قوى الأمن الداخلي في عيدها الـ 163: تحسين الرواتب أولوية وفارّون يعودون

احتفلت قوى الأمن الداخلي بعيدها الـ163 وهي تعاند الأوضاع المتردية بهدف الاستمرار في مهماتها بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي أطاحت المرتكزات الاساسية للإدارات العامة. فما أحوال قوى الأمن اليوم؟ وكيف تتدبر أمورها؟

يشير البيان الصادر عن قوى الأمن الداخلي في نهاية المرحلة الأولى من الخطة الأمنية التي بدأت الشهر الفائت الى تراجع نسبة الجرائم، بخلاف الأوضاع الصعبة التي تعانيها الأجهزة الأمنية اللبنانية.

عام 2018 كانت آخر دورات التطويع في قوى الأمن الداخلي، وبعدها صدر قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2019، ونص في مادته الـ80 على وقف جميع حالات التوظيف والتعاقد في الإدارات العامة، بما فيها القطاع التعليمي والعسكري والأمني بمختلف تسمياته واختصاصاته تحت التسميات كافة.


وسمّت تلك المادة وقف "كل متعاقد، ومياوم، وشراء خدمات، باستثناء الإنفاق ضمن حدود الاعتمادات المخصصة لكل إدارة، والعقود التي تجدد سنوياً أو ما شابه في القطاع العام، بما فيها عملية التطويع بدل المحالين على التقاعد".

فالمحالون على التعاقد في قوى الأمن يصل عددهم الى 700 سنوياً، وبالتالي تكون الحاجة الى مثل هذا العدد على الاقل كل عام ، فضلاً عن حالات الفرار من الخدمة والتي ناهزت الـ1000 عنصر ورتيب وضابط خلال السنوات الأخيرة، وذلك بعد فقدان الرواتب قيمتها الشرائية بسبب تدهور مريع في قيمة الليرة أمام الدولار.

ولكن في العام الحالي، وتحديداً في شباط الفائت، وافقت الحكومة على اقتراح #وزارة الداخلية والبلديات تطويع 800 عنصر في قوى الأمن الداخلي بصفة فرد متمرن، على أن يتم اختيارهم من بين الذين تقدموا بطلبات تطوع وخضعوا لفحص الصحة العامة والرياضة البدنية والاختبار الخطي، ولا يزالون يستوفون الشروط.

تلك الدورة تعدّ الاولى منذ 6 سنوات ولا سيما بعد تراجع عديد قوى الأمن الداخلي من 30000 الى 22000 ألفا.

أسباب تراجع العديد كانت الإحالة على التقاعد وكذلك حالات الفرار، وهي عدوى امتدت الى الأجهزة الأمنية كافة بما فيها الجيش، خصوصاً بعد تراجع الرواتب وفقدانها قيمتها، إذ تراجع راتب العنصر في قوى الأمن من نحو 800 دولار الى 250 دولارا، مع العلم ان موازنة العام الحالي تصل الى نحو 25 الف مليار ليرة يخصص منها أكثر من 6 آلاف مليار للرواتب، فيما يخصص أقل من 19 ألف مليار لتغطية كل مصاريف المديرية، وهو رقم متواضع مقارنة بحاجات ذلك الجهاز الأمني الضخم.

إمكانات قليلة ومهمات كثيرة
ليس غريباً أن تنعكس الأزمات ارتفاعاً في نسبة الجرائم، وخلال الأزمة المستمرة والتي بدأت عام 2019 ارتفعت نسبة جرائم القتل والسرقة والسطو المسلح في انعكاس لتدهور الأوضاع الاقتصادية والبحث عن مصادر مالية بطرق غير مشروعة.

لكن اللافت كان تراجع نسبة الجرائم بمعدل 22 في المئة في الفترة الأخيرة، على الرغم من الظروف الصعبة التي تواجهها قوى الأمن الداخلي، وهي الظروف التي دفعت مئات العناصر والرتباء الى الفرار.

بيد أن قيادة قوى الأمن عمدت الى تخفيف التدابير بحق الفارين لتشجيعهم على العودة الى السلك، وبعضهم استجاب وعاد بعدما تحسنت نسبياً التقديمات الطبية والاستشفائية، وتبرعت دولة الإمارات العربية المتحدة بتأمين الأدوية لمعظم الأمراض، بما فيها المزمنة.

أما قطاع الاستشفاء، فلا يزال الاتفاق مع بعض المستشفيات قيد التفاوض بعدما أبرمت اتفاقات مع مستشفيات أخرى.

تلك الظروف، وفي مقدمها عدم إعادة الرواتب الى ما كانت عليه قبل عام 2020، لم تمنع من تنفيذ المهمات المكلفة القيام بها قوى الأمن الداخلي، بحسب ما تدل عليه الإحصاءات التي تنشرها عن معدلات الجرائم، وقد انخفضت جرائم سرقة السيارات والسرقة وجرائم القتل والنشل بنسبة 22 في المئة، وارتفعت أعداد الموقوفين بمختلف الجرائم بنسبة 36 في المئة، إضافة الى ارتفاع عدد المحاضر في مخالفات السير بنسبة 56 في المئة.

الثابت فهو أن أوضاع العسكريين في قوى الأمن الداخلي أسوة بنظرائهم في الأسلاك الأخرى، لم تعد كما كانت قبل عام 2020 ،علماً أن لا مساعدات مالية خارجية لقوى الأمن، وعليه فإن تنفيذ المهمات في هذه الظروف يصفه البعض بـ"البطولة" نظراً الى ترهل الإدارات العامة، وفي المقابل ظلت قوى الأمن الداخلي تقوم بمهماتها على الرغم من الظروف السيئة على الصعد كافة.