عيدية التفرغ للأساتذة المتعاقدين طارت.. ولا بدل إنتاجية أيضًا!

لن يفرح الأساتذة المتعاقدون بالجامعة اللبنانية بعيدية التفرغ التي وعدهم بها رئيس الجامعة، والتي على أساسها ألغت لجنة الأساتذة المتعاقدين الاعتصام منذ نحو عشرة أيام. ورغم استحالة انجاز الملف قريباً، ما زالت اللجنة متفائلة بأن ينتهي العمل على الملف في اليومين المقبلين لرفعه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في غضون يوم الجمعة.

رفض معيار الحاجة
كان من المفترض أن يرفع ملف التفرغ إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء قبل نهاية العام الحالي. لكن التعقيدات حول المعايير التي يجب المضي بها لاختيار أسماء الأساتذة ووضعهم وفق التسلسل الزمني في التفرغ أخرت إنجاز الملف. فقد سبق واجتمع رئيس الجامعة مع كل الكليات لإجراء تدقيق نهائي حول الأسماء. لكن ثمة رفضاً للمعايير المطروحة التي على أساساها يتم اختيار الأسماء. فرئيس الجامعة يريد تبدية معيار الحاجة في الكليات، بينما يعتبر البعض أن هذا الأمر يؤدي إلى حرمان مئات الأساتذة من التفرغ لصالح أساتذة جدد جرى التعاقد معهم في السنتين الأخيرتين. كما أنه يؤدي إلى خلل في التوازن الطائفي.

وتقول مصادر مطلعة، لا يوجد قناعة بأن مبدأ حاجة الجامعة حقيقي. بل هو واهٍ لا سيما أنه يوجد أساتذة في الملاك من كل الاختصاصات في كل كليات الجامعة. وقد جرى التعاقد مع أساتذة رغم وجود متعاقدين من الاختصاص عينه. ما يستوجب تبدية معيار "الأقدمية" في التفرغ. فثمة أساتذة متعاقدون مع الجامعة منذ العام 2008 ولم يتفرغوا في دفعة ذاك العام، ولا في دفعة العام 2014 لأسباب سياسية. لذا فأن معيار حاجة الجامعة يؤدي إلى حرمان مئات الأساتذة القدامى من التفرغ، لصالح أساتذة جرى التعاقد معهم بعد العام 2020 وبعدد ساعات يفوق المئتي ساعة، فيما هناك أساتذة بالاختصاص عينه لم يكن مسموح لهم رفع عدد ساعات عقودهم. وهؤلاء ينتظرون منذ أكثر من عشر سنوات رفع عدد ساعتهم، لكن ما حصل أنه تم التعاقد مع أساتذة آخرين بالاختصاص عينه. وبالتالي، الأولوية تكون لمن ما زال يعلم في الجامعة منذ عشرين سنة وليس لمن تم إدخالهم بعقود مصالحة غب الطلب.

عقود مصالحة
وتلفت المصادر إلى أن التريث في رفع الملف إلى وزير التربية عباس الحلبي، الذي بدوره يرفعه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، سببه أنه في حال رفع أي ملف إلى الحكومة غير متفق عليه مع كل القوى السياسية، قد يصار إلى رفضه أو إلى تفريغ جزء بسيط من الأساتذة. فالمعيار الذي يمنع رئيس الحكومة تفريغ كل العدد المطلوب هو مالي. بمعنى أن تفريغ أساتذة جدد يعني تأمين اعتمادات مالية للرواتب ولبدلات الإنتاجية ولصندوق التعاضد وللمعاش التقاعدي. إلى ذلك سبق وطلبت لجنة التربية النيابية، التي تتمثل فيها جميع القوى الحزبية، من رئيس الجامعة الاطلاع على الملف قبل رفعه إلى وزير التربية. وإطلاع النواب على الأسماء ودراسة الملف لناحية التوازن، يجنب الملف أي عرقلة سياسية ممكنة.

التفاؤل في إقرار ملف التفرغ، بعد تقسيمه على أربع دفعات على مدى أربع سنوات، تراجع بسبب عدم التوافق مع رئيس الجامعة على مبدأ التفريغ وفق الحاجة التي تتطلبها الجامعة. فكمية المتعاقدين الذين تعاقدت معهم الكليات كانت كبيرة في السنتين الماضيتين. فرغم قرار الحكومة السابق بوقف التعاقد في القطاع العام، ورفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التعاقد، وُقعت عقود كثيرة. والتحايل على منع التعاقد جرى من خلال الاستعانة بأساتذة ومنحهم عدداً كبيراً من الساعات، من دون عقود، وإجراء عقود مصالحة بعد عام، وتمريرها عبر ديوان المحاسبة. وكانت الحجة لعقود المصالحة أن عدداً كبيراً من الأساتذة هاجر أو تقاعد.

ندوات ثم تعاقد
الطريقة الثانية للتحايل على منع التعاقد جرت من خلال تنظيم ندوات. ففي العام المنصرم بدأت الكليات تستعين بأساتذة لإجراء ندوات للطلاب. وتبين أنها كانت عبارة عن محاضرات. بمعنى أوضح استغل عمداء ومدراء الكليات نظام الجامعة الذي يسمح باستقبال أساتذة لإجراء ندوات، تسجل في ميزانية الجامعة بهذا البند، ويدفع للمستعان بهم من هذا البند. وتبين أن العديد من الأساتذة علّموا أكثر من 150 ساعة تحت بند ندوات، هذا فيما مبدأ الندوات يقوم على استقبال باحث أو محاضر في مسألة محددة لعدد ساعات محدد. ثم جرى التعاقد مع هؤلاء الأساتذة رغم عدم وجود حاجة لهم. وعلى سبيل المثال، في كلية الحقوق لم يعلن عن شواغر العام المنصرم، لأن لا حاجة للكلية لأساتذة. بل العكس صحيح، أي يوجد فائض كبير بأساتذة الملاك، وبالمتعاقدين على مر السنوات. ورغم ذلك أدخل أساتذة جدد، سواء من الذين شاركوا في الندوات أو بوصفهم أساتذة متعاقدين جدداً.

في خلاصة العام، ما زال ملف التفرغ عالقاً في رئاسة الجامعة، بعدما تبين ألا توافق سياسياً على كيفية المضي به. وبعيداً من تخوف المتعاقدين من تفريغ أشخاص غير مستحقين لضرورات سياسية وطائفية، على حساب المستحقين، يمضي المتعاقدون هذا العام من دون حسم ملف منحهم بدلات إنتاجية أيضاً. ويستقبلون العام المقبل من دون حسم رفع أجر الساعة إلى ما بين 800 ألف ليرة ومليون وأربعمئة ألف ليرة، حسب رتبتهم. فهذا الملف مرتبط أيضاً بالتفرغ.