قرار تاريخي ينتظر أولمبياد 2024

ستحقّق الألعاب الأولمبية الحديثة التي كان يُنظر إليها في بداياتها على أنها "احتفال بقوّة الرجال" دون مشاركات السيدات، المساواة بين الجنسين للمرّة الأولى في نسخة باريس هذا العام، وذلك بعد مرور 128 عاماً على نسختها الأولى.

عندما أعاد البارون الأرستقراطي الفرنسي بيار دو كوبرتان احياء هذا الحدث اليوناني القديم أواخر القرن التاسع عشر، رأى فيه احتفالًا بالألعاب الرياضية للرجال، معتبراً بان "التصفيق النسائي كان بمثابة المكافأة له".

في عام 1924، وفي آخر مرة أقيمت فيها الألعاب الأولمبية في باريس، كان 4 في المئة فقط من المتنافسين من الإناث، واقتصرت مشاركتهن في الألعاب الرياضية التي تًعتبر مناسبة لهن، مثل السباحة وكرة المضرّب والكروكيه.

وقالت مديرة اللجنة الأولمبية الدولية المسؤولة عن المساواة بين الجنسين ماري سالوا للصحافيين حول ألعاب باريس 2024، في اليوم العالمي للمرأة في آذار/مارس الماضي "للمرّة الأولى في تاريخ الألعاب الأولمبية، سنحقّق المساواة بين الجنسين في المنافسات".

ويأتي هذا الإنجاز نتيجة للارتفاع المتزايد لمشاركة الإناث في كل دورة ألعاب، ما يعكس الاتجاهات المجتمعية الأوسع في معظم أنحاء العالم والتي فتحت تدريجياً مجالات مخصّصة للذكور فقط من المناصب في مجلس الإدارة إلى حق التصويت.

واضافت سالوا "احتجنا الى وقت طويل جداً حتى نصل أخيرا إلى 44 بالمائة (من النساء) في لندن في عام 2012، وهي النسخة الأولى التي استطاعت فيها النساء المشاركة في جميع الألعاب الرياضية، ثم 48 بالمائة في طوكيو (عام 2021)".

للرجال فقط

كانت الحواجز أمام النساء عالية جداً لدرجة أنهن اضطررن إلى المنافسة في "الألعاب الأولمبية النسائية" الرديفة في عشرينيات القرن الماضي، قبل أن تجعل اللجنة الأولمبية الدولية مشاركة النساء تحت كنفها.

في عام 1928 في أمستردام، سُمح لهن بالمنافسة في ألعاب القوى للمرّة الأولى، لكن مشهد العداءات المنهكات بعد نهائي سباق 800 متر أذهل المتفرجين الذكور لدرجة أنه تم استبعادهن مرة أخرى.

وحتى عام 1968 وبعد مرور أربعين عاماً، مُنعت النساء من المنافسة في أي سباق تزيد مسافته عن 200 متر، وحتى في عام 1976، كانت المنافسات النسائية لا تشكّل سوى ربع البرنامج الأولمبي.

وبعد أن اعتبرن لفترة طويلة غير قادرات على التعامل مع المتطلبات البدنية للماراثون، سُمح لهن بالمشاركة للمرة الاولى في ألعاب لوس أنجليس عام 1984. وقال رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، البريطاني سيباستيان كو، مؤخراً في باريس "قطعنا شوطاً طويلاً خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً".

أوقات الذروة

لن يتساوى عدد الرجال والنساء المشاركين في أولمبياد باريس فحسب، بل ستُعطى أهمية أكبر للأحداث النسائية.

فبدلاً من أن يكون سباق ماراثون الرجال الحدث الأبرز في رياضة ألعاب القوى، قبل الحفل الختامي كما درجت العادة، سيكون هذا الحدث مخصصاً لماراثون السيدات بدلاً من ذلك.

وأضافت سالوا: "بذلنا الكثير من الجهد لتنظيم الأحداث النسائية لضمان ظهورها، أي خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما يكون هناك عدد أكبر من المشاهدين، أو خلال أوقات الذروة".

بالنسبة لحفل الافتتاح، اقترحت اللجنة الأولمبية الدولية أيضاً على كل وفد وطني ترشيح اثنين من حاملي العلم، رجل وامرأة.

واعترفت سالوا بأن رياضة النخبة لا يزال أمامها الكثير من العمل لتحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين.

ومن بين طاقم التدريب في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو، كان 13 في المئة فقط من المدرّبين من النساء.

وتظل الإدارة الرياضية ذات أغلبية ساحقة من الذكور، بما في ذلك في الوفود الأولمبية الوطنية وفي الاتحادات التي تدير الرياضة.

ولم يكن لدى اللجنة الأولمبية الدولية مطلقًا قائدة نسائية، ولا يزال عدد أعضائها المؤلف من 106 مندوبين يصوّتون على القرارات الرئيسة، 59 بالمئة منهم من الذكور.

لكن المنظّمة ضمنت المساواة بين الجنسين في لجانها الداخلية وزاد عدد الأعضاء النساء بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

وختمت سالوا: "اللجنة الأولمبية الدولية بحاجة إلى أن تكون نموذجاً يُحتذى به وأن تكون قدوة".