قنابل موقوتة على أبواب الشتاء... كيف نمنع حدوث "منصورية" جديدة؟

بعد كارثة انهيار بناية المنصورية، وما رافقها من مشاهد الانهيارات التي تتكرر مع حلول فصل الشتاء وهطول الأمطار بشكلٍ كبير، تعود إلى الواجهة إشكالية سلامة المباني في لبنان.

انها القضية التي تطرح نفسها سنوياً من دون أية معالجة مسؤولة تصل إلى حلٍ تنهي المأساة. 

رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات، أنديرا الزهيري، أشارت في حديثٍ إلى جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّ "الأبنية القديمة التي تجاوز عددها الآلاف أبنية مهددة بالسقوط. ولا زلنا نتمسّك بضرورة إجراء مسح فعلي وجدّي من خلال البلديات. وقد أطلقنا هذه الصرخة حيث كان لبنان في مرحلة استقرار وثبات معيشي واقتصادي نوعاً ما."

وأكّدت الزهيري "أننا استندنا في أرقامنا لجهة إحصاء الأبنية الآيلة للسقوط بناءً على مبادرات فردية لمهندسين وجمعيات".

تابعت الزهيري "وقتها أفادوا أنّ الأبنية القديمة، والتي يتجاوز عمرها أكثر من 80 سنة، عددها صادم على جميع الأراضي اللبنانية. وغابت عنها الصيانة الدورية، أو أُهملت بسبب قوانين الإيجارات القديمة، أو هُجِّر أصحابها، أو لأنّها تدخل في التصنيف التراثي حيث لها قيود في ترميمها أو تدعيمها وتتراوح ما بين 16 ألفاً و 18 ألفَ مبنى واعتُبروا ضمن الأبنية الآيلة للسقوط أو القنابل الموقوتة". 

وكانت قد كشفت دراسة عن مسح جزئي لأبنية بيروت المتضررة من كارثة المرفأ 4 آب، وقد تضرّرت، جزئياً أو كلياً، 8 آلاف وحدة.

وقالت الزهيري إنّ "ليس هناك مبررٌ لأي جهة مسؤولة ورسمية أن تتجاهل أماكن سكن مواطنيها، وخصوصاً قبل الأزمة من 4 سنوات، لأنّ الضرائب والرسوم التي كان يدفعها المواطن كافية أن تحمي وترمّم وتدعّم أي بناء يشكّ في أنّه معرضٌ لخطر الانهيار والهدم."

وأضافت "كان من الأجدر قيام البلديات، من خلال دائرة الهندسة لديها، أن تجري مسوحات أقلها للأبنية التي يتجاوز عمرها 50 سنة. والجهة التي يجب أن تتحمل المسؤولية هي الجهات الرسمية والبلديات في البداية من خلال غياب جدّية المسح والإهمال والتقصير".

أمّا في ما خصّ التغيّر المناخي الذي يستدعي مواكبته، قالت الزهيري: "لا يمكن أن نتجاهل العامل المناخي الذي لاحظه جميع سكّان الأرض بسبب الخلل لكيفية التصرف حيال الكوارث الطبيعية: الزلازل والهزّات، والفيضانات، وانهيار التربة وانخساف الأرض. وهذا التغيّر الملحوظ الواجب استدراكه يوجب إعادة النظر في بنيوية المواد المستخدمة وجودتها ومدى تحمّلها لهذا التغيّر المناخي".

وأكملت الزهيري "هذا يتطلب جهات متخصّصة للتعديل، واستخدام مواد بناء وهيكلة هندسية تتأقلم مع التغيّر المناخي المخيف في العالم" 

وتحدّثت الزهيري عن توجّه قانوني، وبمعيّة وتوجيه من جهات فنية متخصصة، وفي حال عدم تجاوب البلديات بشكلٍ فعلي، القيام بتأليف لجان أهلية في كل منطقة عقارية من الفئة الشبابية ذات التخصّص الهندسي، وبدعوة من مخاتير كل محلة، أن يقوموا بإجراء فني، وكشف وتنظيم محاضر، ووضع لجان موزعة بين إزالة رواسب الأتربة والنفايات، واستحداث طريقة تخفف تدفّق سيول الأمطار وتحديد الأبنية بين الأكثر خطورة والأقل خطورة،  وتوجيه الناس في كيفية التعاطي مع مثل هكذا حالات تبدأ من طريقة الإخلاء والاحتماء.

ولجهة دور المواطن في هذا الشأن، ختمت الزهيري: "نتمنى أن يدرك كل مواطن حقوقه وواجباته، وأن لا ينتظر قانون احترام حق الغير، أو الالتزام بمعايير السلامة العامة، والتصرّف بمعايير الإنسانية الهادفة والمتمدنة والتي تحفظ الحقوق والحريات والسلامة العامة."