فرونتسكا تغادر بيروت السبت المقبل: لا أخاف على لبنان

صباح السبت المقبل وبعد ثلاث سنوات بحلوها ومرّها، امضتها في لبنان ممثلة  اعلى هيئة اممية، تقفل المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا باب مكتبها في مقر الـunscol  في اليرزة للمرة الاخيرة وتغادر الى مطار رفيق الحريري الدولي عائدة الى بولندا، بلدها الذي لطالما ذكّرت الاعلاميين في "جمعاتها" المحببة  معهم به كنموذج أمل، وقد عانى ما عاناه من حرب مدمّرة نهض منها كطائر الفينيق ، وأعاد بناء الدولة.

الدبلوماسية اللبقة، الانيقة ، المُحِبة للبنان وشعبه والمؤمنة بقيامته من تحت انقاض ازماته، تتسلح بالامل وترفض اليأس والاستسلام، فالحياة رغم ظلامتها تستحق أن تُعاش من أجل ذاك البصيص من نورالذي لا بدّ آتٍ ليبني شباب هذا الوطن دولة على طرازهم . دولة تشبه احلام من هاجر بحثا عن عيش لائق ومستقبل واعد، دولة بكل بساطة تشبه لبنان الامس الذي كان قبلة انظار دول تسعى وما زالت للتشبه به.

في آخر حديث ادلت به لـ"المركزية" قبل سفرها، اسهبت فرونتسكا في شرح غنى تجربتها المتنوعة في لبنان كبلد يتمتع بخصوصية التعددية الديموقراطية والثقافية  والدينية ، وما اكتسبت من خبرة من خلال موقعها كدبلوماسية متعددة الاطراف نسجت علاقات مع كل السفراء وسعت الى توضيح طبيعة مهمتها في unscol والدور الذي تضطلع به بدءا من اعداد ورفع التقارير الدورية حول تنفيذ  القرارات الدولية وليس انتهاء بتحضير ارضية ابرام الاتفاقيات اللبنانية-الدولية على غرار ترسيم الحدود. "انا انفذ مهمة دبلوماسية القيم"تقول فرونتسكا. "قيم وجدت الكثير منها في هذا البلد الذي يملك طاقات بشرية ممتازة لا بدّ ستخلق ظروفا أفضل تؤسس لاخراجه من ازماته المتناسلة ليستعيد موقعه في المنطقة ، والسبيل الافضل في رأيي من خلال ميزة الديموقراطية كانتخاب رئيس جمهورية وتـأليف حكومة مكتملة المواصفات ورسم خريطة طريق اصلاحية في أسرع وقت لأن ثمة دول في المنطقة تتطور وتتقدم  بسرعة فائقة وقد تأخذ دور لبنان،فلا يجوز ان يبقى ازاءها في حالة من التراجع . هو يملك سمعة تاريخية ثقافية توجب عليه ان يعيد بناء مستقبل افضل. كيف؟ باتفاق سياسي على الرؤية المستقبلية واين يريد الللبنانيون ان يكون وطنهم بعد عامين او ثلاثة . واكرر ان انتخاب رئيس يؤثر ايجابيا في هذا السياق، ويعطي بصيص امل بإمكان نهوض البلد".

من خلفية حبها للبنان الذي درست تاريخه وزارته ثلاث مرات قبل تعيينها في منصبها الأممي ، تؤكد "انا لا اخاف على لبنان فشعبه خلّاق مبتكر ابداعي اعتاد المنافسة ، لكن يهمني ان يبقى كما درست عنه في الجامعة، لؤلؤة بيضاء في المتوسط . جلّ ما يحتاجه ارادة سياسية وجهود على مستوى كل لبنان، كيف يستعيد الشعب  وبخاصة الفئة الشابة،  ثقته بالدولة وبوابتها الشروع في الاصلاحات. شباب لبنان لديه احلام واسعة لمستها من خلال لقاءاتي المتعددة به وسلسلة مشاريع نفذناها معا، وأثق بأن طاقاته الفريدة ستجد فرصة كبيرة  في مجال اعادة بناء بلدهم بمساعدة دول تبدي اهتماما به. حتى من هاجر منهم بحثا عن تحقيق احلام ليست متوافرة هنا اليوم ، سيعود لأنه لن يجد في الخارج ميزات لبنان وقيمه وثقافته الرائعة".

في عالم السياسة، تؤكد فرونتسكا  ان ثمة حلا دبلوماسيا وسياسيا للبنان وان جهود المجتمع الدولي ستفضي الى تطبيق القرار 1701 لأنه السبيل الوحيد لحماية لبنان واسرائيل من اي حرب ، فالتركيز منصب على كيفية مرافقة لبنان في اتخاذ قراراته ووجوب وضع مصلحته العليا فوق اي مصالح اخرى سياسية او حزبية حفاظا على "المعجزة اللبنانية"، يساعد في ذلك دور الاجهزة العسكرية والامنية الذي ما زال طليعياً، وانا ركزت في السنوات الاخيرة على وجوب دعم الجيش اللبناني وهو ما حصل فعلياً، كما اسهمنا في تسهيل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وكذلك في نجاح الانتخابات البرلمانية عام 2022 من خلال الدعم المقدم من وكالات الامم المتحدة  لانجازها ، اما الانتخابات البلدية فنأسف لعدم حصولها لأنها كانت لتخلق ديناميكية جديد" .

هل تعتقدين ان برلمان الـ2022 سينتخب رئيسا للجمهورية؟ ترفض المنسقة الاممية الخوض في التوقعات لكنها تشجع القوى السياسية كافة على انتخاب رئيس في اسرع وقت ، "هذا وقت للمسؤولية الوطنية لا الاستفادات الشخصية، ومن حق اللبنانيين ان يبحثوا عن مستقبلهم بعيدا من تطورات الإقليم، فهم ان اتخذوا القرار نتيجة المناقشات بين بعضهم البعض  لا سيما المطلوب من مواصفات  للرئيس العتيد في مرحلة تاريخية ، يمكن ان ينجحوا . واذ تشجع السياسيين على التفكير الاستراتيجي، تشدد على وجوب تحمل المسؤولية الوطنية والبحث عن لبنان المستقبل ، لأن لبنان اليوم لم يعد قادرا على تحمل كمّ الازمات، وغير جائز ان تبرم اتفاقات وتسويات كبرى في المنطقة من دونه، فتجهزوا ، ليكون لبنان شريكا قويا في اي مفاوضات يتم الدفع بقوة راهنا في اتجاه بلوغها.

وتختم برسالة الى اللبنانيين: هذا الوقت المناسب لخطوة لبنانية لا بدّ منها، فلا تضيّعوا الفرصة. اشجع كل اللبنانيين من كل الطوائف على البحث عن مصلحة لبنان اولا. هذا بلد الرسالة والتعايش بين كل المكونات ويجب ان يبقى كذلك. القرار في يدكم ، خصوصا من خبروا من بينكم ايجابيات هذا التعايش والتآخي. وظفوا طاقاتكم الايجابية لاستعادة دور لبنان الرائد فلا تستسلموا للظروف الصعبة ولا تيأسوا بل احلموا ...احلموا بلبنان افضل.