كورونا تحرم أميركا نفطها… الخام تحت الصفر للمرة ‏الأولى

‎تحولت العقود الآجلة للنفط الأميركي لأقرب استحقاق خلال التعاملات أمس، إلى سلبية ‏للمرة الأولى في التاريخ مع امتلاء مستودعات تخزين الخام وهو ما يثبط المشترين، بينما ‏ألقت بيانات اقتصادية ضعيفة من ألمانيا واليابان شكوكاً على موعد تعافي استهلاك ‏الوقود‎.‎‎ ‎
وهبطت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط للتسليم في أيار 55.90 دولاراً، ‏أو 306 في المئة، إلى ناقص 37.63 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 18:34 بالتوقيت العالمي. ‏كما تراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 9.2 في المئة إلى 25.43 دولاراً للبرميل.‎ ‎
وكان الخام الأميركي قد هوى إلى عشرين سنتاً للبرميل في تعاملات الاثنين، ثم إلى أقل ‏من الصفر ليواصل سلسلة خسائره التاريخية. وأفادت وكالة "رويترز" إنه للمرة الأولى على ‏الإطلاق يضطر البائعون لأن يدفعوا للمشترين من أجل أخذ عقود آجلة للنفط‎.‎‎
وتعرضت سوق النفط لضغوط شديدة بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، مع انخفاض ‏كبير في الطلب. وتكافح مرافق التخزين الأميركية للتعامل مع وفرة النفط، مما يضعف ‏الأسعار أكثر‎.‎‎
كما أظهرت بيانات رسمية أمس، تراجع صادرات السعودية من النفط الخام في شباط ‏الماضي إلى نحو 7.278 ملايين برميل يومياً، مقارنة مع 7.294 ملايين برميل يومياً في كانون ‏الثاني الماضي‎.‎‎ ‎
ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن وحيد علي كبيروف الرئيس التنفيذي لشركة "لوك أويل" -ثاني ‏أكبر منتج روسي للنفط- أن الشركة ستقلص إنتاجها بمقدار أربعين ألف برميل يومياً، في ‏إطار اتفاق عالمي‎.‎‎ ‎
وكانت مجموعة "أوبيك +" اتفقت على تقليص الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يومياً في ‏أيار وحزيران المقبلين، نظرا لانخفاض الطلب جراء انتشار فيروس كورونا، والتنافس ‏المحموم على زيادة الإنتاج بين روسيا والسعودية‎.‎‎ ‎
وقفزت العقود الآجلة الأميركية للغاز الطبيعي نحو 10 في المئة، مسجلة أعلى مستوى لها ‏في ستة أسابيع بفعل القلق من أن انتاج الغاز سينخفض بينما تغلق شركات الحفر آبارا ‏نفطية في الأحواض الصخرية بسبب تحول أسعار الخام الأميركي إلى سلبية للمرة الأولى. ‏وتنتج تلك الآبار النفطية الكثير من الغاز‎.‎‎ ‎
وأشار متعاملون أيضا إلى توقعات بأحوال جوية باردة وارتفاع في الطلب على التدفئة ‏الأسبوع المقبل على رغم أن التوقعات الطويلة الأجل توحي بأن استخدام الغاز سيهبط ‏بسبب إجراءات العزل العام الهادفة لإحتواء تفشي كورونا.‎ ‎
ومع الانهيار التاريخي لسعر الخام الأميركي، قفزت أسعار الذهب بما يصل إلى واحد في ‏المئة بعد أن سجلت في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى لها في أكثر من أسبوع، مما ‏يدفع المستثمرين إلى التماس الآمان في المعدن النفيس‎.‎
‎وسجل سعر الذهب للبيع الفوري 1689.80 دولاراً للأوقية (الأونصة) في أواخر جلسة ‏التداول، مرتفعاً 0.33 في المئة عن الإغلاق السابق بعد أن سجل في وقت سابق أدنى ‏مستوى له منذ 9 نيسان عند 1670.55 دولاراً. وصعدت العقود الآجلة الأميركية للذهب 0.7 ‏في المئة لتبلغ عند التسوية 1711.20 دولاراً للأوقية‎.‎‎
تعليقا على ما حصل، يؤكد الأمين العام لـ"اتحاد البورصات العربية" الدكتور فادي خلف ‏لـ"النهار" ان الانخفاض الهائل على سعر برميل النفط الخفيف الاميركي نتيجة تنفيذ عقود ‏أجلة اتت على استحقاقها هذا المساء ولم تجد من يستلمها لتعذر إيجاد مكان لتخزينها نتيجة ‏الفائض الكبير في المخزونات، اضافة الى ان خفض الانتاج السعودي والروسي من النفط ‏لم يتمكن من تغطية تراجع الطلب العالمي نتيجة انتشار وباء كورونا. وامام هذا الامر، ‏انهارت الاسعار الى مستويات سلبية. وللمرة الاولى على الاطلاق يضطر البائعون ان ‏يدفعوا للمشترين مقابل عرض نفطهم، ويبقى السؤال الابرز بالنسبة لخلف:" هل سنواجه ‏المشكلة ذاتها لعقود الاجل لشهر حزيران التي تسجل حاليا مستويات تقارب 20 دولارا ‏خاصة في حال استمر فائض العرض والاحتياطي وتبعات فيروس كورونا؟ ‎
بدوره يعتبر الخبير الاقتصادي مروان مخايل ان سعر برميل نفط غرب تكساس، عقود ‏الشراء المستقبلية لشهر أيار هي التي تراجعت الى دون الصفر للبرميل والسبب الاساسي ‏هو التراجع العالمي على الطلب في الوقت الذي سجلت فيه الاحتياطات الاميركية من ‏النفط مستويات قياسية، وهو ما أجج المخاوف بين التجار مع انتهاء العقد الشهري الثلثاء ‏وهو أخر يوم لتسلم النفط بالنسبة للعقود الحالية. توزايا وصلت الاحتياطات الى مستويات ‏قياسية ولا امكنة إضافية لتخزين المزيد من النفط، مع تراجع قياسي في الطلب. ‏فالمخزونات ارتفعت نحو 50% منذ مطلع آذار، وقد إمتلأت الخزانات قريباً، ما أجبر التجار ‏على طرح النفط بهذه الاسعار، ولكن ما يجب التأكيد عليه، ان هذه العقود هي عقود بيع ‏شهر آيار، أما بالنظر لعقود النفط لشهر حزيران فما زالت قرب سعر 20 دولارا للبرميل. ‏ويؤكد بعض المحللين ايضا ان هذه الخسائر عبارة عن خسائر تجارة براميل ورقية وليست ‏حقيقة، ولن يتم بيع اي نفط عند هذه الاسعار‎.‎