لا هدية من لبنان لقمة النورماندي

توصلت اللجنة الخماسية التي تضم سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة السعودية وقطر ومصر الى الخلاصة التي كان انتهى اليها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان قبل اشهر عن عدم قدرة المرشحين الاساسيين سليمان فرنجيه وجهاد ازعور على الحصول على الاكثرية الضامنة للوصول الى الرئاسة.

قد لا تكون هناك حاجة الى المزيد من الاجتماعات نتيجة وصولها الى خلاصات تتطلب تجاوب القوى السياسية اما اقتناعا او عبر الضغط عليها.

هذه الخلاصات يمكن اختصارها بان لا مجال لان يكون الرئيس المقبل منتميا الى فريق سياسي او محسوب على تيار سياسي ولا يمكن ان ينتخب ب65 صوتا فقط ولا يستطيع ان يحكم لصالح اي فريق على حساب اخر فيما انه يجب ان يحظى بالثقة الداخلية والقدرة على ادارة علاقات ثقة واحترام مع جوار لبنان العربي والاقليمي على غير تجارب رئاسية اضرت بهذه العلاقات.

يعرف رئيس مجلس النواب نبيه بري ذلك كما يعرفه "حزب الله" وكل القوى السياسية في ظل تواصلهم مع اعضاء اللجنة ولكنهم يتمسكون بالأوراق التي بين ايديهم للمساومة عليها والحصول على الاثمان التي يريدونها اولا ومن ثم ثانيا، لم يشعر الممسكون بالاوراق الرئاسية على اختلاف فئاتهم ان التعطيل الرئاسي ومنع حصول الانتخابات قد اصبح مكلفا لهم بعد اكثر بكثير من انتخاب رئيس للجمهورية. لم تكن اطلالة رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه التلفزيونية قبيل وصول لودريان عفوية من اجل التأكيد ان الامور لا تزال مكانها وستبقى تراوح في المكان نفسه حتى اشعار اخر. كانت الرسالة الواضحة التي اريد ايصالها الى لودريان الذي زار بيروت ليرفع تقريرا الى رئيسه قبيل القمة الفرنسية الاميركية المرتقبة في النورماندي في 8 حزيران. لم يكن متوقعا ان تقدم ايران على الاقل هدية الى الرئيس ايمانويل ماكرون في حال ارادت ذلك فعلا وليس هذا هو التوقيت الملائم وليس حتى الى ركني القمة الاميركي والفرنسي. والكلام على ايران ليس تقليلا من اهمية " حزب الله". اذ حين وجه سؤال الى احد سفراء الخماسية كيف يعتقدون ان هذه المجموعة يمكن ان تحقق نجاحا اذا لم تتواصل على نحو تفصيلي مع ايران. اجاب ان الامر يتم فعلا عبر التواصل مع الحزب الذي يمثلها ويعبر عنها وتاليا فانها موجودة .

طوت ايران بسرعة ملف وفاة رئيسها ابرهيم رئيسي ووزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان فيما العالم يراقب عن كثب تداعيات ذلك وانعكاساته وعلى نحو اثار اعجابا ديبلوماسيا اجنبيا معينا للطريقة التي ادارت بها ايران الموضوع من دون ان تثير الشارع الايراني سلبا او تبالغ في مخاوفها .وهناك رسائل متناقضة تصدر عنها ربما من ضمن اللعبة التنافسية الداخلية التي بدت لافتة مع نشر وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني مقالات باللغة الإنكليزية واللغة الفارسية في 29 أيار تناقش كيف قدمت إيران المعرفة التقنية والمواد إلى الحوثيين لمساعدتهم على بناء صواريخ باليستية مضادة للسفن.وهذا الامر لافت كون ايران نادرا ما اعترفت بتقديم الدعم بالسلاح للحوثيين. وأضافت أن الحوثيين يشكلون تحديات خطيرة للولايات المتحدة وإسرائيل بسبب هذه القدرات. وفي الوقت نفسه كان القائم باعمال الخارجية الايرانية علي باقر كني " ان تبادل الرسائل لم ينقطع قط مع الولايات المتحدة وهي مستمرة ". وقد لا يعدو ذلك صراعا تنافسيا في المرحلة الانتقالية ولكن له انعكاساته ايضا في المنطقة.

تفشل فرنسا والخماسية مجددا في فصل ازمة لبنان الرئاسية عن التطورات في المنطقة. والتوقيت الملح الذي تريد فرنسا ودول الخماسية ان يستغله لبنان خلال الشهرين المقبلين يستنزفه عدم رغبة الحزب باظهار مؤشرات قد تتم قراءاتها على انها تنازل او ضعف نتيجة المرحلة الانتقالية في ايران في الدرجة الاولى او ربطا بمؤشرات مماثلة في ما يتعلق بالحرب القائمة في الجنوب . والعنصر الداخلي الاعمق لاستمرار الازمة هو الكباش المسيحي الشيعي المستمر والذي يتبلور اكثر فاكثر على وقع اصرار الثنائي على دور بري الذي تراه القوى المسيحية مستحوذا على صلاحيات رئيس الجمهورية على نحو يكرس عرفا لرئيس المجلس لن ترغب هذه القوى في تثبيته.