عقود تأمين لأنظمة الطاقة الشمسية: الحلول فردية والدولة غائبة

كتب خضر حسان في المدن:

سارَعَ اللبنانيون مع بداية الأزمة الاقتصادية وانهيار قطاع الكهرباء إثرها، إلى تأمين البديل عبر تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، خصوصاً وأن أرقام فواتير المولّدات الخاصة حلَّقَت مع فوضى المحروقات التي أدَّت إلى ارتفاع الأسعار مع شحّ الكميات المتوفّرة في السوق. ورغم رفع الدعم عن المحروقات ورفع وزارة الطاقة تعرفة الكهرباء التي تنتجها مؤسسة كهرباء لبنان، لم تُحَلّ الأزمة، إذ بقي معدّل الإنتاج تحت المستوى المطلوب، إذ تتراوح ساعات التغذية بين 3 إلى 4 ساعات يومياً وبوتيرة متقطّعة، الأمر الذي عزَّزَ حاجة المواطنين لأنظمة الطاقة الشمسية لضمان استمرارية التغذية بكلفة منخفضة.

وشهد لبنان فورة في انتشار أنظمة الطاقة ومستلزماتها من ألواح شمسية وأسلاك وبطاريات ومحوِّلات... وما إلى ذلك. وبطبيعة الحال، أغرق السوق بأنواع كثيرة وبجودات مختلفة، وتنافست الشركات العاملة في قطاع الطاقة والكهرباء على تأمين المستلزمات ورَفد السوق بكميات أكبر من السلع والأدوات العاملة على الطاقة الشمسية، فضلاً عن ولادة خدمات أخرى مرتبطة بالطاقة الشمسية، لم تكن موجودة قبلاً، وهو ما بَرَزَ بوضوح خلال معرض "أسبوع لبنان الدولي للطاقة الشمسية" الذي يُختَتَم اليوم السبت 18 أيار.


زيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية
وفَّرَ المعرض المقام بين 16 و18 أيار، بنسخته الثانية، والذي تنظّمه شركة "برومو تيم" Promoteam بدعم وشراكة مع المركز اللبناني لحفظ الطاقة LCEC وجمعية "صناعة الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط" MESIA، فرصة للجمهور للتعرّف على أحدث تقنيات الطاقة الشمسية والخدمات الصناعية المرتبطة بها، وكيف يمكن الانتقال سريعاً وبسهولة من خيار الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجدّدة. وهو مسار يتّسع أفقه على مستوى العالم، ولا يزال قيد النمو في لبنان.

توزَّعَت الشركات في أرجاء المعرض، وأتاح موظّفوها فرصة تقديم الشروحات المطلوبة عن الخدمات والمنتجات الصناعية. علماً أن بعض الشركات تعمل على مستوى محلّي وبعضها على مستوى الشرق الأوسط، وشركات أخرى على مستوى عالميّ. وتُفاخِر بجودة منتجاتها وخدماتها. ولأنها تعمل وفق مستويات عالية، تصرّ على أن يشتري الزبون "معدات أنظمة الطاقة الشمسية بجودة مرتفعة لأن الذهاب نحو خيارات بجودة أقل، يعني زيادة الكلفة على المدى البعيد. فاستسهال شراء معدات بكلفة أقل، يؤدي إلى نتائج سلبية منها كثرة الأعطال التي تؤدي مع الوقت إلى أكلاف إضافية"، وفق ما يؤكّده شارل الراعي، مدير المبيعات في شركة "صعب" التي تعمل في مجال أنظمة الطاقة.

ويؤكّد الراعي في حديث لـ"المدن"، أن الذهاب نحو معدات بجودة مرتفعة "هو استثمار ناجح على المدى البعيد. ومن الضروري أن تكون الألواح الشمسية والبطاريات بجودة مرتفعة". وينصح الراعي بشراء بطاريات الليثيوم مقارنة مع بطاريات الأسيد والجِلْ. ويرحّب بالتوجّه نحو أنظمة الطاقة لأنها تعني المستقبل، وكل دول العالم تتجه نحو زيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية.


