لبنان يطلب "داتا" اللاجئين مجدداً.. ويسلّم ضابطاً منشقاً للنظام

صباح أمس الأربعاء 19 حزيران الجاري، وبلهجةٍ مشوبة بالتهديد، خرج مدير عام الأمن العام بالإنابة إلياس البيسري، بتصريح لعددٍ من وسائل الإعلام اللّبنانيّة، قال فيه إنّ الحكومة "طلبت مجدّدًا من المفوضيّة تزويدها بـ"داتا معلومات اللاجئين" كاملةً تحت طائلة تطبيق "الخطة ب" الّتي أصبحت جاهزة، وسيتم بعدها تحصيل الداتا بأنفسهم". وتدرج التصريح ضمن سلسلةٍ من التصريحات الحكوميّة والحزبيّة المتعلقة بملف اللاجئين السّوريّين، والّتي بُثّت في اليوم نفسه متعاقبةً، بالرغم من التشنّج الذي يعيشه المشهد اللّبنانيّ العام، والمقرون بالتصعيد العسكريّ الموصول في الجبهة الجنوبيّة والتعقيدات السّياسيّة والدبلوماسيّة المواكبة له.

فيما خرجت مصادر حكوميّة أخرى، قائلةً أن اجتماع السراي اليوم سيحمل معه رسالة من الحكومة اللّبنانية لممثل المفوضيّة السّاميّة للأمم المتحدة إيفو فرايسن فحواها "سنبدء بتطبيق جميع القوانين التّي تنصّ على ترحيل جميع السّوريّين غير الشرعيين في لبنان ولن تتهاون الحكومة بهذا الشأن".

اليوم العالميّ للاجئين
والحال، أن مثل هذه التصريحات الّتي لا يندّ عنها شيءٌ، باتت جزءًا لا يتجزأ من الستاتيكو الجاف المتربص بالسّياسة اللّبنانيّة الرسميّة العاجزة عن تنظيم أولوياتها. أما وللمفارقة فإنها جاءت بالتوقيت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالميّ للاجئين (20 حزيران من كل عام) المُخصص لتسليط الضوء على معاناتهم واحتياجاتهم وسُبل الدعم والمساعدة في محنتهم الوجوديّة؛ هؤلاء الذين لحدّ اللحظة لا تعترف السّلطات اللّبنانيّة بهم وتُعاملهم تارةً معاملة "النازح" و"الدخيل" وطورًا معاملة "المخالف والمقيم غير الشرعيّ". فما هي أوضاع اللاجئين السّوريّين في لبنان بالتزامن مع فعاليات اليوم العالميّ هذا؟

اقتلاع وإخلاء قسريّ
تستمر حتّى حينه عمليات الدهم لمساكن ومخيمات اللاجئين السّوريّين، والّتي تُخاض تحت ذريعة الخطة الأمنيّة لتنظيم الوجود السّوريّ. فبعد "العملية الأمنيّة" الّتي نفذتها قوّة من أمن الدولة بمرافقة من البلديّة وآلياتها لإخلاء مخيم 166 للاجئين السّوريّين في قضاء زحلة. حيث تمّ هدم المخيم كاملًا ومن دون إنذار مسبق، مما حال دون تمكن غالبية اللاجئين من إخلاء كافة أثاثهم، وفقًا لتقارير حقوقيّة والّتي نقلت أن هذه العملية جاءت كتلبية لطلب من المستأجر الجديد للأرض، الذي قام بسلسلة من الاعتداءات الجسديّة وإطلاق النار على المخيم، بمساعدة ملثمين مجهولي الهوية. تمّت وبتاريخ 11 حزيران الجاري، عملية إخلاء قسريّ وإزالة لمخيم اللاجئين السّوريّين في قضاء زحلة، نفذتها مخابرات الجيش وشرطة البلديّة في المدينة الصناعيّة، حيث كان المخيم يضم 58 خيمة يعيش فيها 80 عائلة. وشارك بعملية الإخلاء النائب سليم عون (التيار الوطنيّ الحرّ). 

وهذه العملية سبقها بيومٍ واحد، إرسال كتاب من محافظ الشمال رمزي نهرا، إلى المدير الإقليميّ في الشمال، طالبًا منه إخلاء جميع المباني والمؤسسات والمحال التجاريّة الّتي يشغلها لاجئون سوريون في بلدة بكفتين- قضاء الكورة بصورة مخالفة للقانون في مدّة لا تتعدى 12 حزيران الجاري، تحت طائلة إغلاق هذه المباني والمحلات بالشمع الأحمر في حال عدم التقيد. وفي 13 حزيران الجاري، طلب نهرا من المدير الإقليميّ لأمن الدولة في الشمال إنذار اللاجئين السوريين "غير الشرعيين" في منطقة رشعين بقضاء زغرتا، الذين لم يلتزموا بقرار الإخلاء السّابق الصادر عن البلدية بضرورة المغادرة الفوريّة. ومنذ بداية الشهر الحالي، جرى ترحيل العشرات من اللاجئين بعد عمليات دهم مختلفة في مناطق متفرقة وتحديدًا في البقاع والشمال.

إخفاء وترحيل؟
وفي سياقٍ متصل، أفادت مصادر مقرّبة من عائلة الضابط السّوريّ المنشق "النقيب عبدالله عبد السّلام الزهوري" (يتحدّر من منطقة القصير بريف حمص وسط البلاد)، أن السّلطات اللّبنانيّة قامت بترحيله بعد اعتقال مخابرات الجيش اللّبنانيّ له، لأسباب غير معروفة من الخيمة الّتي يقطنها في مخيم الملعب في بلدة عرسال- البقاع الشماليّ، بتاريخ 27 أيار الفائت، حيث وصل خبر لذويه منذ أيام يُفيد بتسليمه إلى قوات النظام السّوريّ مباشرةً ولم يمرّ على الأمن العام حتّى.

وعلمت "المدن" من مقربين من الزهوري، أن أسباب الاعتقال حتّى اللحظة ليست مفهومة، خصوصًا أنّه لاجئ ومُسجل في المفوضيّة ويعمل بمهنة متواضعة، ولم يكن منخرطًا بأي أعمال سياسيّة أو عسكريّة. وذكرت المصادر أنّه وبالرغم من المناشدات المستمرة للمفوضيّة والمنظمات الحقوقيّة لتأكيد أن اللاجئ مُعرض لخطر الاعتقال أو الإخفاء أو الموت، جرّت عملية التسليم لقوات الأسد.