كبيراً، نظراً لتداعياتها الخطيرة على سكان المنطقة.

بعض أصحاب الصهاريج المستفيدة من توزيع المياه وشفط مياه الصرف الصحيّ من الحفر المخصّصة لكلّ مخيم يزيدون حجم الأزمة، بسبب رفض بعضهم شفط المياه الآسنة بعد تخفيض النسبة إلى 40 في المئة، ويحاولون رفع تلك النسبة لمنافع شخصية، نظراً لتقاضيهم تكلفة أكبر عند رفع نسبة الشفط، ممّا يزيد حجم الكارثة التي يدفع ثمنها دائماً المواطن الذي لا حول ولا قوة له، والذي يقع بين مطرقة اليونيسف وسندان أصحاب الصهاريج. وقد تداعى بسبب ذلك البعض لقطع الطريق أمام الآليّات وسيّارات اليونسف، التي تدخل المخيمات، في اعتصام مقرّر يوم غد في محاولة لرفع الصوت، لأن الواقع يستدعي تضافر الجهود الدولية والحكومية المعنيّة لإيجاد حلول عاجلة لمعالجة قضايا مياه الصرف الصحي والنظافة العامة، وضمان توفير المياه النظيفة الكافية. فلحماية صحة وسلامة المجتمع في عرسال يجب أن تكون أولوية قصوى في هذه المرحلة الحرجة.

ويؤكد النائب ملحم الحجيري في حديثه لـ"النهار" أنه وضع كلّ الجهود اللازمة، بما في ذلك التواصل مع الوزارات المعنية ومحافظ بعلبك الهرمل، من أجل متابعة الملف بدقة واهتمام، وطالب المعنيين بالتحرك الفوري لمعالجتها حيث للأزمة التي تتكرر بين الحين والآخر تداعيات خطيرة على البلدة وسكانها، لا سيما أنّ البلدة ينتشر فيها العدد الأكبر من النازحين السوريين.