استحداث تأمين على أنظمة الطاقة
انتشار أنظمة الطاقة الشمسية وتزايد الطلب عليها، جعل منها سوقاً واسعاً. وفي الوقت نفسه، هناك مخاطر مرتبطة بهذا المجال، سيّما وأن لا ضوابط أو رقابة ممكنة في ظل انتشار أنواع عديدة من معدات الطاقة.

وشكّلت المخاطر سوقاً لشركات التأمين لابتكار عقود لحماية أنظمة الطاقة. وفي السياق، يشير صاحب شركة Victoire للتأمين، ناجي سلطان، إلى أن "التأمين على أنظمة الطاقة ضروري بسبب المخاطر المحيطة بها". ويلفت النظر إلى أن فكرة عقد التأمين على أنظمة الطاقة، خرجت بالتعاون مع شركات تركيب الطاقة، بعد الاطّلاع على تلك الأنظمة وكيفية عملها والمخاطر المرتبطة بها.

ويقول في حديث لـ"المدن"، أنه "يمكن للأفراد والشركات إبرام عقود التأمين التي تشمل تغطية كل المعدات، من الألواح إلى البطاريات وما إلى ذلك". ويشرح أن الشركة "تعاين نظام الطاقة المُراد التأمين عليه، وتتأكد من أنه مطابق للمعايير السليمة. وإذا كان هناك أي مشاكل، تطلب الشركة من الزبون إتمام المشروع على أكمل وجه قبل توقيع عقد التأمين. ومن الممكن أن ترفض الشركة توقيع العقد في حال رفض الزبون تصحيح الأخطاء". ولمعرفة ما يجب أن يكون عليه نظام الطاقة بالشكل الصحيح، تتعامل شركة التأمين مع شركات متخصصة في هذ االمجال.

ويدعو سلطان الأفراد والشركات إلى إجراء عقود التأمين هذه، سيّما وأن لبنان بلد المخاطر. وأحد أبرز المخاطر التي تصيب أنظمة الطاقة، هي الرصاص الطائش، وهي ظاهرة منتشرة في لبنان.


الحلول فردية
في ظل اتساع رقعة الاعتماد على الطاقة الشمسية، لا تزال الدولة اللبنانية غائبة عن هذا المجال، ما خلا بعض المبادرات المجتزأة التي لا ترقى إلى مستوى العمل الجدّي المفيد للمواطنين. فيبقى بالتالي مجال الطاقة الشمسية، ميداناً جاذباً للأفراد والشركات الخاصة التي تزيد اعتمادها على الطاقة الشمسية وسط غياب خدمات الدولة. علماً أن وزير الطاقة وليد فيّاض، كان قد أشار في وقت سابق إلى أن سوق الطاقة الشمسية في لبنان "قد شهد نمواً جيداً بين العامين 2010 و2020 بخاصة على مستوى تسخين المياه على الطاقة الشمسية، حيث تخطّت مساحة أنظمة تسخين المياه على الطاقة الشمسية 900 ألف متر مربع على كامل الأراضي اللبنانية". وأشار فيّاض إلى أن "رفع الدعم عن أسعار الكهرباء أعطى سوق الطاقة النظيفة والمتجددة دفعا كبيراً، ما جعل حجم مشاريع الطاقة الشمسية المنفذة يتخطى عتبة الـ1500 ميغاواط في حلول حزيران 2024".

ومع الصورة الإيجابية التي يقدّمها فيّاض، تبقى الوقائع مغايرة. فالوزارة على سبيل المثال، أطلقت مسيرة الاعتماد على الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء، لكنها لم تكن ضمن المسار الصحيح. إذ تعاقدت مع شركات خاصة، قبل إيجادها التمويل لإنجاز المشاريع. ما يجعل مشروع الطاقة المشسية على مستوى الدولة، ضرباً من الخيال في الظروف الراهنة للبلد والدولة. وإلى حين حصول تغيير حقيقي على مستوى إدارة الدولة، يتحرّك القطاع الخاص بوتيرة سريعة في مجال الطاقة النظيفة بعيداً من صفقات الدولة.