لبنان ضُرِب وإسرائيل تدخل العُمق العربي فماذا عن المخزون الغذائي والطبّي الاستراتيجي؟

قد يكون الوقع السياسي للتنبيه الذي صدر عن "البنك الدولي" أمس، في ما يتعلّق بالأزمة الإقتصادية اللبنانية، أهمّ من (الوقع) التقني. وهو يلتقي مع ما قاله المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش بُعَيد زيارته وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، أمس أيضاً، إذ يُمكن تشبيه ما صدر عن هذا وذاك، بـ "طحشتَيْن" دوليَّتَيْن الى الملف اللبناني، تثبّت المعلوم، وهو أن لا مفرّ لأي حكومة جديدة من الإصلاحات، مهما حاول البعض أن يهربوا منها، لألف سبب وسبب.

بسرعة

فـ "البنك الدولي" أشار الى أن الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان جعلت الإقتصاد عرضة لكساد شاق وصفه بـ "المُتعمَّد"، والى "افتقار مقصود" إلى إجراءات سياسية فعالة من جانب السلطات اللبنانية، أدى إلى تعريض الإقتصاد لكساد شاق وطويل، و(أشار) الى إخفاق سلطوي لبناني في احتواء الانهيار"، داعياً إلى تشكيل حكومة تنكبّ على تنفيذ برنامج إصلاح شامل بسرعة.

وبدوره، تحدّث كوبيتش عن تشكيل حكومة ذات كفاءة، تضع نصب أعينها الإصلاحات، في أسرع وقت.

قاسية

أشار مصدر مُطَّلِع الى أن "الكلام الدولي هذا، وإن اتّسم بهدوء أكبر من اللّهجة الأميركية في التعاطي مع اللبنانيين، إلا أنه يأتي من ضمن تأكيد أن الطبقة السياسية المتحكّمة بالشأن اللبناني فقدت أوراق المناورة والتذاكي على المجتمع الدولي، وأن استمرار وضع لبنان في المحور الإيراني هو أمر غير مقبول".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "المؤسّسات المالية الدولية بدأت تنظر الى الآفاق الإقتصادية في الشرق الأوسط مستقبلاً، التي يُمكنها أن تنتج عن المشاريع الإقتصادية المرتبطة بالتطبيع الخليجي - الإسرائيلي. والمؤسف أن نظرة تلك المؤسّسات الى لبنان تتركّز حالياً حول أن لا أمل له بالعودة الى خريطة العالم كدولة مُتكاملة، إلا من خلال شروط قاسية، وهي اتّباع برنامج مع "صندوق النّقد الدولي"، بالإضافة الى تشكيل حكومة تلتزم بالإصلاحات كاملة، وإلا الإنحلال الفعلي". 

رسالة قوية

وأوضح المصدر أن "فرنسا، ومن خلال "المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني"، ترسل رسالة قوية وهي أنه في زمن المحاولات السلطوية اللبنانية للإلتفاف على العقوبات الأميركية، إلا أن الشعب اللبناني لن يجوع، وذلك بمعزل عن الدولة ومؤسّساتها".

وأضاف:"فَقَد لبنان معظم الأدوار التي لطالما ميّزته. فالقطاعات المصرفية والتربوية والصحية والسياحية والخدمات، ضُرِبَت كلّها، ومعها مرفأ بيروت. وحتى إن مطار بيروت بات تحت أنظار العالم، وهو ما يعني أن أبواب ونوافذ لبنان على العالم ضُرِبَت، في مرحلة دخول إسرائيل الى عُمق العالم العربي". 

المخزون الاستراتيجي

وردّاً على سؤال حول أهمية إيجاد إطار واضح للمساعدات الدولية الإنسانية التي يُمكن للشعب اللبناني أن يحصل عليها مستقبلاً، خصوصاً أن لا شيء يؤكّد بدقّة كاملة حقيقة المخزون الاستراتيجي الغذائي والطبي والحياتي المتوفّر في لبنان، وهو ما يجعل هذا المخزون تحت رحمة مشاريع رفع الدّعم، وفي دائرة خطر التلاعُب به بما يُشبه تقلّبات سعر الدولار، أجاب المصدر:"المعالجات الجزئية لم تعُد مُجدِيَة. فمسرحية التدقيق الجنائي كانت واضحة، ولا يُمكن لمجرم أن يتحوّل الى قاضٍ يُحاكم نفسه بنفسه. وبالتالي، لا فائدة من جراء بثّ الوهم حول فوائده (التدقيق الجنائي)، أو حول منافع اجتماعات بحث مستقبل الدّعم. ولا بدّ من التركيز على ضرورة تحييد ودائع الناس في المصارف، عن أي مساس بها مستقبلاً، مهما كانت الحجة لذلك، حتى ولو كانت لأسباب معيشية أو طبية أو حياتية".

وختم:"دخول إيران والنّظام السوري على الخطّ منذ التسعينيات، جعل لبنان يتراجع كثيراً، ويفقد الدور الإقتصادي الإقليمي - الدولي الذي كان مُنتَظَراً أن يلعبه. والإنسحاب السوري في عام 2005، لم يُستكمَل بحُكم لبناني يُعيد إحياء هذا الدور. فآلية تحرير لبنان من القبضة الإيرانية غير متوفّرة على مستوى السلطات اللبنانية، حتى الساعة".